لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

تشتري ما لا تريده؟..تعرف على طرق التخلص من وسواس الشراء القهري

12:49 ص الإثنين 25 ديسمبر 2017

تشتري ما لا تريده؟.. تعرف على طرق توقيف وسواس ا

كتب - مصراوي:

لا ندرك فداحة ما فعلناه، إلا عندما تعلن ماكينة الصرافة عن نفاد رصيدنا، ونتذكر كم استغرقنا من الوقت لجمع هذا المبلغ الذي أنفقناه في أقل من أسبوع، ولكن للأسف قد فعلناه. الشعور الأول لدى الجميع هو الإنكار، كما لو أنّ شخصًا غيرك من أنفق كل هذا، ربما هناك خطأٌ ما من البنك، ربما هناك شخص سرق بطاقتك لعدة ساعات قضى فيها على رصيدك وأعادها لمحفظتك، دون أن تلاحظ، وهنا نحن سنعرفك على الجاني الحقيقي.

من أين جاءت شهوة التسوق؟

لا تنكر، فأنت واحد من آلاف يقفون كل صباح أمام خزانة الملابس، وتشعر أنه لا يوجد ما يناسبك لترتديه، وإذا طاوعت نفسك وقررت الذهاب للتسوق، ربما ستشتري نفس المقاس، ولونًا قريبًا – وربما التصميم نفسه – لقميص أو فستان في خزانتك بالفعل، وما أن تكتشف الأمر حتى تنزل باللعنات على الماركات العالمية الغالية، وخبراء الإعلان الذين حصروك في دور شخص يلهث كلما مر بمحل أحذية ذي أرفف مغرية، بحسب موقع "sasapost".

ولكن الحقيقة البسيطة هي أنه لا يمكن الدفع بك لشراء منتج أنت لا تريده حقًا، ومع ذلك نحن نشتري أشياء لا نحتاج لها، فعمليًا نحن لا نحتاج إلا لقميص واحد، وبنطلون واحد، نرتديهم كل يوم، ويحققون الشكل الاجتماعي المطلوب، ولكننا نملك 10 قمصان في خزانتنا من أجل الاجتماعات الهامة، وتغيير اللون كل يوم؛ خشية تأثير التكرار على مستقبلنا المهني، ونظرة الجنس الآخر لنا.

أفكارنا هذه عن أنفسنا لا تعني بالضرورة أننا نعيش في عالم شره رأسمالي يحكمه الماديون ويتبع النظام العولمي، ولكن الأمر مرتبط بكيف أصبح التسوق همنا الأول، ففي بداية التاريخ كان الأثرياء جدًا هم فقط من يملكون رفاهية تعدد قطع الملابس، وتصميم الموديلات عند خياط محترف، وملابس للصيف، وملابس للشتاء، وملابس نهارية وأخرى للسهرة؛ للتباهي والتميز عن العامة.

كان العامة – مثلنا – لا يملكون المال لهذه المظاهر، فكانت الملابس صعبة التصميم، ومكلفة، على عكس وضعها الحالي، وكان هناك خياط واحد يملك أدواته، وصانع أحذية واحد يصنع الأحذية من جلد الحيوانات الغالي، في وقت لم يكن فيه ثمة جلود مصنوعة، ما يضاعف سعر المنتج لندرته، والجهد المبذول لصناعة قطعة واحدة، فكنا نمتلك معطفًا واحدًا، وقبعة واحدة، وحذاءً واحدًا، نحافظ عليها طوال حياتنا، لم نكن نشتري المزيد؛ لأننا لا نهتم بالترقية وحضور أعياد ميلاد في مطاعم غالية، والتبديل بين ملابس للبحر ولباس رسمي للعمل، ولباس يناسب الجامعة، وآخر للمواعيد الغرامية.

كل الأساسيات في حياتنا اليوم، لم تكن كذلك لأجدادنا في بداية التاريخ، فمن الناحية العملية لم نكن بحاجة إليها من أجل بقاء جنسنا البشري، ولكنها اليوم تجعل الحياة أسهل، وتزيد من فرص حصولنا على مركز اجتماعي وثقافي نجده اليوم ضروريًا؛ ما يجعل وصف هذا التحول بين عصرين بالمادية خاطئًا، ولكنه التحرر، تحرر رغبة بداخلنا لم تُتح لها الفرصة قبل ذلك، تحرر من قيد الطبقات الاجتماعية بمعناه السلبي، والتقيد بمعايير اجتماعية واقتصادية جديدة نراها نحن بعين إيجابية، ما يجعل التخلي عنها صعبًا.

عقلنا عدونا

جزء من شخصيتنا والمتحكم في أفعالنا مرتبط بكيمياء المخ التي تتحكم في كل منا، ولكن نتيجة دراسة منشورة في مجلة «نيورونز» أثبتت أن للمسرفين ميل كيميائي للإنفاق، فالعملية الكيميائية التي قد تحدث بمخ المشتري وتساعده على التفكير بسؤال: هل أنا أحتاجها حقًا؟ والرد على: كيف أخرج من المول بدون أن أشتري شيئًا؟ هذه العملية بمخ المنفق المسرف لا تحدث، وكأن عقله في سبات عميق يمنعه من التفكير باحتمال إعادة المشتريات للأرفف والمغادرة دون جر عربة مملوءة بمنتجات لا نعرف متى وكيف ولماذا قد نستخدمها، وهذا ما يساعد على تفسير ضعف البعض في مقاومة رغبتهم في شراء كماليات، بينما الآخرين لا ينفقون ما معهم على أشياء مهمة؛ ليفكروا في بدائل أوفر، أو إمكانية الاستغناء من الأساس.

نود جميعنا من أنفسنا اتخاذ قرارات عقلانية واعية بشأن ما نخطط لشرائه، هل نحتاجه فعلًا؟ هل تسمح ميزانيتنا؟ هل يمكننا التأجيل؟ هل يتوفر نفس الغرض بسعر أرخص؟ هل سيتبقى من الراتب ما يكفي الطعام والدواء وفاتورة الكهرباء؟ وبالتأكيد نعتقد أن قرارنا مستند لاحتياجنا للمنتج مع قدر تكلفته، ولكن مجموعة من باحثي الاقتصاد في جامعة كارنيجي ميلون، وعلماء نفس من ستانفورد، اكتشفوا أن عامل الحاجة وعامل التكلفة عاملان بارزان في قرار الشراء، ولكن الاعتماد عليهما لوصف قرارنا بأنه عقلاني وواع غير صحيح، فالمنفق في هذه اللحظة يكون فاقدًا للوعي حرفيًا، ويسير خلف عاطفته.

فقد كشف بحث منشور في يناير 2007 عن اختلاف نشاط كيمياء المخ بين المنفقين والمدخرين في اللحظات القليلة قبل عملية الشراء، للدرجة التي يتنبأ بها الباحثون ما إذا كان هذا الشخص سيشتري كل ما معه في عربته، أم سيعيد التفكير في أهمية بعض الأشياء ويتركها في عربة المول، وهو ما يطلعنا على السارق الحقيقي لبطاقة ائتمانك الخاصة، للأسف هو عقلك.

في رأسنا ملاك نائم وشيطان يقظ

لاختبار نشاط عقلنا وقت التسوق أجرى باحثون دراسة على 26 شخصًا، وأعطوا لكل واحد 40 دولار نقدًا، وكاميرا مراقبة للقاعة المجتمعين بها، وقاموا بتوزيع صور ورقية للمنتج، وخلف الصورة مدون عليها سعره، فإذا اختار الشخص شراء المنتج، تم خصم سعره من الـ 40 دولار، ويكون المنتج ملكًا له.

لم تختلف النتيجة بين الـ 26 شخصًا؛ ما أثار دهشة الباحثين، ففور رؤيتهم صورة المنتج ترسل مجموعة خلايا عصبية إشارات إلى منطقة في الدماغ تسمى نواة أكومبنس، ويظهر بها نشاط يعني أن الشخص يحب ويرغب فيما يراه، وتعتبر هذه النقطة في المخ مركز المتعة، ومستقبلة للدوبامين: هرمون السعادة والإثارة والاستعداد لحدث سيشبعنا، مثل رؤية طبقك المفضل يخرج من المطبخ تعلوه الأبخرة، وهنا كانت النتيجة الأولى للتجربة، عند رؤية منتج نحبه، يزيد النشاط في نقطة بقاع مخنا، تنبهنا إلى إمكانية حدوث أمر يسعدنا، وهو قدرتنا على شرائه بالفعل.

النتيجة الثانية تعلقت بالسعر المدون خلف الصورة، والتي أثارت النشاط في نقطة مختلفة في المخ، وهو النشاط الذي ينبئ الباحثين بقرار الشخص شراء المنتج أو لا، قبل أن يقرر الشخص نفسه، ويشبه هذا النشاط في حدوثه ما يحدث عندما تدرك أنك ستغلق الباب على أصبعك، أو وجود أكل متعفن على الكرسي الذي ستجلس عليه حالًا، ويحدث هذا النشاط بمنطقة أنسولا في المخ، وهي العكس لنواة أكومبنس.

عندما تنشط الخلايا العصبية بمنطقة أنسولا، فإن قرارنا بعدم الشراء قد تم بلا وعي منا، فمخنا فقط قد توقع ألمًا يقترب – دفع مبلغ كبير- والقرار الواعي يلحق بالقرار اللا واعي بعد تفكير بعيد عن نشاط العواطف، ولكن ما فاجأ الباحثين أن الـ 26 شخصًا لم تنشط عندهم منطقة أنسولا، وجميعهم يقضون بقيته نادمين.

أنت لا تشتري ما تشتريه

هناك فكرة أخرى من ناحية اجتماعية بأننا لا نشتري الأشياء، ولكن نشتري الإحساس الذي يمنحنا إياه امتلاكها، فلا نشتري البنطلون، ولكن نشتري شعورنا بالراحة ومساواتنا بمن يشترون نفس الماركة، والتقاط صورة مع أصدقائنا دون حرج الظهور وسطهم، فنحن نشتري بعاطفية.

فكرة أخرى تغض النظر عن صحة قرارنا شراء المنتج أم لا، وعن تنفيذ القرار، ففي الحالتين تحركك عواطفك، ولكن كيف يكون قرار شراء الأرخص والأوفر عاطفيًا؟ إذا كنت تعتبر نفسك شخصًا محصنًا ضد إغواء الإعلانات، واقتصاديًا يفضل شراء الرخيص عن الغالي، فمحركك عاطفي جدًا، لأن داخلك يسعى لتأكد نظرتك عن نفسك، نفسك هنا التي تردد: أنا أذكى من الجميع، لن أقع في هذا الفخ.

بالضبط عندما تدفع اشتراك النادي، فأنت تدفع مقابل جسد رياضي، وعندما لا تشتري وجبات سريعة، فأنت تشتري صحتك، وعندما تشتري طاولة طعام لا تشتريها كأداة، ولكن كمظهر اجتماعي، يمكنك وضع المشروبات عليها واستضافة أصدقائك حولها.

في عصرنا صنعنا نظامًا فيه الاقتناء شرط أساسي للنجاح، فإذا ذهبت لاختبار وظيفة جديدة بدون ملابس رسمية نظيفة؛ ففرصتك في النجاح أقل بكثير، وفرصة زميلك الذي يمتلك سيارة في الحصول على راتب أعلى منك تزيد، وكي تصبح مندوب مبيعات جيدًا يجب عليك الإنفاق على مظهرك أكثر من العادي، وفرصة الفتاة المتأنقة بشعرها المرتب كل يوم ومكياجها الكامل في الوصول لمنصب مدير مكتب الرئيس أكبر من فتاة لا تضاهيها في المظهر، وهذا هو السبب في شرائنا أشياء لا نحتاج إليها.

كيف نوقف وسواس الشراء القهري؟

العمل بمكتب في وسط المدينة مؤذٍ لأصحابه، تخيل المرور يوميًا بمحلات الملابس والأحذية الاكسسوات والماكياج، الوضع فظيع؛ الأمر قد يصل إلى قضاء السهرة أو العطلة في التسوق مع الأصدقاء باعتباره ترفيهًا، وليس ضرورة، حتى أننا نحمل أكياس الفيشار وعلب البيبسي، بينما ننتقل من قسم الفساتين إلى الملابس القطنية العملية، وبعدها بأيام نرتدي ما اشتريناه مرة، وبمجرد لبسه يصبح غير مرئي، غير مناسب مثل الباقي؛ لنعيد دورة التسوق، ولقاء الأصدقاء ثانية، ولكن في البداية لماذا علينا إيقاف العجلة؟.

بجانب المحافظة على أموالنا القليلة من أن تضيع هباءً بالطبع، فإنه وفقًا لمنظمة العمل الدولية، فإن 170 مليون طفل يعملون في صناعة الملابس والنسيج حول العالم؛ ما يرجع جزئيًا إلى الطلب الهائل على نموذج الملابس العصرية الرخيصة في العالم الغربي، وهو النموذج الذي انتقل إلينا بافتتاح فروع لماركات عالمية في الوطن العربي، وتهافت الأغنياء وأنصاف الأغنياء على الشراء منها في الوقت الذي تعتبر فيه ماركة الطبقة متوسطة الدخل في الغرب.

سبب آخر: صناعة الملابس – مثلًا – واحدة من أكثر الصناعات تلويثًا في العالم، وسبب هذا التلوث هو الكم الهائل من المنسوجات الموجود في النفايات، فحوالي 85% من 15 مليون طن نفايات في عام 2013 كانت منسوجات، والتي تُباع في الدول النامية بسعر أرخص في أسواق الملابس المستعملة؛ ما يفتح بابًا للمنافسة على الباعة الأصليين. هذه المنافسة ليست موضوعنا، الأهم هو كيف نتخلص من عاداتنا اللاواعية هذه؟

هي طرق كثيرة تعتمد على شخصيتك، إذا قررت التوقف عن الشراء دون الحاجة، فبدلًا عن مقابلة الأصدقاء بالمول التجاري الضخم، يمكنكم التقابل في منزل أحدكم، أو في حديقة، أو على الشاطئ. وإذا كنت تمر يوميًا على محلات غالية الثمن، حاول أن تغير طريقك، أو بدلًا عن ركوب الأتوبيس والتاكسي، اذهب إلى عملك بمترو الأنفاق؛ حتى يصعب عليك التوقف عند مطعم جديد، أو فرع لماركة معروفة.

لا تلقِ فواتيرك فور دخول المنزل لتفرح بمقتنياتك الجديدة، احتفظ بالفواتير؛ لتتذكر كم دفعت مقابلها، وكم يتبقى في حسابك. لا تستخدم بطاقة الائتمان وأنت تتسوق، من الأفضل أن تحمل نقدية؛ لتعرف كم دفعت. وحاول ألا تستخدم كل الملابس والأحذية الجديدة مرة واحدة، فاتركها ولا تنزع بطاقة السعر من عليها، ولا ترتدِها، إلا إذا احتجت فعلًا لذلك، وستمر أشهر حتى تحتاج لهذا، وطوال هذه الفترة سيغمرك شعور بالذنب، إذا فكرت بشراء الجديد، ومازال الجديد بخزانتك.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان