"لا أكتب الشعر ليُغنى".. كيف وجدت قصائد نزار قباني طريقها للأغنية؟
كتب- مصطفى حمزة:
"أنا لا أكتب الشعر ليُغنى، وإذا طُلب مني ذلك أرفض".. هكذا قال الشاعر الكبير نزار قباني، عن قصائده، ورغم ذلك وجدت هذه القصائد طريقها إلى الغناء رغما عن نية كاتبها الأصلية.
"القصائد أُخذت من دواويني، ولحنت وغنيت ونجحت على سبيل المصادفة".. بهذه العبارة الاستدراكية، فسر الشاعر الكبير كيفية تحول بعض قصائده لأغان تنافس عليها عشرات المطربين الكبار.. ومع حلول الذكرى التاسعة عشر لرحيل شاعر الحب والثورة يرصد "مصراوي" كواليس وأسرار خروج قصائده المُغناة للنور..
البداية.. "كيف كان"
لسنوات طويلة كان الشائع أن الملحن والمطرب السوري نجيب السراج هو أول من لحن وغنى من شعر نزار، من خلال قصيدة "بيت الحبيبة" عام 1958، وأن الموسيقار محمد عبدالوهاب هو أول مصري لحن أشعاره عام 1960، بقصيدة "أيظن" التي غنتها نجاة الصغيرة.
وكان ذلك قبل أن تكشف إذاعة دمشق أن الملحن والمطرب المصري أحمد عبدالقادر، هو أول من لحن وغنى من شعر الشاعر الراحل، حيث قدم عام 1953 قصيدة "كيف كان"، والتي تقول كلماتها "تساءلت في حنان/ عن حبنا كيف كـان/ وكيف نحن استحلنا/ حرائقاً في ثوان".
تعدد المطربون وتفردت "القصيدة"
"أأنتَ الذي ياحبيبي. . نقلتَ/ لزُرْق العصافير أخبارنا؟/ فجاءتْ.. جموعاً جموعاً .. تدقُّ/ مناقيرُها الحُمرُ شُباّكنا/ وتـُغرقُ مضجعنا زقزقات"، تلك الكلمات من قصيدة "وشاية"، التي تبادل على غنائها كل من "فيروز"، والمطرب المغربي عبدالوهاب الدكالي، حيث لحنها بالمرة الأولى الرحبانية، ثم قام الملحن المغربي عبدالرحيم السفاط بإعادة تلحينها.
وما حدث مع "وشاية" تكرر مع العديد من قصائد "نزار"، وكان من حظ المطربة المغربية بهيجة أدريس، أن تكون صاحبة السبق فى تقديم قصيدتين له، قبل مغامرة مطربات غيرها بغناء الكلمات نفسها.
حيث تغنت "بهيجة" بقصيدة "الجريدة" قبل "ماجدة الرومي"، وقدمت أيضا "أغضب" ومن بعدها خرجت بأصوات العراقي "جعفر حسن"، والسورية "أصالة"، علما بأن "نزار" عرضها في البداية على كوكب الشرق "أم كلثوم"، واعتذرت عن تقديمها.
وقبل أن تقدم ماجدة الرومي قصيدة "أحبك جدا"، من ألحان مروان خوري، سبقتها إليها بحوالي 30 عاما المطربة عفاف راضي، حيث غنتها عام 1973 بعد أن قام بتلحينها بليغ حمدي.
في وداع الزعيم
"رسالة إلى جمال عبد الناصر" هي واحدة من مجموعة قصائد كتبها "نزار" في رثاء الزعيم الراحل، وقبل أن تغنيها أم كلثوم، أجرت بعض التعديلات عليها، وكانت البداية من مقطعها الأول، حيث كتبه الشاعر "والدنا.. جمال عبد الناصر"، واستبدلته أم كلثوم لتغني: "زعيمنا ..حبيبنا ..قائدنا"، وبمقطع آخر كان يقول: "عندي خطاب عاجل إليك/ من الملايين التي (أدمنت) هواك"، فأصبح بالأغنية "من الملايين التي (تيمها) هواك"، وفى الخاتمة كتب "لكنني يا سيدى لا أعرف العنوان"، بينما أنشدتها "ثومة" وقالت "لكنني يا سيدى لا أجد الكلام".
"السيد نام.. كيف أصدق أن الهرم الرابع مات"، تلك الكلمات التي أبكت عبدالحليم حافظ فور سماعه لها من "نزار"، وعمقت حزنه على رحيل "ناصر"، هى نفسها التي تسببت في جرح علاقة الصديقين "الشاعر والمطرب".
فبعد أن حالت ظروف مرض "حليم" دون غناء القصيدة التي لحنها له بالفعل الموسيقار محمد الموجى، نجح الرئيس الليبي السابق معمر القذافي في إقناع "نزار"، بالموافقة على منحها للملحن والمطرب الليبي محمد حسن.
"رسالة" نجاة والموجي للعندليب
قبل أن يقف عبد الحليم حافظ على المسرح يوم 17أبريل عام 1974 لغناء قصيدة "رسالة من تحت الماء"، كانت كواليس الإعداد لها شاهدا على الخلافات التي نشأت بينه وبين "نزار" من ناحية، ودفعته لتأجيلها لسنوات، وكذلك الخلافات مع ملحنها محمد الموجي، الذى قرر في إحدى نوبات غضبه من العندليب، أن يهدي الأغنية إلى نجاة الصغيرة، وكاد الأمر أن ينجح بالفعل، لولا مبادرة "نزار" بالاتصال بـ"حليم" وإنهاء الأمر لصالحه.
"حُبلى" تحسم قضية نسب ابنة أحمد الفيشاوي
في مايو 2006، وقبل أن يصدر المستشار أحمد رجائي دسوقي، حكمه في قضية نسب "لينا" ابنة مهندسة الديكور هند الحناوي، إلى والدها أحمد الفيشاوي، فأجا قاضي محكمة استئناف الأسرة الجميع بإلقاء مقطع من قصيدة "حُبلى" للشاعر الراحل نزار قباني.
وقال "ليراتك الخمسين تضحكني.. لمن النقود.. لمن يجهضني.. لتخيط لي كفني"، وهي الكلمات نفسها التي تصارعت على أسبقية غنائها اللبنانية رولا سعد، مع السورية ميرنا عطا الله، قبل أن تنجح الجزائرية "فلة" في أن تكون أول من تغنيها.
فيديو قد يعجبك: