إعلان

المغرب تصنع سيارة كل دقيقة.. ماذا تحتاج مصر لتصبح مثلها؟

07:30 م الثلاثاء 29 أكتوبر 2024

صناعة السيارات - أرشيفية

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - أيمن صبري ومحمود أمين:

"سيارة كل دقيقة".. بهذه الوتيرة تصنع المملكة المغربية السيارات حاليا، فيما عجزت مصر التي سبقتها في صناعة السيارات، عن تحقيق هدفها هذا العام المتمثل في تصنيع 500 ألف سيارة للعام الثاني. فلماذا تفوقت تجربة المغرب، ولا تزال صناعة السيارات المصرية تراوح مكانها؟ وماذا تحتاج مصر لتصبح مثلها؟

المغرب ومصر وصناعة السيارات

شهدت صناعة السيارات في المملكة المغربية نموًا ملحوظًا خلال العقدين الماضيين، واستطاع المغرب أن يتحول إلى مركز إقليمي لصناعة السيارات، وباتت صناعة السيارات موردًا رئيسيا للنقد الأجنبي حيث بلغ إجمالي صادراتها من السيارات بإحصاء عام 2022 11 مليار دولار.

وتربعت المملكة المغربية على عرش دول الشرق الأوسط وأفريقيا في صناعة السيارات، واحتلت المركز الثاني بعد الصين ضمن أكثر الدول تصديرًا للسيارات منخفضة التكلفة إلى أوروبا، وأصبحت نموذجًا يحتذي للدول الباحثة عن توطين هذه الصناعة الهامة.

في المقابل، تسعى مصر التي كانت سباقة في صناعة السيارات منذ ستينيات القرن الماضي قبل أن يأفل نجمها، لتعميق التصنيع المحلي وجذب رؤوس أموال مباشرة للاستثمار في صناعة السيارات ورفع معدلات الإنتاج، وخاصة أن مصر كانت حتى عام 2018 وصيفًا للمغرب بالقارة الأفريقية في صناعة السيارات.

بداية الصناعة

بدأت قصة صناعة السيارات في المغرب أوائل التسعينيات عندما أطلقت الحكومة المغربية برنامجًا لتشجيع الاستثمار الأجنبي في عام 1995، حيث أقامت شركة رينو الفرنسية مصنعًا في مدينة طنجة. لم يكن هذا المصنع مجرد مركز لتجميع السيارات، بل أصبح أيضًا مركزًا لتصنيع المكونات.

بينما في مصر، بدأت الصناعة من مصنع النصر للسيارات، الذي كان مهدًا لصناعة السيارات التجميعية، إلا أن انخفاض أدائها نتيجة للكثير من المعوقات أدّى إلى تراجع مكانتها بين الدول المنافسة في المنطقة.

ازدهار مقابل تقلص

على مدى أكثر من 25 عامًا، استقطب المغرب العديد من الشركات العالمية في مجال صناعة السيارات، مثل "فولكس فاجن" و"بيجو" و"فيات" و"ستروين".

وفي عام 2012، أعلن المغرب عن استراتيجيات جديدة تهدف إلى تعزيز هذا القطاع، مع وضع هدف طموح لجعل البلاد واحدة من أكبر مراكز تصنيع السيارات في إفريقيا.

في المقابل، تأثرت الصناعة المصرية بتغيرات سياسية واقتصادية منذ عام 2011، ما أدى إلى تراجع معدلات النمو حتى العام 2015 الذي شهد بداية انتعاش الصناعة، لكن توالي الأحداث الإقليمية والعالمية أدى إلى انحسار جديد لصناعة السيارات في مصر.

القدرة الإنتاجية

بلغت القدرة الإنتاجية لصناعة السيارات في المغرب حوالي 700 ألف وحدة سنويًا في عام 2020، مع توقعات بزيادة هذا الرقم إلى 1.5 مليون وحدة بحلول عام 2025. وتعكس هذه الأرقام النجاح الكبير الذي حققته المغرب في جذب الاستثمارات.

أما في مصر، فقد كانت الحكومة تسعى إلى إنتاج 500 ألف سيارة سنويًا بحلول عام 2022، على أن يتم تصدير 100 ألف منها إلى الخارج. ومع ذلك، فإن توقف العمل على تطبيق استراتيجية صناعة السيارات لأعوام، بالإضافة إلى تأثيرات جائحة كورونا في عام 2020، حال دون الوصول إلى الأرقام المستهدفة.

بناء مناطق صناعية متخصصة

أسست الحكومة المغربية عدة مناطق صناعية متخصصة، مثل المنطقة الحرة في طنجة، حيث توفر هذه المناطق بنية تحتية حديثة تسهل على الشركات الكبرى إنشاء مصانعها وجذب المزيد من الاستثمارات.

بينما في مصر، لا توجد مناطق صناعية مشابهة بنفس الكفاءة، ولكن تم تطوير بعض المناطق لتحسين البيئة الصناعية، مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.

توطين الصناعة

تعمل الحكومة المغربية على توطين الصناعة من خلال تشجيع الشركات المحلية على توفير مكونات السيارات. يشمل ذلك دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة لزيادة قدرتها على المنافسة في السوق.

بينما تسعى الحكومة المصرية لتعميق الصناعة وزيادة المكون المحلي، لكن لم تصل للنجاح المطلوب بعد.

الشركات العاملة

تضم صناعة السيارات المغربية العديد من الشركات العالمية والمحلية ومن أبرزها رينو الفرنسية التي تعد شركة رائدة في المغرب، حيث تنتج طرازات مختلفة بما في ذلك "داسيا".

كذلك، استثمرت فولكس فاجن بشكل كبير في مصنعها في مدينة طنجة، وتعتبر من أكبر المنتجين في البلاد.

في حين تمتلك بيجو مصنعًا في مدينة القنيطرة، وقد بدأت عمليات الإنتاج في عام 2019.

في المقابل، يتواجد في مصر مصانع لشركات عالمية مثل جنرال موتورز ونيسان وشيري وهيونداي موتور وغيرها، إلا أن هذه الشركات مجتمعة لا تقترب من معدلات الإنتاج التي تحققها الشركات بالمغرب.

التحديات

على الرغم من النجاحات الكبيرة، تواجه صناعة السيارات في المغرب بعض التحديات، منها المنافسة العالمية التي تزداد من دول أخرى مثل تونس ومصر.

كما تحتاج الصناعة المغربية إلى برامج تدريبية أكثر تخصصًا لتلبية متطلبات السوق. بالإضافة إلى ذلك، تتطلب الصناعات الحديثة تكنولوجيا متقدمة، ما يستدعي استثمارات كبيرة في البحث والتطوير.

بينما في مصر، تعاني الصناعة من تحديات على المستوى الاقتصادي في المقام الأول وكذا السياسات الخاصة بإدارة ملف صناعة السيارات والذي بدأت الحكومة في معالجته بصورة جديدة، بالإضافة إلى الحاجة إلى تحديث البنية التحتية والتدريب المهني لتلبية احتياجات السوق.

الخطط المستقبلية

تعمل الحكومة المغربية على خطط مستقبلية تهدف إلى تعزيز قطاع السيارات، ومن أبرزها استراتيجية "الجيل الجديد" التي تستهدف تطوير صناعة السيارات الكهربائية والهجينة، حيث تضع الحكومة هدفًا لتحقيق 30% من إنتاج السيارات الكهربائية بحلول عام 2030.

كما تسعى الحكومة إلى دعم الابتكار من خلال إنشاء مراكز بحث وتطوير في مجال صناعة السيارات.

أما في مصر، وضعت الحكومة خطة طموحة لجذب الاستثمارات الأجنبية بشكل مباشر لقطاع السيارات من خلال البرنامج الوطني لصناعة السيارات AIDP" الذي يعد بمثابة سياسة متكاملة وشاملة لصناعة السيارات والصناعات المُغذية لها والتي توفر منظومة مستقرة تتوافق مع جميع الالتزامات الدولية، إلا أن ثمرة إنتاج هذا البرنامج لم تخرج للنور بعد.

الإنجازات

أشاد المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بالدور المتزايد للمغرب في صناعة السيارات، حيث أصبحت أكبر منتج للسيارات في شمال إفريقيا.

وأظهرت دراسة بعنوان "ريادة إقليمية: المغرب وتوطين صناعة السيارات" أن المغرب يضم أكثر من 250 موردًا لقطع السيارات، ما يعزز مكانته كوجهة جذابة للاستثمار.

بينما في مصر، بالرغم من وجود صناعة سيارات منذ الستينيات، إلا أنها لم تحقق نفس المستوى من النجاح، حيث شهدت بعض التحسينات ولكن صادراتها لم تصل لنفس المستوى مقارنة بالمغرب.

القاعدة الصناعية

تضم المغرب نحو 250 مصنعًا للسيارات والصناعات المغذية، وتوفر حوالي 220 ألف فرصة عمل. شهد القطاع تطورات بارزة في السنوات الأخيرة، بدءًا من تصنيع أول سيارة كهربائية من قبل ستروين في مصنع القنيطرة في يونيو 2020، إلى الكشف عن نموذج محطة شحن سيارات كهربائية محليًا في ديسمبر من نفس العام.

بينما في مصر، تفتقر الصناعة لنفس العدد من المصانع، وتواجه شركات صعوبات في توفير وظائف جديدة بأيدي عاملة ماهرة.

مستقبل صناعة الطيران

بعد صناعة السيارات، ظهرت المغرب بقوة في مجال صناعة الطيران، حيث حققت صادرات القطاع 1.3 مليار دولار في النصف الأول من 2024، بزيادة 16.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

يُعتبر المغرب الأول في صناعة الطيران بإفريقيا، ويجذب أكثر من 140 شركة عالمية، بما في ذلك إيرباص وبوينج. في المقابل، لا تزال صناعة الطيران في مصر في مهدها بالمقارنة، ولم تحقق نفس النمو والازدهار كما هو الحال في المغرب.

جغرافية مصر كفرصة

يرى المسؤولون في القاهرة أن جغرافية مصر تؤهلها لتكون مركزًا لصناعة وتسويق السيارات، فهي تربط دول العالم الشرقي بالغرب عبر قناة السويس. وعملت القاهرة على تطوير الهيئة العامة لتنمية قناة السويس، التي تضم منطقة بمساحة 455 كم، مع سلطة مستقلة للإشراف على جميع مجالات التشغيل.

بينما المغرب يمتلك موقعًا جغرافيًا جيدًا، لكنه أقل تأثيرًا في الربط التجاري مقارنة بمصر.

البيئة الاستثمارية

تتبنى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بيئة أعمال صديقة للمستثمر، حيث تسعى لتوفير الدعم للأعمال الجديدة ودعم المستثمرين الحاليين للنمو والتوسع. في المغرب، تدعم الحكومة تطوير البنية التحتية لجذب الاستثمارات، ولكن البيئة الاستثمارية لا تزال بحاجة لتحسينات إضافية.

التوجهات التجارية

تهدف الحكومة المغربية إلى فتح أسواق جديدة لصادرات السيارات، حيث تسعى لتوسيع صادراتها إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية. بينما تسعى مصر نحو تعزيز صادراتها عبر اتفاقيات التجارة الحرة مع دول الاتحاد الأوروبي ودول أخرى.

ما الذي تحتاجه مصر لمواكبة المغرب؟

تمتاز المغرب بوجود بنية تحتية مناسبة لصناعة السيارات، ويشمل ذلك امتلاك مناطق اقتصادية حرة كالمنطقة الحرة الأطلسية والمنطقة الحرة بطنجة والمنطقة الحرة "تكنوبوليس" بالرباط، بالتوازي مع توفير مناطق صناعية مؤهلة إلى جانب تشييد الموانئ والمطارات وخطوط السكك الحديدية، والقطارات السريعة.

وفي السنوات القليلة الماضية كثفت الحكومة المصرية ممثلة في المجموعة الاقتصادية بالوزارة جهودها لخلق بيئة عمل صالحة للاستثمار في هذا القطاع الحيوي وتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين به، كما نفذت الدولة مشروعات عملاقة خلال السنوات العشر الأخيرة مرتبطة بالصناعة بشكل عام لا سيما التحديث الشامل بالطرق والكباري والموانئ البحرية.

وتستهدف مصر في الوقت الحالي استقطاب أكبر عدد ممكن من مصنعي السيارات، وكذا المستثمرين بالصناعات المغذية وقطع الغيار وهي الصناعة التي تعد عصب رئيسي بقطاع السيارات. وذلك من خلال القضاء على التشوهات السعرية بسوق النقد الأجنبي ومنح القطاع الخاص فرصًا أكبر بعيدًا عن منافسة القطاعات الحكومية.

فيديو قد يعجبك: