ما هو حد الظاهر من وجه المرأة في الحجاب؟
هل يجب على المرأة ستر الجزء الذي يبدأ من أسفل الذقن إلى العنق باعتبار أنه ليس من الوجه، أم هو من الوجه المباح كشفه؟ نرجو بيان الحكم في ذلك في حالة الصلاة وخارجها؟
تجيب أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية:
الوجه في اللغة: مُسْتَقْبَلُ كلِّ شيءٍ، يُقَالُ: وَاجَهْتُه إذَا اسْتَقْبَلْتَ وَجْهَه بِوَجْهِكَ.
وحَدُّه في الشرع: طولا: ما بين منابت شعر الرأس؛ أي: التي من شأنها أن ينبت فيها الشعر، وتحت منتهى اللحيين بفتح اللام على المشهور؛ وهما العظمان اللذان ينبت عليهما الأسنان السفلى، فيدخل في الوجه منتهى اللحيين، وعرضًا: ما بين الأذنين؛ لأن المواجهة المأخوذ منها الوجه تقع بذلك.
يقول الكاساني الحنفي في بدائع الصنائع: «ولم يذكر في ظاهر الرواية حد الوجه، وذكر في غير رواية الأصول أنه من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن، وإلى شحمتي الأذنين، وهذا تحديد صحيح؛ لأنه تحديد الشيء بما ينبئ عنه اللفظ لغة؛ لأن الوجه اسم لما يواجه الإنسان، أو ما يواجه إليه في العادة، والمواجهة تقع بهذا المحدود»
وعليه فإن هذا الجزء الذي ما بين الذقن والرقبة لا يدخل في حدود الوجه لا لغة ولا شرعًا.
وجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية على أن العورة التي يجب على المرأة سترها في الصلاة وخارجها جميع بدنها عدا وجهها وكفيها، وهذا هو مذهب الأوزاعي وأبي ثور من مجتهدي السلف، وقول في مذهب أحمد.
وذهب الحنابلة إلى أن عورة الحرة البالغة في الصلاة كل بدنها إلا وجهها، وقال جمعٌ: وكفيها، وهو اختيار المجد ابن تيمية، وهي: -أي: الوجه والكفين- من الحرة البالغة عورة خارج الصلاة باعتبار النظر كبقية بدنها.
وفي القدمين عند الحنفية روايتان، والصحيح أنهما ليستا بعورة في الصلاة، وعورة خارج الصلاة.
وذهب أبو يوسف صاحب أبي حنيفة إلى أن الذراعين ليسا بعورة.
وعلى قول الجمهور لا يجوز كشف هذا الجزء المسؤول عنه في الصلاة وغيرها، وذهب بعض الحنابلة -كما في الفروع لابن مفلح- إلى أن: «الصلاة لا تَبْطُلُ بِكَشْفٍ يَسِيرٍ لا يَفْحُشُ فِي النَّظَرِ عُرْفًا ولو عمدًا، وذلك كالمشي في الصلاة».
وذكر المرداوي الحنبلي في فائدتين مُهِمَّتَين: «إحداهما: أن قدر اليسير ما عُدَّ يسيرًا عُرفًا، على الصحيح من المذهب، وقال بعض الأصحاب: اليسير من العورة ما كان قدر رأس الخنصر وجزم به في المبهج، قال ابن تميم: ولا وجه له، وهو كما قال. والثانية: أن كشف الكثير من العورة في الزمن القصير كالكشف اليسير في الزمن الطويل، على ما تقدم على الصحيح من المذهب».
وهذا الجزء مما لا يفحش في النظر من جهة العرف؛ فقد جرت العادة على كشفه في بلادنا من غير نكير، فمن صلت وهي كاشفة له فصلاتها صحيحة ولا شيء عليها؛ وذلك بناء على القاعدة التي تقول: «إن من ابتلي بشيء من ذلك فليقلد من أجاز تخلصًا من الوقوع في المُحَرَّم».
ومُدْرك هذه القاعدة: «أن الفقه مبني على الظن لا على القطع، وينضاف إلى ذلك: أن تصحيح أفعال الناس أولى من إبطالها، وبخاصة لو وافقت أقوال بعض الفقهاء، وما دام أنها لم تخرج عن دائرة الشريعة».
وقريبٌ من هذا ما قاله أبو يوسف من الحنفية من أن الذراعين من المرأة ليسا بعورة. قال ابن مودود الموصلي في «الاختيار لتعليل المختار»: «ولو انكشف ذراعها جازت صلاتها؛ لأنها من الزينة الظاهرة وهو السوار، وتحتاج إلى كشفه في الخدمة كالطبخ والخبز، وستره أفضل». اهـ.
وأما كشفه خارج الصلاة فهذا مما عمت به البلوى، وصارت هناك نوع مشقة في تغطيته، والقاعدة: أن المشقة تجلب التيسير، وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖ}.. [الحج: 78].
وبناء على ما سبق: فيجوز للمرأة كشف الجزء الذي يبدأ من أسفل ذقنها إلى عنقها في الصلاة وخارجها من غير إثم، وإن كان الأفضل والأولى ستره خروجًا من الخلاف، لكن إذا وجدت في ذلك مشقة وحرج فلا بأس حينئذ ما لم يكن في ذلك فتنة.
والله تعالى أعلم
فتاوى متعلقة:
- هل يشترط فى لباس المرأة المسلمة الألوان القاتمة؟
- هل يجوز للأب إجبار ابنته على الحجاب ومنع النفقة عنها إن لم تفعل؟
فيديو قد يعجبك: