"منى وحلمي".. بيت فني عمدانه العشق والهوى (بروفايل)
كتب- محمد مهدي:
على ضفاف النيل، كان مركب يشق طريقه بالقرب من قصر المانسترلي، يستقله مجموعة من الأصدقاء، بينهم شاب نحيل يبدو عليه الارتباك، ينظر بين الحين والآخر لفتاة جميلة، مع كل ابتسامة منها يخفق قلبه، لديه ما يقوله لها.
يقترب منها، يطلب الابتعاد عن الجمع، عند مقدمة المركب ينظر إلى عينيها مباشرة، يقولها دون تردد رغم القلق "أنا بحبك يا منى". تلك كلمات دفعت علاقة الفنان "أحمد حلمي" والنجمة "منى زكي" إلى منطقة العشق، التي تكللت ببيت سعيد و3 أطفال.
حين قرر حلمي مصارحة منى بمحبته لها، لم يكن حينذاك نجم شباك التذاكر المحبوب من الجماهير، كان لايزال مذيعًا في القنوات المتخصصة يعرض برنامجًا يوميًا للأطفال، بينما يزدحم "السي في" الخاص بالفنانة الشابة بعدد من الأعمال التلفزيونية والسينمائية الناجحة أخرها بطولتها لفيلم "أفريكانو" مع الفنان أحمد السقا، لكن ذلك لم يُمثل عقبة في طريقهما "مكناش بنفكر بالطريقة دي" كما تقول "منى".
من القاهرة اتصل حلمي بها أثناء تواجدها في جنوب أفريقيا لتصوير "أفريكانوا" لسؤالها عن رد فعلها لما جرى في المركب، كاد قلبه أن يتوقف عندما قالت له "إنت شخص لطيف" انتظر أن تكتمل الجملة بالنهاية التقليدية "بس احنا أخوات وكدا"، لكنها أبلغته "إنها كمان معجبة بيا.. فكنت في قمة سعادتي".
دون نجومية أو مستقبل واضح ذهب "حلمي" إلى منزل الحبيبة، التقى والدها "عقلية متفتحة" هكذا رأى الفنان الشاب، استمع لأسئلة طبيعية عن ما يمتلكه من أجل الزواج ليرد "مفيش فلوس، معايا بكالريوس فنون مسرحية بس"، ابتسم الأب مقترحًا إعطائه فرصة له لنحو عامين من أجل تجهيز نفسه "وربنا فتحها عليا من وسع بعد المقابلة دي".
كما هو المعتاد من المخرج شريف عرفة، يهوى إتاحة الفُرص لوجوه جديدة، دفع بحلمي كشريك في بطولة "عبود على الحدود" لتكن المرة الأولى له في السينما، ينطلق من بعدها الكوميديان الشاب في دور آخر بفيلم "ليه خلتني أحبك"، ثم انطلاقة أكبر في "الناظر" حيث يلمع نجمه سريعًا، ظهوره مُضحك، إطلالته خفيفة، طريقته في الكوميديا تجد مكانًا في قلوب الناس.
داخل قاعة بفندق كبير، أُقيم حفل زفاف "حلمي ومنى" زحام شديد من النجوم وآخريين غير مدعوين للحفل، يذكر "حلمي" ما جرى في لقاء تلفزيوني ضاحكًا "كنت أسأل منى الراجل اللي بيتصور معانا دا قريبك، تقولي لا افتكرته تبعك إنت"، لا تُحب منى تلك الليلة كثيرًا، ترغب كما أشارت في لقاءات عدة إلى إعادتها، لكنها تبقى ذكرى شديدة الجمال كونها جمعتها بحلمي كأزواج، في نفس تاريخ عيدميلادهما.
حياة أسرية بعيدًا عن الأضواء، هكذا أراد العروسين، داخل بيتهما لا يستشعر أحد أنه لنجمين من العيار الثقيل، تهتم منى بقضاء الوقت في جو عائلي حميمي "مبنتكلمش في الشغل كتير"، تقضى أغلب الوقت في المطبخ لإعداد الطعام أو المناقشة في أمور الحياة مع الزوج دون الالتفات للشائعات ومحاولة التلصص على حياتهما "يعني كل يوم بيطلقنوا يجي 11 مرة، بس مبقناش نهتم أو نضايق".
هناك علاقات قد تمنح أصحابها الحياة وأُخرى تدفعهم إلى الموت. زواج "حلمي ومنى" من النوعية الأولى، بعدما صارا في بيت واحد، بدى للجميع كيف صار حلمي أكثر تركيزًا في مسيرته، خطوات واسعة للكوميديان المحبوب، قاعات السينما ممتلئة عن أخرها في أفلامه "ميدو مشاكل" عام 2003، ثم "صايع بحر" و"زكي شان" و"ظرف طارق" وغيرها.
لم يحاولا إقحام زواجهما في مسيرتهما السينمائية، اعتقد حلمي أن المجتمع لن يتقبل ذلك "كانت ممكن تعمل معايا أول بطولة، بس قولت لا، عشان محدش يقول إني بستغلها"، في الوقت نفسه ساعد الاتزان النفسي داخلهما على عدم وجود مشاكل بينهما "طول الوقت هو نفسه أكون أحسن واحدة، وأنا بحس ناحيته نفس المشاعر".
الشائعات لا تتوقف، كلما ظهرت منى في عمل جديد تتصاعد الفقاعات الوهمية عن انتقادات وجهت إليها من زوجها، اعتراضه على عدد من المشاهدة، فيما يأتي الرد في زواج مستمر بهدوء لا يكترث بما يدور من حوله، ودعم كبير متبادل بينهما.
يخرج حلمي أمام الجمهور متحدثًا عن أفلامها بصورة جيدة، خاصة بعد عرض فيلم "احكي يا شهر زاد"، بينما تحرص هي على إبداء نصايح بالغة الأهمية في أفلامه منها إعادة حواره باللغة الانجليزية في "عسل أسود" لأنه لم يكن صحيحًا.
ظهورهما قليل، هو جزء من سِحر علاقتهما، منى تهتم بأسرتها كما تذكر في أحاديثها التلفزيونية "فمعنديش وقت كتير أطلع في برامج، هما أولى"، حياة البيت مهمة بالنسبة لهما، العمل مكانه في المكاتب فقط "كل واحد فينا عنده مكتبه الخاصة لما بيكون فيه شغل بيروح عليه"، بينما يحرصان على قضاء إجازتهما خارج مصر يقول حلمي: "مبنكنش متوترين أو علينا أي ضغوط".
رُزق النجمين بـ 3 أطفال، الابنة الأولى "لي لي"، ثم "سليم" و"يونس" الذي ولد في يناير من العام الجاري، تبتعد منى عن التواجد السينمائي والتلفزيوني لفترات طويلة من أجل الأسرة لكن ذلك لا يؤرقها، تشعر أنه واجب طبيعي ورغبة حقيقة من أم تحب أطفالها وأسرتها "بفضل أكون في بيتي، وبنزل أشتغل لو حاجة مميزة أوي وهتبقى إضافة".
منذ 3 سنوات، زلزال دب في المنزل الهاديء، بعد تعرض حلمي لأزمة صحية بالغة، حيث اكتشف وجود ورم في جسده، أثناء فترة حمل منى في طفلهما الثاني، لم يُعلنا عن الخبَر، حتى عن أقرب الناس إليهما، كانت مفاجأة لجمهورهما، امتلك الفنان الكوميدي حزن كبير، لكن زوجته كانت "الجندي المجهول" وفق وصف السيناريست والصديق المُقرب للأسرة "تامر حبيب".
التجارب الصعبة تُصقل الحُب، تماثل حلمي للشفاء، وبات الإفصاح عن مدى محبته لزوجته أمرًا طبيعيًا في مناسبات عدة يتواجدان فيها، أو أثناء حصولهما على الجوائز، لتصبح الصور الملتقطة لهما حديث مواقع التواصل الاجتماعي.
منذ أيام، دار حديث مُضحك مُغلف بالمحبة بين النجمين، حينما حصلت منى على جائزة أفضل فنانة كوميدية في حفل جوائز السينما العربية فقالت ساخرة "خاف مني يا حلمي هأوريك" دلالة على منافسته في الكوميديا، ليرد عليها بـ "مش هتباتي في البيت النهاردة"، وسط ضحكاتهما.
اليوم يمضي على زواجهما 15 عاما من المودة والرحمة، يسيران في طريقهما بخطى قوية وثابتة، ماتزال قلوبهم عامرة بالعشق والهوى، حبهما واضحًا مثل الشمس، لا يختفي لأنهما يملكان روشتة ساحرة "كل واحد فاهم دماغ التاني، واللي يقدر يتنازل عن حاجة مش هتدمر حياته بيعمل دا فورًا، وبيتنازل وهو مبسوط مش مضايق".
فيديو قد يعجبك: