أمراض الأطفال بالمدارس.. قوس العدوى مفتوح
كتب- مصطفى عريشة
تصوير- محمود أبو ديبه
تنتشر عدة أمراض بين الأطفال في المدارس نتيجة ضعف جهازهم المناعي وتكدسهم في الفصول، ما يمهد الطريق للعدوى للانتشار فيما بينهم، وأحيانًا تُضرب الأغشية المخاطية للمخ في حالة تبادلهم أحد الأمراض الخطيرة.
«الالتهاب السحائي» والأنفلونزا بأنواعها من أبرز الأمراض المنتشرة بين أطفال المدارس، ينتقل أغلبها عن طريق الجهاز التنفسي والرذاذ والتلامس، وتسبب تلك الأمراض مضاعفات قد تصل إلى الوفاة حال عدم علاجها مبكرًا.
ونصح أطباء بضرورة اتخاذ الإجراءات الوقائية التي تضمن حماية الأطفال من الإصابة بالعدوى وأبرزها اتباع النظام الغذائي السليم، والاهتمام بالتطعيمات الضرورية.
سبب انتشار العدوى
يقول الدكتور علاء المسلمي، استشاري طب الأطفال، إن مرض الحمى الشوكية سببه تكدس الفصول في المدارس ويكون بين التلاميذ طفل مصاب أو كان مصابًا ولم يكمل علاجه حتى إتمام الشفاء فينشر العدوى بين زملائه.
ويضيف «المسلمي» أن الحمى الشوكية إحدى أنواع الالتهاب السحائي وتشبه أعراض نزلات البرد، ويصل فيها الفيروس إلى الأغشية المخاطية للمخ ويؤدي إلى نوع من التشنجات، وعدم التدخل سريعًا لعلاجها يؤدي إلى الوفاة.
السعر مرتفع
ويؤكد «المسلمي» أهمية التطعيمات التي يجب حصول الأطفال عليها، ويوجد نوع مهم من تطعيمات الالتهاب السحائي اسمه «نيمو كوكال»، ويبدأ استخدامه من سن سنتين إلى 4 سنوات و6 سنوات على جرعات متتالية، ويحمي من 4 أمراض هم: الحمى الشوكية، والالتهاب الرئوي، والتسمم الدموي، والتهاب الأذن الوسطى، لكن سعره مرتفع ويجب على الحكومة ووزارة الصحة توفيره لطلاب المدارس لأنه غير موجود في التطعيمات الإجبارية.
ولفت إلى أن هناك تطعيمات أخرى تُعطى للحمى الشوكية منها «النينجو كوكال»، ومن الضروري توفير تلك التطعيمات لأطفال المدارس لحمايتهم من الإصابة بالمرض وهي موجودة في هيئة المصل واللقاح ولدى بعض الأطباء.
ويشير «المسلمي» إلى خطورة بعض الأمراض الأخرى التي تنتقل بالعدوى بين تلاميذ المدارس، ومنها الالتهابات الرئوية ونزلات البرد، فضلًا عن الأنفلونزا لأن مضاعفاته تؤدي إلى الإصابة بالحمى الشوكية عند الأطفال، ويجب الحصول على تطعيماته في شهر سبتمبر.
الحصبة والجديري من الأمراض المعدية أيضًا لكنهم الأقل انتشارًا بسبب الوقاية منهم من خلال التطعيمات الإجبارية للأطفال.
دور الأمهات
وللأمهات دور كبير وعليهن الالتزام بعدة أساسيات للوقاية من تلك الأمراض، تبدأ من الرضاعة الطبيعية حتى يصل الجهاز المناعي لأعلى مستوياته ويكون قادرًا على مواجهة أي مرض يهاجم الجسم.
ويؤكد «المسلمي» ضرورة الاهتمام بالتغذية السليمة للطفل والابتعاد عن أكل الشارع نهائيًا، لأنها تسبب الالتهاب الكبدي والنزلات المعوية، ويجب على الأم التركيز على الهرم الغذائي بكل مكوناته من خلال الإفطار الصحي الشامل لكل المكونات الأساسية لحماية الطفل، بالإضافة للاهتمام بالتطعيمات، مثل تطعيم «فيروس الروتا» وهو خطير جدًا ويسبب الوفاة، والاهتمام بتطعيم الجديري المائي والجدري والتهاب الكبدي الوبائي (أ).
مقترح برلماني
النائب مكرم رضوان، عضو لجنة الصحة بالبرلمان، يؤكد ضرورة أن توفر وزارة الصحة في كل مدرسة أخصائية من خريجي كليات التمريض بشكل ثابت.
وأضاف «رضوان» لـ«الكونسلتو»، أنه يجب عمل برنامج تدريبي أو زمالة عن كيفية الكشف عن الأمراض التي تصيب الأطفال في المدارس والتي تمثل خطورة في انتشار العدوى بين زملائهم، وهذا ليس صعبًا.
وأوضح أنه يجب نشر ثقافة الوقاية من الأمراض وتعليم التلاميذ الحفاظ على صحتهم واكتشاف الإصابات مبكرًا من خلال الكشف المبكر عليهم.
وأكد «رضوان» ضرورة وجود نظام صحي متكامل بمنظومة محكمة على مستوى الجمهورية في المدارس ويكون هناك زيارات ثابتة للمدارس من قبل أطباء متخصصين.
يقول «رضوان» إن المشكلة في مصر هو أننا نعمل في جزر منعزلة في إشارة إلى عدم التنسيق بين الجهات ووزارة التربية والتعليم والصحة فيما يتعلق بالاهتمام بالمنظومة الصحية لطلاب المدارس.
وبسبب ذلك لا تكون هناك رقابة فعلية أو جهة مسئولة لحماية الأطفال في المدارس، ونحتاج إلى تحديد مسئوليات لنعرف من يحاسب في حالة التقصير.
مشكلة ثقافية
ويقول الدكتور خالد سمير، الأستاذ بكلية الطب جامعة عين شمس، وعضو مجلس نقابة الأطباء السابق، إننا لدينا مشكلة ثقافية في مصر وهي عدم إدراك الناس أهمية عزل المريض في المنزل.
وأضاف «سمير» أنه يجب نشر ثقافة التزام المريض الفراش إذا استدعى الأمر ذلك حتى لا يسبب عدوى لمن حوله، ونشر ثقافة الكشف المبكر والتوعية من خلال الكشف عن أي طفل يعاني من رشح أو سعال، ويتم الإبلاغ والكشف للتأكد من الأعراض التي ظهرت عليه.
إجراءات ضرورية
وأوضح أن هناك إجراءات ضرورية يجب اتخاذها داخل المدارس، على رأسها التهوية الجيدة، خاصة في ظل تكدس التلاميذ في الفصول، وفي حالة اكتشاف إصابة أي طفل بمرض معدٍ يجب عزله ومنحه راحة منزلية وأخذ عينات لتحليليها في المعامل المركزية لوزارة الصحة لمعرفة طبيعة المرض وخطورته، وإرسال فريق تحقيق للتأكد من مصدر العدوى تحسبًا لوجود بؤرة أو انتقال مرض من خارج البلاد.
وأكد «سمير» أن إغلاق بعض المدارس ضروري في حال وجود مرض معدٍ بين التلاميذ، لكنه يتوقف على مدى انتشار المرض، وتكون في حال إصابة أكثر من طفل في أكثر من فصل داخل المدرسة، حتى لا يسبب حالة من الهلع بين التلاميذ، لافتًا إلى أهمية عدم التهاون في التعامل مع تلك الأمور التي تؤثر على اقتصاد دول، فمثلًا إذا أعلنت دولة تفشي مرض معين، ستتأثر السياحة وإذا كانت مقدمة على استقبال حدث مهم أو فعالية جماهيرية ستتعرض لأزمة كبيرة.
لمزيد من الأخبار تابع موقع الكونسلتو
فيديو قد يعجبك: