سيارات المستقبل .. حواسب عملاقة تجوب الطرقات

لم تعد السيارات التي تتعرف على رغبات قائدها أو التي تتولى عملية القيادة بنفسها أثناء السير في التكدسات المرورية أو التي تقوم ببرمجة التدفئة في المنزل مجرد أفكار مستقبلية مستوحاة من أفلام الخيال العلمي، حيث شهدت فعاليات معرض الإلكترونيات الاستهلاكية "CES"، الذي احتضنته مدينة لاس فيغاس الأمريكية مؤخراً، طفرات تكنولوجية كبيرة تبشر بتحول السيارة إلى حاسوب عملاق يكون رهن إشارة قائد السيارة قريباً.

     وعلى الرغم من ظهور شركات السيارات العالمية في بيئة غير مألوفة لها تماماً في معرض لاس فيغاس وسط كل الشركات المتخصصة في إنتاج الهاردوير وتطوير البرامج وتصنيع الهواتف الذكية والحواسب اللوحية، إلا أن التجهيزات الإلكترونية في السيارات والمتطلبات الرقمية للعملاء أصبحت متنوعة وواسعة،  لذا حرصت الماركات العالمية على التواجد في مثل هذه الفعاليات، كي تتمكن من تلبية رغبات عملائها.

     وقد شهدت فعاليات معرض CES  ظهور الساعة الذكية التي تقوم بإخبار السائق بعدد الكيلومترات المقطوعة ومدى كفاية خزان الوقود، بالإضافة إلى كشف النقاب عن نظارة البيانات من غوغل والتي ترتبط بنظام الملاحة في السيارة. كما يتمكن قائد السيارة من تخطيط مسار الرحلة على الحاسب اللوحي ومتابعته أثناء القيادة.

قيادة آلية  

     وتحولت أنظمة المساعدة على القيادة إلى حلول للقيادة الآلية الكاملة، والتي تتولى عملية قيادة السيارة بأمان إلى الوجهة المقصودة بدون أي تدخل من السائق. وأوضح جين هسون هوانغ، رئيس شركة نفيديا الأمريكية المتخصصة في إنتاج المعالجات، أن السيارات أصبحت حالياً بمثابة حواسب جوالة فاخرة. وأضاف قائلاً: "بفضل المعالجات الجوالة المتطورة فإن وظائف السيارة المستقبلية لن تظل مجرد أحلام في عالم الخيال العلمي".

     وقد شهدت أروقة معرض لاس فيغاس إزاحة الستار عن الكثير من التقنيات المستقبلية، والتي سوف يتم تجريبها قريباً على الطرقات في نماذج اختبارية، وقدمت شركة أودي الألمانية على سبيل المثال نظام القيادة الآلية لصف السيارة للانتظار، وفي هذا النظام يقف السائق بجوار السيارة بينما تقوم بتوجيه نفسها للبحث عن مكان انتظار مناسب. وتَعد الشركة الألمانية عملائها بطرح هذا النظام في الموديلات القياسية في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام.

     وبالإضافة إلى ذلك قدمت شركة أودي نظام مساعدة مستقل تماماً للسير في التكدسات المرورية، والذي يتولى عملية التوجيه والضغط على دواسة الوقود والفرامل بدلاً من السائق عند السير بسرعة تصل إلى 60 كلم/ساعة، ومن المقرر إطلاق هذا النظام في الجيل الجديد من سيارة أودي A8 في غضون عامين.

     وقامت شركة بي إم دبليو الألمانية بتسليط الأضواء على سيارتها i3 الكهربائية التي تقوم بعملية المناورة بمفردها في أماكن انتظار السيارات، بينما يقوم السائق بالاحتفاظ بأحد الأزرار مضغوطاً فقط. وتهدف الشركة الألمانية من خلال سيارتها ذاتية القيادة من الفئة الثانية إلى إظهار مدى متعة القيادة.

     وأوضح فيرنر هوبر، مدير التطوير بشركة بي إم دبليو، أن هذه التدريبات في المناطق الحدودية تساعد الشركة الألمانية على إعداد موديلاتها للمواقف الأكثر خطورة أثناء تجريب نظام القيادة الآلية، بالإضافة إلى أنها تفتح الباب واسعاً أمام إدخال العديد من أنظمة المساعدة الجديدة مثل مساعد الانحراف.

التعرف على الإيماءات

     وإلى جانب أنظمة القيادة الآلية وزيادة التشابك مع العالم الرقمي شهدت أروقة معرض الإلكترونيات الاستهلاكية بمدينة لاس فيغاس ظهور بعض مفاهيم الاستعمال والبيان الجديدة، وقدمت شركة كيا الكورية الجنوبية مثلاً كيفية تعرف السيارات المستقبلية على الإيماءات، حيث يكفي السائق التلويح أمام عدسة الكاميرا كي يتمكن من تغيير البرنامج الموسيقي.

     وقدمت شركة أودي الألمانية مجموعة أجهزة قياس وبيان رقمية تقوم بإظهار العديد من الرسومات المتقنة، بحيث يمكن الاستغناء عن شاشة نظام المعلومات والترفيه. وإلى جانب ذلك يوجد حاسب لوحي خاص بالسيارة يمكن استعماله كشاشة لنظام المعلومات الترفيه أو جهاز للتحكم في وظائف السيارة عن بُعد.

     وتسعى شركة مرسيدس الألمانية إلى بلوغ قمة جديدة من خلال تقليل خطوات الاستعمال إلى الحد الأدنى، وبالتالي يتم التنبؤ برغبات قائد السيارة بصورة تلقائية. وأوضح توماس فيبر، مدير الأبحاث بالشركة الألمانية، أن سيارات مرسيدس تتعرف على الروتين التقليدي والأنماط السلوكية للركاب، اعتماداً على وجهات الرحلة التالية أو ذوق الموسيقى الحالي أو أوضاع الضبط المفضلة لمكيف الهواء.

     وأضاف الخبير الألماني توماس فيبر أن العملاء لن يضطروا إلى الانتظار طويلاً، حيث إنه من المتوقع ظهور هذه التقنيات في الموديلات القياسية خلال سنوات قليلة، حتى أن شركة أودي تعتزم طرح مقصورة القيادة المتطورة في سيارتها الكوبيه TT الجديدة خلال فصل الصيف من العام الجاري.

     بالإضافة إلى أنه من المقرر ظهور الحاسب اللوحي الخاص بها خلال العام القادم عندما تقوم بطرح الجيل الجديد من سيارتها Q7. ولم تفصح شركة كيا الكورية الجنوبية عن أية معلومات بشأن موعد إطلاق نظام الاستعمال الجديد في سياراتها القياسية.