يوميات شاب مسلم: ح ٦ - مش غلطان
بقلم: أحمد حمدى
اذكر يوم كنت فيه مع احد اصدقائى فى النادى وكان ابنه يمشى وسط "الطرابيزات" بـ"العجلة" وكان يبدو على الجالسين شده الضيق منه فهو مزعج وثقيل الظل بينما لا يبدى اهله اى نوع من انواع الاعتراض.
فى اثناء لعبه هذا حاول القيام ببعض الحركات والتى انتهت بسقوطه وبكائه الطويل، فهرعت اليه الام لتهدئه وقامت بتصرف شائع جدا فقالت "الارض الوحشة هى اللى وقعتك" وقامت بضرب الارض. دار بذهنى سؤال هنا.. من منهم يستحق الضرب، الولد المزعج ام الارض التى لا دخل لها بسلوكه ام الاب والام اللذان لم يتدخلا لا يقف ابنهما عن ايذاء الناس.
القت الام اللوم على الارض، وغدا تلقى اللوم على اصحاب ابنها فهى تظنهم من افسدوا اخلاقه، بعده تلقيه على المدرسة فهى تحسد ابنها النابغة. كبر الابن ليلقى اللوم هو على الاستاذ "اللى مستقصده" ولذلك رسب، يلقى اللوم على السائق الاخر، فهو المخطىء، يلقى اللوم على الحظ والتحكيم ان خسر وعلى البنات ان سئل عن سبب معاكسته لهن، ويلقى اللوم على الحكومة فهى سبب الاهمال. لكن المهم انه لم يخطىء هو،....هو دائما برى، هو دائما الضحية. للاسف هذا سلوك شائع فى مجتمعنا فنحن افضل من يلوم غيرنا ان اخطئا. اعتدنا هذه العادة فهى تعفينا من كل انواع المسئولية.
ذكر الله لنا هذا النوع من الناس فى سورة الاعراف {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ}.. [الاعراف : ٣٨]، حتى فى الاخرة يلومون غيرهم على سلوكهم وضلالهم.
وفى هذا السياق نفهم لماذا قال الشيطان فى خطبته الى اهل النار {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.. [ابراهيم : ٢٢].. قالها الشيطان {لاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم} اوقعوا انفسهم فى كل انواع الذنوب والمعاصى ثم لاموا الشيطان. ولذلك فانهم لن يخرجوا من النار حتى يعترفوا بذنوبهم: {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ}.. [غافر: ١١].
هذا السلوك بلا شك سلبى جدا لا يؤدى الى بناء شخصية قوية مستقلة. فكما اشرنا سابقا وسنشير لاحقا الى ان الايمان الصحيح يستر عيوب النفس. الايمان يعلم الصدق ويعلم قوة الشخصية. ان استطعنا الفرار من لوم اهل الدنيا فكيف الفرار من لوم الاخرة. يجب ان يكون المسلمون قدوة لغيرهم لن ينصلح حالنا ان لم نقف ونعترف باخطائنا.
اللهم وفقنا لما تحب وترضى.. واستخدمنا ولا تستبدلنا.
وللحديث بقية.. فى الحلقة الجديدة من سلسلة يوميات شاب مسلم
موضوعات ذات صلة:
- يوميات شاب مسلم.. (الحلقة الأولى: الفرح)
- يوميات شاب مسلم.. (الحلقة الثانية: سنة اولى جواز)
- يوميات شاب مسلم.. (الحلقة الثالثة: جارى ساكن قصادى)
فيديو قد يعجبك: