لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

فتيات وزوجات اخترن منع وتأجيل الإنجاب.. فهل يعرفن حكم الشرع؟

12:55 م الأحد 04 أغسطس 2019

صورة تعبيرية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- آمال سامي:

في الفترة الأخيرة، انتشرت فكرة تأجيل الحمل أو منعه في بداية الزواج، لسبب أو لآخر أًصبحت تطرح نفسها بقوة بين الفتيات خاصة في بداية الزواج على عكس الماضي، فكانت السمة العامة في الأجيال السابقة، انتظار الوليد البكر بشغف وترقب، وبين الخوف من الظروف الاقتصادية، وعدم الرغبة في الأمومة من الأساس، وبين الرغبة في إيجاد التفاهم بين الزوجين أولًا وقبل الإنجاب خوفًا من الانفصال بعد ذلك، تتفاوت أسباب منع الحمل وتأجيله، وفي السطور القادمة نستعرض تجربة عدة فتيات اخترن ألا ينجبن، مؤقتًا، وللأبد أيضَا، ويخبرننا كذلك كيف رأين اختيارهن على ميزان الشريعة.

"مش عاوزة أبقى أم" تقول م. و بكل بساطة عن أسباب رفضها الإنجاب، مؤكدة أنها لا تشعر بمشاعر الأمومة هذه مطلقا، بخلاف أنها لا تريد أن تتحمل مسئولية أحد. على الرغم من رأيها المحسوم، تقول م.و أنها ضد من يمنع الإنجاب للظروف المادية، لأن الله من يرزق، لكن من الممكن أن يؤجل قليلًا حتى يسدد ديونه، وعن موقف الشرع من ذلك تقول انها تعرف ان الله يعلم بحالتها، وقدرتها، وأنه لا يعطي أحدا شيئا فوق قدرته، "انا مش عاوزة أجيب طفل أظلمه في الدنيا" وتقول إنها لا تخاف من الفقر، ولا تخشى على جمالها فلا توجد مشكلة شرعية إذا، وهي تدعو الله ألا تعاقب على ذلك.

تقول فتاة أخرى "س. م" إن خطبتها قد تمت وهي في الجامعة ما بين السنة الأولى والثانية، وكان خطيبها طالبا معها في نفس الكلية لكنه كان يعمل ولديه شقته، ولذا وافق أهلها عليه، وكان من المفترض أن يتم الزواج بعد انتهاء مرحلة الجامعة، لكنها أنهت دراستها ونجحت وهو لم ينجح بعد، فكان لا بد من أن يتم الزواج بسبب طول فترة الخطبة، فتزوجا وقررا تأجيل الإنجاب لأنه لم ينته من دراسته بعد، ومن المحتمل أن يؤدي الخدمة العسكرية، وأيضًا كانت الحالة المادية لا تسمح بسبب الجمعيات وأزمة أول الزواج، أما بالنسبة لحكم الشرع، ففكرت فيه س من ناحية أن الزواج يجب أن يتم لأن طول فترة الخطوبة أمر غير مستحب، وأنها رأت في زوجها أنه يتحمل المسئولية واختار أن يخطبها ويتم زواجهما بدلا من أن يظلا مرتبطين بدون أي رابط رسمي، فرأت ألا تضغطه ماديًا بطفل وليد قبل أن تستتب أمورهما.

على الرغم أن من حولها كانوا يقولون لها إن ذلك حرام شرعًا، وأن في ذلك "تبطر على النعمة" والله سوف يعاقبها على ذلك، إلا أن والدتها التي درست الفقه قالت لها إنه طالما هناك "ظرف كبير" فليس حراما، لكن لو بمبدأ أنها تؤجل الخلفة كي تعيش حياتها فهو المحرم.

وعلى عكس رأي أمها ترى س أن الصواب أن يتم تأجيل الإنجاب في بداية الزواج حتى لو لم توجد ظروف، على الأقل تعرف المرأة زوجها وتعرف كيف تتعامل معه في البداية، لكنها لا تعرف الحكم الشرعي لذلك، تقول: "أنا أعرف صديقة اتجوزت عن قصة حب كبيرة وأجلت الإنجاب عشان تعيش حياتها، ولما اتجوزت طباع زوجها تغيرت تماما للأسوأ وهي مأجلة عشان تعرف هتقدر تكمل أصلا ولا لأ".

اتفقت ي.م مع زوجها منذ الخطوبة على تأجيل الإنجاب لفترة لأنهما يريان أنها مسئولية كبيرة تحتاج على الأقل استعدادا نفسيا، وترى هي أن الأفضل ان يتم تأجيل الإنجاب في بداية الزواج حتى يستطيع الشريكان التعود على طباع بعضهما البعض والتأكد من صحة قرار الارتباط قبل أن تكون هناك ضغوطات كوجود الأطفال، ووقتها يتنازل الطرفان على حساب نفسيهما بسبب وجود الطفل.

تؤكد ي.م أن وجود الأطفال يغير من علاقة الزوجين ببعض، فتكون الزوجة متوترة للغاية ومرهقة جسديًا ونفسيًا ، والزوج لا يدرك طبيعة تلك الفترة ولا يفهم ما تعاني منه زوجته. فتقول ي: "أنا حبيت أعيش الفترة دي من غير أي ضغوطات ملهاش داعي في أول فترة الزواج وعاوزة اخرج واتفسح واعمل ذكريات حلوة قبل المسئولية".

لم تفكر تلك السيدة في حكم الشرع لأنها ترى أنها لا تفعل شيئا يغضب الله، وبرغم أنها عانت من ضغوط من حولها باعتبار ان ما فعلته حرام وأن الزواج وجد بغاية الانجاب من الأساس لكنها لم تتأثر بكلماتهم، تعرف ي كثيرون فكروا مثلها في الشهور الأولى من الزواج، وعلى الرغم من تحذيرات الآخرين مازلت ي عند موقفها رغم قرب اتمام زواجها للعام الثالث.

فما حكم الشرع في منع الحمل وتأجيله للأسباب السابقة؟

"لا يجوز منع الحمل بدافع الخوف من المسؤولية ، أو بدافع عدم الرغبة في أن تكون المرأة أما ، أو بدافع تفادي الضغوط المالية والدراسية ، أو بدافع الخوف من الظروف الاقتصادية ، وأن منع الحمل استنادا لذلك يكون حراما وتأباه الشريعة الإسلامية وهو ما عليه المالكية والشافعية في قول ورواية للحنابلة" هكذا علق الدكتور محمد عطا الله، أستاذ الفقه المقارن بأزهر أسيوط، على الأفكار السابقة.

ويضيف عطا الله لـ مصراوي أن منع النسل في هذه الحالة ينافي التوكل على الله ، وأن الله هو الرازق ....قال تعالى (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ)". يقول الدكتور محمد عطا الله أن الله شرع الزواج لعدة أغراض من أهمها حفظ النوع الإنساني من الزوال والانقراض بالإنجاب والتوالد، وبقاء النسل ، وحفظ النسب، وإقامة الأسرة التي بها يتم تنظيم المجتمع، وإيجاد التعاون بين أفرادها ، يؤيد هذا ما روى عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي أَصَبْتُ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَجَمَالٍ، وَإِنَّهَا لَا تَلِدُ، أَفَأَتَزَوَّجُهَا، قَالَ: "لَا" ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَنَهَاهُ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: "تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ" فدل هذا على أن المقصد الأسمى للزواج هو انجاب الأولاد ، وبقاء النوع الإنساني ، والمحافظة على النسل ، قال ابن الجوزي "تأملت في فوائد النكاح ومعانيه وموضوعه فرأيت أن الأصل الأكبر في وضعه وجود النسل "، وقال ابن تيمية " الإعراض عن الأهل والأولاد ليس مما يحبه الله ورسوله ، ولا هو من دين الأنبياء "

ويقول عطا الله إن منع النسل أيضًا في هذه الحالة يتعارض مع القاعدة الفقهية "دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِة، وهنا تَعَارَضَتْ مَفْسَدَةٌ وهى ( انعدام النسل ) وَمَصْلَحَةٌ وهى( المحافظة على صحة الأم أو خوف الظروف الاقتصادية وخلافه) فإنه يقُدِّمَ دَفْعُ الْمَفْسَدَةِ غَالِبًا؛ لِأَنَّ اعْتِنَاءَ الشَّرْعِ بِالْمَنْهِيَّاتِ أَشَدُّ مِنْ اعْتِنَائِهِ بِالْمَأْمُورَاتِ، وَلِذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {إذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ}

ويرى عطا الله أن منع الانجاب بهذه الطريقة ينافي الحقيقة المتفق عليها طبيا وهى أن طبيعة المرأة تتطلب الحمل والولادة بين حين وآخر كي تتمتع بصحة تامة، وأن النساء اللاتي لم تتح لهن مثل هذه الفرصة أقل نضارة وصحة من زميلاتهن أولات الأحمال والإنجاب والوضع والرضاعة، وذكر قول الطبيب (إزدالد شوارز) الذي يؤكد على أن الغريزة الجنسية في الإنسان إنما هى لإنجاب الذرية وتخليد النسل، فمن القوانين الثابتة في علم الأحياء أن كل عضو في جسد الإنسان يجب أن يؤدي وظيفته الخاصة المستقلة حتى يحقق بذلك المهمة التي قد أسندت إليه، وعلى هذا إذا منع هذا العضو من أداء وظيفته فلا بد أن تتعرض حياة الإنسان لمشكلات مرهقة متعددة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان