البحوث الإسلامية: من مات بفيروس كورونا يدخل في نطاق الشهداء بشروط
كتب- محمد قادوس:
أكدت لجنة الفتوى الرئيسة بمجمع البحوث الإسلامية أن من مات بفيروس كورونا نحتسبه عند الله من الشهداء، لكن كان منهم صابرا محتسبا راضيا بقدر الله تعالى.
وكانت لجنة الفتوى تلقت سؤالا يتعلق بالموت بفيروس كورونا، هل يدخل بشكل عام من قبيل الأمراض التي تدخل فى نطاق الشهادة؟ وهل يشترط أن يسبق ذلك بنية الشهادة؟
فقالت اللجنة في بيان فتواها إنه قد روى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ؟" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، قَالَ: "إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ"، قَالُوا: فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ".
وإضافت لجنة الفتوى بالمجمع: ومن هنا فقد أراد النبي صلى الله عليه وسلم بيان المعنى الواسع لمصطلح الشهيد، ويغير مما كان يعتقده أصحابه من قصر حقيقة الشهيد على من مات في معركة مع غير المسلمين في الحروب، كما أكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في الحديث الذي رواه الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ، وَالمَبْطُونُ، وَالغَرِقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ"، والمطعون هو من مات بالطاعون أو الوباء المنتشر حالياً المسمى بفيروس كورونا.
وأوضحت اللجنة أنه بناء على ذلك نقول: إن من مات بهذا الفيروس نحتسبه عند الله من الشهداء بنص أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم، وقد بشرهم النبي بهذه البشرى لما يلاقونه من ألم شديد، وقسوة الألم عند الموت فأعد الله لهم منازل الشهداء وثوابهم.
واستشهدت اللجنة بما روى الشيخان عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، قَالَتْ: قَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: بِمَ مَاتَ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرَةَ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: بِالطَّاعُونِ، قَالَتْ: فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ".
وأشارت اللجنة إلى أنه يشترط لثبوت هذه المنزلة وهذا الثواب العظيم أن يموت الإنسان صابراً محتسباً راضياً بما قدره الله له، ولا يخرج من البلد التي ظهر فيها الوباء ويلتزم بالتعليمات الصحية منعاً لنقل العدوى إلى غيره، فلو مكث وهو قلق أو متندم على عدم الخروج، ظانا أنه لو خرج لما وقع به أصلا، وأنه بإقامته يقع به فهذا لا يحصل له أجر الشهيد ولو مات بالطاعون، كما قال بذلك بعض أهل العلم أخذًا من مفهموم الحديث و معناه.
كما أكدت أنه يدل على هذا ما رواه البخاري في صحيحه عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْنَا: أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ[و في رواية أحمد: بيته] صَابِرًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ"، بل إن في هذا الحديث بشارة عظيمة من النبي صلى الله عليه و سلم: أن من اتصف بالصفات المذكورة يحصل له أجر الشهيد وإن لم يمت بالطاعون، وهذا ما يقتضيه منطوق الحديث.
ولفتت اللجنة إلى أن المراد بشهادة هؤلاء كلهم غير المقتول في سبيل الله أنهم يكون لهم في الآخرة ثواب الشهداء، وأما في الدنيا فيغسلون ويصلى عليهم.
فيديو قد يعجبك: