لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كيف تختار شريك حياتك ؟

08:43 م السبت 11 أكتوبر 2014

كيف تختار شريك حياتك ؟

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربتْ يداك» (رواه الشيخان؛ أخرجه البخاري : [5090] في النكاح ، ومسلم: [1466] في الرضاع).

المفردات:

• الحسب: ما يَعُده الناس من مفاخر الآباء، مأخوذٌ من الحساب ؛ لأنهم كانوا إذا تفاخروا عدُّوا مناقبهم ومآثرَ قومهم، ثم حكَموا لمن كان أكثرهم مناقب وأوفاهم شرفًا.

• والحسب أيضًا: الفِعال الحَسنة؛ كالجود، والشجاعة، وحُسْن الخُلُق، وقد حسُب حسَبًا فهو حسيب.

• وتَرِبت يداه: في أصل كلامهم دعاءٌ عليه، كأنه افتقر حتى لُصِق بالتراب، لكنهم أكثروا استعمال هذه الكلمة، وتوسَّعوا فيها حتى أخرجوها عن حقيقتها؛ قصدًا إلى الإنكار، أو التعجب، أو التعظيم، أو الحث كما هنا، وللعرب كلمات تَجري على ألسنتهم، ولا يريدون بها معناها الأول، ومن هذا القبيل: قاتَلَه الله، لا أب له، لا أم له.

عادات الناس في الزواج :

يحدِّثنا صلوات الله وسلامه عليه عن عادات الناس في الزواج، ويُحلِّل رغباتِهم فيه تحليلاً لا يدَع لباحث قولاً؛ يبيِّن أن مقاصدَ الناس في النكاح على اختلاف نزعاتهم، وتعاقُب أعصارهم، على أربعة أنحاء؛ فإما أن تُقصَد المرأة لمالها؛ ليستمتِع به الزوج في حياته، ويُورِثه أولاده منها بعد مماتِه، ويُخفِّف به أثقال العيش وأعباء الحياة، وإما أن تُراد لحَسَبها، يبتغي زوجها العزة بقومها، والمنزلةَ بشرفها وجاهِها، والمصاهرة لحُمة كلحمة النَّسب، وإما أن تُرغَب لجمالها، إذا كان الزوج عبد الهوى وأسير الشهوات.

تلك شؤون الكثرة الكاثرة من الناس؛ إذ يَقصِدون إلى النكاح، وما أسوأ العاقبة، وأنكد الحياة، إذا استحوذت المرأة على الرجل فاستعبدتُه بمالها، أو اقتنصته في شَرَك حسَبها وجمالها! هنالك تكون هي القيِّمة على الزوج، والحاكمة بأمرها، والمستبِدة برأيها، ويكون الزوج هو العبد المُطيع، والذليل المسخَّر لما تُريد المرأة وتهوى، وهنالك الطامة الكبرى، والبلاء الأعظم.

اختيار المرأة الصالحة وأثره:

أما الكَمَلَةُ من الرجال -وما أقلَّهم!- فهم الذين يرغَبون في المرأة لدينها؛ فيجدون فيها السكَنَ لنفوسهم، والطمأنينة لقلوبهم، والأمن على أموالهم وأعراضهم.

ذلك بأن الحسب عندهم هو التُّقى، وأن الغنى غنى النفس، وأن الجمال هو جمال الدين والخُلُق.

لكن الله تعالى يَهَب لهم من ذوات الدين ما فقَدوا، وخيرًا مما فقدوا من ذوات الحَسَب والنسب، وربات المال والجمال.

وفي الدين الخير كلُّه لمن باع الحياة الدنيا بالآخرة فربِحهما جميعًا، وفي الدنيا الشرُّ كله لمن اشترى الفانية بالباقية فخسرهما جميعًا، ومِصداقُ ذلك ما رواه الطبراني في الأوسط عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن تزوَّج امرأة لعزِّها، لم يَزده الله إلا ذلاًّ، ومَن تزوَّجها لمالها، لم يزده الله إلا فقرًا، ومن تزوَّجها لحَسَبها، لم يزده الله إلا دناءةً، ومَن تزوَّج امرأة لم يُرِد بها إلا أن يَغُضَّ بصرَه، ويُحصِّن فرجَه، أو يَصِل رَحِمه، بارَك الله له فيها، وبارَك لها فيه» (أخرجه الطبراني في الأوسط: [2342].

وغنيٌّ عن البيان أنَّه صلوات الله وسلامه عليه إنما يَرغَب عن ذوات الحسب والنسب والجمال، إذا عَرَين عن الدين، وتجرَّدن من فضائله، وأما إذا تحلَّت ذاتُ الدين بخَصْلة من الخِصال الثلاث، أو بهنَّ جميعًا، فذلك علاوة في الفضل، وزيادة في الحسنى، لا يأباها الدينُ الحنيف، بل يدعو إليها، ومن ثَمَّ نراه يُنفِّر من نكاح المرأة الوضيعة الحسَب، أو المجهولة النسب إلا من أمثالها؛ لأن العِرق دَسَّاس، وكل إناءٍ بما فيه يَنضَح، كما نراه يرغِّب في النظر إلى المرأة حين خِطبتها؛ خَشيةَ أن يُخدَع فيها، فيُعاشِرها على مَضَضٍ، أو يُفارِقها على نكدٍ.

وقد حَظيت أمهات المؤمنين -لا سيما خديجة وعائشة، رِضوان الله عليهن- بهذه المناقب أو أكثرها، مُضافةً إلى الدين والخُلُق، والأسوة الحسنة، والتربية الرشيدة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وجملة القول: إن الدين هو الأساس الأول لمن يختارها الرجل شريكة حياته، وموضِع ثقته، ومثابة هناءته وسعادته، فإذا حَظي فيها بمَنْقَبَة فوق ذلك، فما أخلَقه بشكر النعمة وتقوى الله فيها!

بمَ تُعرَف المرأة الصالحة؟

وتُعرف ذات الدين بالمنبَت الكريم، والبيئة الصالحة، والبيت التقي المهذَّب، والسيرة النقية الطاهرة.

ومهما أوغَل الناسُ في الفساد والغِش، وسَرَتْ عدوى الرذيلة إلى الفضيلة، واشتبهت المسالك، فإن للصلاح نورًا يُبدِّد الظلام، ويَخترق الحُجُب، ويدل روَّاده عليه، ويَهديهم السبيل إليه، فإن عثَر - بعد قصدٍ صحيح - ذو قلب سليم، وطَويَّة صالحة - وقلما يَعثُر - فسرعان ما يقوم على قدميه مطمئنة نفسه، ذاهبة كُرْبته {وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه من الأية:132].

ويتَّصِل بالأغراض السابقة ما نرى الآن من ثقافات المرأة المختلفة، وفُنُون تربيتها المتكاثرة، فما كان منها في الخُلُق والأدب، وواجبات الزوجيَّة والأمومة، وحقوق البيت والولد فهو راجع إلى دينها.

وما كان منها -وهو الأعم الأغلب- في فُنُون العيش، ومزاحمة الرجال، وضروب الزينة، ومفاتن الحياة - فهو مردودٌ إلى المقاصد الأخرى في زواجها.

والذي نَعنيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أبان أمهاتِ الأغراض في النكاح، وأن ما جدَّ في المدنيَّة الزائفة، والحضارة المقيتة، فهو مُتشعِّب عنها ومردود إليها، وأن الدين -ومنه التربية الرشيدة- لا يزال هو المقْصِد الأسمى، والمطمح الأعلى، لمن يبتغي عزَّةً خالصة، وحياة طيبة.

اختيار الرجل الصالح:

وكما ينبغي للرجل أن يبحث عن ذات الدين فيَظفر بها، ينبغي كذلك للمرأة أو وليّها أن يتخيَّرا ذا الدين والخُلُقِ فيَظفرا به، وهنالك تُوضَع اللبِنَة الأولى في بناء البيت الصالح التقي، والأسرة الكريمة المهذَّبة، بل الأمة المرهوبة الجَناب، الرفيعة المنزلة.

الكفاءة بين الزوجين:

ومما هو جدير بالنظر، رعاية المشاركة بين الزوجين في حظوظ هذه الدنيا؛ فقد حدَّثنا التاريخ، وأرتْنا المشاهدات، أنَّ المرأة لا تحتفل بمن كان دونها حسبًا، أو مالاً، أو ثقافة؛ فَتَضْطرب الحياة الزوجية حينئذٍ، وتسوء مغبَّتها، وأما إذا كان الزوج أكثر مالاً وأعز نفرًا، فهو الرجل عندها كل الرجل.

ولما كان للحسب من بين الحظوظ مكانته الأولى، قدَّرتْه الشريعة الغراء قَدْره، وحلَّت عُقْدة النكاح إذا خُدِعتِ المرأة بزوجٍ لم يكن لها كفئًا

تنشئة البيت على الدين والخُلُق:

وكما في تعبيره صلى الله عليه وسلم بالظفر، الذي هو البُغية ومُنْتهى الأمل - إثارةٌ للرغبة الصادقة في المرأة الصالحة، فيه كذلك إشارة واضحة إلى أولياء البنت والقوَّامين عليها، أن يُنشئوها على الدين والفضيلة، وحقوق الزوج والمنزل، فليعلموا أنها تربة الولد ومَنْبته، وعماد هذا الوجود وبهجته، وأنها خُلِقت سريعة التأثُّر بما تَنشأ عليه من خير وشر، قويَّة التأثير بما طُبِعت عليه أو تأثَّرت به.

فهي -ولا مِراء- أشدُّ من الرجل إثارة، وأبلغ في النفوس تأثيرًا؛ لأن عقْلها من وراء قلبها، وأما الرجل، فإن قلبه من وراء عقله، وشتان ما بين النهجين.

وكم رأينا من زوجة صالحةٍ أنقذت زوجها من بُؤْرة الفساد، وهدَتْه السبيل السوي، وأخرى فاسدة عكست عليه أمره، وفتَنته في دينه، وكانت نَكَدًا له، ووبالاً عليه.

وقلما نرى رجلاً صالحًا قوَّم زوجه المعوجَّة وغيَّر من طِباعها، ومن هنا كانت العناية باختيار المرأة الصالحة أشد من العناية باختيار الرجل الصالح.

مُصابنا في بيوتنا وأولادنا:

أما بعد، فإذا راعَك هولُ مصابِنا في بيوتنا وأولادنا، بل في أموالنا وأخلاقنا، فاعلم أن أساس ذلك كله هو المرأة؛ ذلك بأنها عندنا واحدة من اثنتين؛ جاهلة خرقاء، مُظلِمة القلب والبصيرة، صرَفها جهْلُها عن الخير، وأَرْداها خَرَقُها في الشر؛ ومتعلِّمة ثَرثارة، أسفَّت في اللهو والترف، وتسكَّعت في المجامع والأندية، وثارت على الأهل والولد، فكانت شرًّا من أختها وأضل سبيلاً!

مصابنا في إحجام الشباب عن الزواج:

وإلى رُسوخ الجهل وسوء التربية، وإن شئتَ فقل: إلى عُري المرأة من الدين والفضيلة، يُردُّ مصابُنا في إضراب فريق من الشباب عن الزواج، وإيثار فريق آخر غيرَ المسلمة على المسلمة، حتى عُرِضت الفتاة في الطرقات والأسواق كما تُعرَض السلع للتجارة؛ ظنًّا من أهلها وذويها أن ذلك يرغِّب الشبانَ فيها، مع أن هذا لا يَزيدها عندهم إلا حقارةً وازدراء، ولا يزدادون به إلا نفورًا وإباءً، ومن وراء الإحجام عن الزواج انحلال الأمَّة، وتقويض بنائها، وضياع أخلاقها.

وإنَّما الأممُ الأخلاق ُ ما بَقِيتْ *** فإن هُمُ ذهبتْ أخلاقُهم ذَهَبُوا

كلمة إلى ولاة الأمور:

فإذا كانت المرأة -كما يقول علماء الاجتماع بحق-: أساس نهضة الأمم وفَخارَها، ومبعث قوتها وآمالها، وعُنوان عزّها وسعادتها، إذا صلَحت صلَح المجتمع كلُّه، وإذا فسدت فسَد المجتمع كلُّه؛ إذا كانت كذلك فليَنظر ولاة الأمور والقوَّامون على التربية: أين يضعونها؟ وليعلموا أنَّ الله سائلُهم عن شِرْعتها ومِنهاجها، وليُوطِّنوا أنفسهم على أن يجعلوا الدين عمادها، والفضيلة مِلاكها، وإلا جَنَوا عليها، وفقَدوا خُلُقَها؛ وإذًا لا يجدون العلم إلا مدرجة للشر وسبيلاً إلى الفساد؛ {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} [الأعراف من الأية:58].

المصدر: موقع طريق الاسلام

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان