لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

التربية الجنسية.. رقابة واختيار

01:36 م الثلاثاء 19 أغسطس 2014

التربية الجنسية.. رقابة واختيار

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

إن التربية الجنسية لا تختزل إلى مجرد محادثة الطفل عن كيفية ميلاد الأطفال الصغار، وكيف أنهم كانوا قبل ولادتهم أجنة.

إن التربية الجنسية تشكل جزءاً من الحياة، جزءاً من التربية بالمعنى الحصري للكلمة؛ بل هي أحد أوجهها؛ تبدأ عند الولادة وتتابع على مدى سنوات الطفولة حتى تصل إلى ما بعد مرحلة المراهقة، ذلك إن التربية الجنسية بالمفهوم الصحيح ينبغي أن تلبي عدة أهداف.

يجب أولاً أن تساعد الطفل على إدراك الجنس الذي ينتمي إليه، وأن يشعره ذلك براحة نفسية، فبعض الأهل مثلاً الذي خاب ظنهم ورزقوا بنتاً يعاملونها كما لو كانت صبياً، أو العكس، وفي الحالتين تترتب على ذلك نتائج غير حميدة، بالإضافة إلى ذلك فإن الطفل عندما يكتشف في حدود 3 سنوات على العموم ـ الفروقات التشريحية بين الجنسين، يجب أن لا نصدمه بهذا الاكتشاف الذي حققه اللمس أو النظر إلى أعضائه التناسلية، أو إلى الأعضاء التناسلية للجنس الآخر، قائلين له: "لا تلمس أو لا تنظر فهذا قبيح، هذا عيب".

إن مثل هذه الملاحظات تقع في غير موضعها، واياكم ثم اياكم أن تهددوا الصبي، إذا ما لاحظتم أنه مستمر في لمس عضوه التناسلي. فمثل هذا التهديد الشائع عند الأهل له نتائج خطيرة على الصعيد المستقبلي، إذ قد يشعر الطفل بالإثم لفترة طويلة جداً.

إن الأهل النموذجيين هنا هم الذين يساعدون شيئاً فشيئاً، صبيهم على أن يصبح رجلاً، وابنتهم على أن تغدو امرأة، فهذا كما يرى المحللون النفسيون، إحدى المراحل الأساسية في نمو الطفل، والطفل في نموه يكبر باحثاً عن تقليد بالبالغين، مفتشاً عن التباهي بهم، الصبي يتبع اباه، والبنت تتبع امها. التربية الجنسية تعني أيضاً اكتشاف الجنس الآخر، اكتشاف العلاقة بين الرجل والمرأة.

وان اكتشاف الجنس الآخر يكون أكثر سهولة ويسراً في الأسر المختلطة، أي في الأسر التي يوجد فيها أخوة وأخوات، فالفتاة التي ليس لها أخ، وتنتقل فيما بعد إلى مدرسة للبنات سوف تصاب بالتردد والحيرة في أول فرصة تتيح لها الاحتكاك مع الصبيان.

إلى ذلك فإن الطفل يكتشف العلاقة بين الرجل والمرأة من خلال مراقبته ما يجري بين والديه، فهما اللذان يقدمان له الصورة الأولى عن "الزوجين" لهذا فمن المهم جداً أن تكون صورة جيدة، ذلك أن جزءاً مهماً من تربية الطفل الجنسية يكون قد أُنجز إذا ما وقعت عيناه على "زوجين" متحد وسعيد.

إذ كيف يمكن أن نشرح للطفل بأن ما يقرب الرجل والمرأة بعضهما من بعض هي السعادة التي يجدانها في العيش معاً، والرغبة المشتركة في أن يتمكنا من إنجاب طفل، في حين أننا على صعيد الواقع نعطيه مثلاً عكس ما نقول تماماً؟ أن الطفل سوف يكون هنا أمام واقع مناقض للقول.

أما اطلاعه على خفايا الأمور الزوجية هنا سوف يتم شيئاً فشيئاً، فالطفل سوف يطرح الأسئلة، بدءاً من سن 3 سنوات، وربما تأخر في ذلك بعض الوقت، وهذه الأسئلة سوف تولدها مناسبات عدة، صورة، كلمة وردت في محادثة، المعلمة الحامل في المدرسة، محادثة مع طفل أكبر سناً، الخ...

المهم هنا هو:

ـ أن لا نعطي الطفل أجوبة خاطئة نكون مضطرين فيما بعد إلى تكذيبها (مثل الولادة) ذلك أنكم إذا غشيتم الطفل مرة، فأنتم تجازفون بان تخسروا ثقته بكلامكم. لكن هذا لا يعني أن تتوسعوا بالإجابة وان تفيضوا في ذلك عما طلبه الطفل في سؤاله. وتحدثوه عن تفاصيل لم تخطر على باله. من جهة أخرى فإن الطفل سوف ينسى للتو كلامكم، وسيعود إلى طرح السؤال مجدداً بعد أيام قليلة.

ـ أن لا تتهربوا بقولكم: "ما زلت صغيراً جداً" أو "لا يمكنك الآن أن تفهم" تذكروا أن هناك دائماً شرحاً مناسباً لكل سن، المهم أن تتجنبوا الظهور بمظهر المحرج حتى لا تولدوا الانطباع لدى الطفل، بان هناك علاقة مباشرة بين "جنس وسر".

ـ إذا كنتم في عجلة من أمركم، قولوا للطفل ببساطة: "أعد طرح السؤال مجدداً هذا المساء، سيكون لدي وقت أطول لأجيبك".

تظهر في كتب التربية الجنسية اليوم "الجنسية الطفلية"، والسائد أن لا شيء أبعد مما بين الطفل والجنس، فالجنس بالنسبة لنا، هو ما يقوم من علاقات بين البالغين واللذات الحسية الناجمة عن ذلك.

أن للطفل لذة حسية حتى عندما يكون صغيراً جداً. انظروا إلى الطفل الذي يولد حديثاً، وانظروا إلى حواسه تحديداً: الذوق، اللمس، الشم، ألا تمده هذه كلها بأحاسيس لذيذة لحظة الرضاعة، ورويداً رويداً هو يكبر، ونراه يجرب أحاسيس بدنية أخرى مرغوب فيها، فمثلاً عندما يكتشف أعضاءه التناسلية ألا يجد في ذلك لذة كبيرة؟

إن الجنسية لا تبدأ في سن البلوغ، لكنها تستيقظ شيئاً فشيئاً، وتأخذ أشكالاً عديدة، إنها تنبثق على مراحل، تماماً كما الذكاء. مثال.. المراهق الذي يتمكن من حل مساءلة ما بأنه ذكي.

كذلك فإن الطفل الصغير ذكي أيضاً نسبياً إذا تمكن من وضع العلب المتناقصة الحجم الواحدة داخل الأخرى، ثم عاد وأفرغها بعضها من بعض، مكتشفاً بذلك قواعد الطرح والجمع، إنه ذكي لا شك في ذلك بطريقة أخرى، وهذا بالضبط ما سيقوده إلى ذكاء البالغ.

الشيء نفسه يمكن قوله بالنسبة إلى مسألة الجنس، فهي لا تتخذ عند الطفل الأشكال والمظاهر نفسها التي نراها عند البالغ، لكنها حاضرة فيه، وفيها بالضبط تكمن جذور جنسية البالغ.

يعمل الأهل على تنشئة الصبيان والبنات على نحو مختلف، وترى "الينا بلوتي" أن الفتاة تولد أنثى مرة واحدة، إلا أن المجتمع هو الذي يلدها عقب ذلك 10 سنوات كأنثى، والصبي الصغير كذلك يعامل هو أيضاً بطريقة مختلفة: فالأم ترضعه وقتاً اطول، تعفيه من ممارسة المهمات المنزلية التي لا تليق به، والرجل وابنه يعاملان كما لو كانا ملكين. يمكن أن نضيف أن هذه الطروحات وأن كانت عدوانية في ظاهرها، لكن تغيير الذهنيات يتطلب بعض الأحيان المصادمة.

والأنثى القابلة بأنوثتها تتمكن من إقامة علاقات صحية مع أبناء جنسها، وكذلك الجنس الآخر، والتربية الجنسية تساعد الأفراد على إقامة علاقات سوية بعضهم ببعض، علاقات بعيدة عن الإحباط والشعور بالدونية بالنسبة للأنثى، وعلاقات بعيدة عن التسلط والاستغلالية بالنسبة للذكر، هي تربية تنشأ في الأسرة مع الأخت والأم، وتنتقل إلى الزوجة، ولا يمكن إطلاقاً تكوين عائلة سعيدة فيها مستغَل ومستغِل فيها إحساس بالدونية وشعور بالتعالي.

التربية الجنسية تهدف إلى تشجيع الاستقرار الأنفعالي والعاطفي لدى الكائن البشري. وتساعد على بناء سليم تسوده علاقات اكتفاء وعدالة.

أما على المستوى النفسي والأنفعالي فالجنس ليس فردياً، إنه عملية نفسية اجتماعية، هو نتيجة تعلم من البيئة المحيطة، وأي فشل في التعلم يشكل اضطراباً في هوية الانتماء إلى جنس معين، ذكراً كان أم أنثى.

المصدر: موقع الموسوعة الإسلامية

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان