ما حكم الشك في عدد الأشواط في الطواف ؟
تجيب لجنة الفتوى بدار الإفتاء المصرية:
الشك في عدد أشواط الطواف إما أن يكون قبل الفراغ من الطواف أو بعد الفراغ منه، وإليك حكم ذلك كله: أولًا: الشك في عدد أشواط الطواف قبل الفراغ منه: لو شك الطائف في عدد أشواط طوافه وهو في أثناء الطواف بنى على اليقين، وهو الأقل عند جمهور الفقهاء، وهو المفتى به في الديار المصرية.
قال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (8/ 21): [وَلَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الطَّوَافِ أَوْ السَّعْيِ لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِالْأَقَلِّ، وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ الأكثر لزمه الأخذ بالأقل المتيقن].
وقال ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (3/ 344): [وَإِنْ شَكَّ فِي عَدَدِ الطَّوَافِ، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ فَمَتَى شَكَّ فِيهَا وَهُوَ فِيهَا، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ كَالصَّلَاةِ].
وأجرى المالكية الحكم السابق في غير المستنكِح، فقالوا: يبني الشاك غير المستنكح على الأقل، وأما الشاك المستنكح فيبني على الأكثر، والمراد بالمستنكح عند المالكية: هو من يأتيه الشك في كل يوم ولو مرة.
جاء في "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (2/ 33):[(وَ) بَنَى (عَلَى الْأَقَلِّ إنْ شَكَّ) فِي عَدَدِ الْأَشْوَاطِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكِحًا، وَإِلَّا بَنَى عَلَى الْأَكْثَرِ وَيَعْمَلُ بِإِخْبَارِ غَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا].
وفصَّل الحنفية في الشك في عدد الأشواط بين طواف الفرض والواجب وغيره، أما طواف الفرض -كالعمرة والزيارة- والواجب –كالوداع- فقالوا: لو شك في عدد الأشواط فيه أعاده، ولا يبني على غالب ظنه، بخلاف الصلاة، ولعل الفرق بينهما كثرة الصلوات المكتوبة وندرة الطواف.
وأما طواف النفل فإذا شك فيه يتحرى، ويبني على غالب ظنه.
قال ابن عابدين في "حاشيته" (2/ 168): [لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الأَشْوَاطِ فِي طَوَافِ الرُّكْنِ أَعَادَهُ وَلا يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ، بِخِلافِ الصَّلاةِ، وَقِيلَ: إذَا كَانَ يُكْثِرَ ذَلِكَ يَتَحَرَّى، وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِعَدَدٍ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلانِ وَجَبَ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِمَا. لُبَابٌ، قَالَ شَارِحُهُ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي أَشْوَاطِ غَيْرِ الرُّكْنِ لا يُعِيدُهُ، بَلْ يَبْنِي عَلَى غَلَبَةِ ظَنِّهِ؛ لأَنَّ غَيْرَ الْفَرْضِ عَلَى التَّوْسِعَةِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي حُكْمِ الرُّكْنِ؛ لأَنَّهُ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ].
ثانيًا: الشك في عدد أشواط الطواف بعد الفراغ منه: الشك في عدد أشواط الطواف بعد الفراغ من الطواف لا يلتفت إليه عند الجمهور، وسوَّى المالكية بينه وبين ما إذا كان الشك في أثناء الطواف.
قال ابن قدامة الحنبلي (3/ 378): [وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ –أي عدد أشواط الطواف- بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ، كَمَا لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلاةِ].
وعليه فمن شك في عدد أشواط طوافه أثناء الطواف بنى على اليقين، وهو الأقل، ومن شك بعد الفراغ من الطواف لا يلتفت لهذا الشك، وطوافه صحيح، وذلك هو المفتى به، والله أعلم.
فيديو قد يعجبك: