بعد انتحار شابين خلال ساعتين.. تعرف على حكم المنتحر وهل يُدفن في مقابر المسلمين
كتب- محمد قادوس:
بعد إقدام شاب على إلقاء نفسه أسفل قضبان القطار بمحطة شبرا الخيمة، اليوم الأحد، وسبقه شاب بإلقاء نفسه أسفل قضبان القطار بمحطة جمال عبدالناصر، رغم التحذيرات الشرعية التي يقدمها شيوخ الأزهر والإفتاء من خطورة التفكير في الانتحار، تشدد المؤسسات الدينية الرسمية على خطورة قتل النفس وإهدار الدم بغير ما أحل الله تعالى.
في ردها على سؤال: "ما حكم المنتحر؟ وهل هو كافر؟ وهل يكفَّن ويصلَّى عليه ويُدفَن في مقابر المسلمين؟" قالت دار الإفتاء إن الانتحار حرامٌ شرعًا؛ لما ثبت في كتاب الله، وسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإجماع المسلمين؛ قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}.. [النساء : 29]، وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».. متفق عليه.
وأضافت لجنة الفتاوى عبر بوابة الدار الرسمية أن المنتحر واقع في كبيرة من عظائم الذنوب، إلا أنه لا يخرج بذلك عن الملَّة، بل يظل على إسلامه، ويصلَّى عليه ويغسَّل ويكفَّن ويدفن في مقابر المسلمين؛ قال شمس الدين الرملي في "نهاية المحتاج": [(وغسله) أي الميت (وتكفينه والصلاة عليه) وحمله (ودفنه فروض كفاية) إجماعًا؛ للأمر به في الأخبار الصحيحة، سواء في ذلك قاتلُ نفسِهِ وغيرُه].
وحول حكم المنتحر وهل هو مخلّد في النار، وفق ما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تردَّى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسّى سماً فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جنهم خالداً مخلداً فيها أبداً).. رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي- فهل معنى هذا أنه يموت كافراً؟ فقد أجابت عنه دار الإفتاء الأردنية عبر بوابتها الرسمية، في فتوى للفقيه نوح علي سلمان- رحمه الله-:
هذا الحديث مشكل؛ لأن ظاهره خلود المنتحر في النار، ومن المعلوم شرعاً أن النار لا يخلد فيها إلا الكافر، ولذا حمله العلماء على محملين:
الأول: أن هذا في حق من انتحر معتقداً عدم حرمة الانتحار؛ لأنه بهذا يكفر، إذ إن حرمة الانتحار معروفة عند جميع المسلمين، ومن استحل حراماً من هذا النوع فقد كفر.
الثاني: أن المراد بالخلود هنا المكث الطويل في نار جهنم؛ لأن المكث الطويل يسمى خلوداً في اللغة، وعلى كلا الحالين فالانتحار جريمة عظيمة حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرض أن يصلي على قاتل نفسه، والمنتحر يفر من ألم الدنيا المحدود إلى ألم النار وهو أشد وأطول مدة، نسأل الله العفو والعافية.
وفي حديث عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ الله عنْه قَالَ : أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ.- رواه مسلم والترمذي، ذكرت "الموسوعة الفقهية": صرح الفقهاء في أكثر من موضع بأن المنتحر لا يخرج عن الإسلام، ولهذا قالوا بغسله والصلاة عليه، والكافر لا يُصلى عليه إجماعاً.
ولا يُشكِل على هذا ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على قاتل نفسه؛ لأن هذا الترك ليس لأنه كافر خارج من ملة الإسلام بل هو لبيان تغليظ فعله، وليعتبر الأحياء بهذا، فلا يجوز ترك الصلاة عليه بالكلية، بل يُصلَّى عليه، ويُدعى له بالرحمة.
فيديو قد يعجبك: