"أعنف وأسرع".. أطباء يكشفون أسباب خطورة السلالة الجديدة لكورونا
كتبت- هند خليفة
مخاوف كثيرة يعيشها العالم بعد الإعلان عن اكتشاف سلالة جديدة أشد خطورة من فيروس كورونا المُستجد، وُصِفت بأنها "خرجت عن السيطرة" في بريطانيا، والتي تسببت في نحو 1200 إصابة خلال الأيام الخمسة الماضية وفق صحيفة "أوبزرفر" البريطانية، ما أدى إلى فرض عدة دول أوروبية قيودا على السفر من بريطانيا وإليها بسبب ظهور تلك السلالة الجديدة من فيروس كورونا.
وحول تلك السلالة الجديدة ولمعرفة تفاصيل أكثر عنها، تواصلت "مصراوي" مع إثنين من الأطباء المتخصصين في الفيروسات والمناعة، لتوضيح مدى خطورة تلك السلالة وتأثيرها على اللقاحات التي سيتم تداولها، فضلًا عن إمكانية ظهورها في مصر.
فيروس كورونا خُلق ليتحور!
يقول الدكتور فايد عطية- الباحث في الفيروسات الطبية والمناعة بمدينة الأبحاث العلمية بمصر وكلية الطب جامعة شانتو بالصين، إن فيروس كوفيد 19 خلق ليتحور جينيًا وبخاصة خلال فصل الشتاء، مشيرًا إلى أن الفيروسات من هذا دائمًا ما تكون أكثر مقاومة لتعيش فترة أطول ولذلك تتطور.
ويوضح عطية لـ"مصراوي" أن هناك نوعين من الفيروسات، أحدهما تحتوي المادة الوراثية الخاصة به على الحمض النووي المزدوج "DNA"، بينما النوع الثاني من الفيروسات يحتوي على الحمض النووي المفرد "RNA"، مشيرًا إلى أن الفيروسات بشكل عام شديدة التحور والتطور والتغيرات الجينية، ولكن الفيروسات التي تحتوي على "RNA" أكثر تحورًا وتطورا وتغيرا في جيناتها من وقت للثاني.
وأضاف أن تحور هذا الفيروس يعطيه قوة أكثر، بأن يكون واسع الانتشار كما يتسبب بأن يكون المرض أشد، إضافة إلى أنه يكون أكثر مقاومة للأدوية والعلاج، مشيرًا إلى أن ذلك ما يحدث بفيروس كورونا، حيث أنه فيروس على درجة عالية من التطورات والتحورات، ويشبه كثيرا فيروسات (الإنفلونزا- الإيدز- سي).
أعنف السلالات وأكثرهم انتشارًا
وحول السلالة الجديدة التي ظهرت وبدأ انتشارها في الدنمارك وهولندا يقول إن بعض الباحثين في مجال المناعة والأوبئة، أكدوا أنها أكثر انتشارا وإحداثًا للمرض، منوهًا إلى أنها أعنف من السلالات التي ظهرت من قبل.
ونوه أيضًا إلى أن هذه السلالة الجديدة ستؤثر على الأشخاص لأن التطورات الجينية للفيروس من الممكن أن تتسبب في الإصابة بشكل أعنف أو أسرع، ففي وقت قصير تتدهور الحالة بشكل سريع، لافتًا إلى أن هذه السلالة قد تكون أكثر مقاومة لأدوية البروتوكول التي يتناولها المرضى وبالتالي لن يكون لها أي تأثير للعلاج.
دراسة تأثيرها على اللقاحات المطروحة
أما عن تأثير تلك السلالة على اللقاحات التي ستطرح بالسوق، فيوضح عطية، أن السلالات ليس لها اختلافات كبيرة، وأن مصمموا اللقاحات يقومون بالتصميم على المنطقة الأكثر ثباتا في جينوم الفيروس، ليكون مؤثر على كل السلالات، لكن في نفس الوقت نوه إلى ضرورة دراسة اللقاحات المطروحة وتأثيرها على السلالة الجديدة خاصة وأنها خطيرة عن كل السلالات وأكثر حدة وأكثر انتشارا.
وتابع أن بعض الدراسات تقول إن الباحثين أخذوا عينات من مرضى بالسلالة الجديدة، وأجروا تتابع جيني لهم وجدوا أن هناك خلل كبير في الاسبايك بروتين (البروتين الموجود على سطح الفيروس)، بالتالي فهي تؤثر بشكل كبير على اللقاحات، ما جعل هناك ضرورة إلى أن تكون هناك دراسة متأنية لها وتأثيرها على السلالة واستجابتها للقاحات الموجودة في السوق، ومعرفة مدى احتياجها إلى تعديل لتناسبها، خاصة وأن معظم اللقاحات الأوروبية (فايزر- موديرنا- أسترا زينكا) تركز على جزء من الجينوم الخاص بالاسبايك بروتين.
توقعات بأن يصل عدد سلالات الفيروس إلى 1000حتى انتهاء الوباء
وأكد أنها لم ولن تكون أول أو آخر سلالة، فإن الفيروس يتحور باستمرار، مشيرًا إلى أن سلالات الفيروس قد يصل عددها إلى ألف حتى ينتهي الوباء، وموضحًا أن الفيروس له دورة يتغير فيها، فبمجرد دخوله للخلية يبدأ يتضاعف حتى تخرج نسخة من الفيروسات جديدة، فيشبه ذلك بأنه يقوم بعملية إنجاب داخل الخلية ليسيطر عليها.
واستكمل بأن دورة فيروس كورونا تأخذ فترة تتراوح بين أسبوع لعشر أيام أو أسبوعين أو حتى 28 يوم، وفي آخر دراسة تقول إن الفيروس يحدث له تغيرات جينية وطفرات مرتين في الشهر ممكن يحدث خلالهما تغيرات في السلالة، مشيرًا إلى أن تلك التغيرات تحدث لأن يواجه بها الفيروس المناعة والأدوية اللي يتم تناولها وظروف المناخ والبيئة والوسط الذي ينتقل فيه.
لم يستبعد عطية أن تتسبب التطورات والطفرات الجينية في حدوث سلالات أكثر إمراضًا أوعنفًا، مشيرًا إلى أن هناك فيروسات أخرى كانت طفراتها أقل حدة من السلالة الأصلية والسلالة الجديدة أقل إمراضًا وانتشارًا من النسخة الأصلية، لكن للأسف الكوفيد-19 كل الطفرات التي حدثت له تكون أكثر عنفا وانتشارا عن التي قبلها.
ثلاث سلالات في مصر.. إثنان منهم الأعنف
وأشار إلى أنه بحسب بحث دنماركي في شهر يونيو الماضي كشف عن أن العالم يواجه أكثر من 30 سلالة، بينما بحث آخر في سبتمبر قال أن هناك أكثر من 100 سلالة تم رصدها على مستوى العالم خلال فترة الوباء، بينما في مصر بناء على إعلان لوزارة الصحة فيوجد ثلاث سلالات منهم سلالة أقل حدة وسلالتين عنيفتين، مرجعًا سبب حالة الانتشار السريع هذه الأيام، وتزايد حالة الوفيات لتلك السلالتين.
وتوقع عطية تطوير اللقاحات الخاصة بكورونا كل عام كما هو حاصل مع لقاحات الإنفلونزا، فكل عام سلالة جديدة للفيروس يتغير معها اللقاح، موضحًا أن فيروس كورونا أقرب ما يكون في التحورات والتغيرات الجينية من الإنفلونزا، وبناء على ذلك أن يكون لكل اللقاحات المطروحة في العام القادم، إصدار جديد حسب السلالات المنتشرة، متوقعًا أيضًا أن يتوفر تطعيم موسمي كل عام أو ستة أشهر.
وحول إمكانية انتقال السلالة الجديدة من الفيروس إلى مصر، قال إن هناك إمكانية لحدوث ذلك عن ريق السفر والطيران، مشددًا على ضرورة تطبيق إجراءات أكثر صرامة في المطارات، وإجراء فحص دقيق، وعدم الاكتفاء فقط بقياس درجة الحرارة، ليوصي بأن يتم اعتماد تحاليل بي سي آر للقادمين من الدول التي ظهر بها السلالة الجديدة (بريطانيا- الدنمارك- هولندا- بلجيكا).
زيادة 70% من قدرتها على العدوى
من جهته يقول الدكتور مجدى بدران- عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، إن السلالة الجديدة سريعة الانتشار والعدوى، لكنها لم تسجل زيادة في الوفيات، لافتًا إلى أنه لا توجد أي أدلة على أنها تقاوم كافة اللقاحات الجديدة.
وأضاف بدران لـ"مصراوي" أن السلالة الجديدة جعلت هناك زيادة خطيرة تصل إلى 70% في قدرتها على العدوى، وبالتالي لا يعرف مدى استفحال هذه السلالة في المدى القريب، مشيرًا إلى أنه تم رصدها في 60 موقع في بريطانيا، وأن منظمة الصحة العالمية أعلنت أنه تم تحديدها في نيفرلاند والدنمارك واستراليا.
ولفت إلى أن السلالة الجديدة حتى الآن لم يتم رصدها في مصر، لكن هناك إمكانية لظهورها خاصة وأنها سريعة الانتشار، وهو ما لا يمنع انتقالها إلى مصر وشمال أفريقيا، مشيرًا إلى أن وصولها استراليا يقول أنها لديها قدرة على الانتقال.
السلالة الجديدة تطورت داخل مريض ببريطانيا
ويوضح الدكتور ياسر الشربيني، أستاذ المناعة بجامعة توتنجهام نرينت، سبب ظهور السلالة الجديدة لإصابة أحد المرضى بالفيروس لفترة طويلة، حتى استطاع أن يحسن من نفسه لينتج تلك السلالة وبالتالي انتقالها من هذا الشخص لآخرين.
وأضاف الشربيني، في مداخلة مع برنامج الحكاية الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب على قناة MBC مصر، اليوم الأحد، أن الفاكسين يستطيع أن يقاوم تلك السلالة الجديدة، مشددًا على أن هناك ضرورة لتناوله ليتكون لدى الشخص مناعة ضد هذا الفيروس.
ونوه إلى أن هناك قلق من تطور الفيروس وهروبه من اللقاحات المقاومة له، فدائمًا ما يغير من شكله ليضمن الوجود لفترة أطول، لكن الأضمن تناولها تلك الفترة حتى يستقر الباحثين على لقاح يشمل كل تطورات وسلالات الفيروس.
فيديو قد يعجبك: