الهجوم على الفنانين العرب عنصرية مصريين أم غيرة فنانين؟
تقرير- منى الموجي:
مع بداية الإعلان عن الأعمال الدرامية التي سيتم إذاعتها في الموسم الدرامي الأشهر موسم شهر رمضان الكريم، وبمجرد الإعلان عن أسماء الفنانين المشاركين في هذه الأعمال، يُثار الجدل والحديث حول نسبة تواجد الفنانين العرب في الدراما المصرية، وتتعالى الأصوات التي تحارب وجودهم وتتساءل حول أسباب الاستعانة بفنان أو فنانة عربية في ظل وجود فنانين مصريين يمتلكون نفس القدرات الإبداعية.
وفي المقابل نجد الأصوات التي تؤكد أن مصر هي قبلة الفنانين العرب وأنها هوليوود الشرق وأن تفكير المصريين لم يكن يوما بهذه العنصرية، حيث فتحت مصر أبوابها أمام رواد المسرح العربي وكان منهم الغير مصري مثل جورج أبيض ودولت أبيض، كما صنعت نجومية العديد من الفنانين العرب الذين جاءوا إليها ليعبروا عبر بوابتها إلى عالم الشهرة والنجومية في الوطن العربي بأكمله.
ولكن ما لا يعلمه القاريء أن حتى في زمن الفن الجميل كان يُثار هذا الموضوع، حيث واجه عدد من الفنانين العرب مشاكل في مصر ومنهم من اضطر إلى الرحيل عنها بسبب الحرب التي يواجهها، وتتنوع الأسباب بين عنصرية المصريين والتعصب لأبناء الوطن الواحد وبين غيرة الفنانين ورغبتهم في أن تخلو لهم الساحة الفنية في مصر خاصة وأن في الفترة الأخيرة قلت الأعمال الفنية، وبالتالي قلت الفرص المتاحة أمام عدد من الفنانين المصريين، مصراوي يرصد بعض النماذج لفنانين عرب عانوا في مصر.
صديق العمر
كانت أخر النماذج التي أثارت هذا الموضوع هو اختيار الفنان السوري جمال سليمان لآداء دور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في مسلسل ''صديق العمر''، وهو نفس العمل الذي تجسد فيه الفنانة التونسية درة دور الفنانة المصرية برلنتي عبد الحميد.
ورغم حب المصريين لجمال سليمان وإعجابهم بصدق أداءه، إلا أن هذا لم يكن كافيا ليقنع البعض بأن الفن لا يعرف حدود، حيث استندوا إلى أن لهجة سليمان مازالت غير مصرية 100% ويغلب عليها اللهجة السورية والتي استطاع أن يخفيها في الأعمال التي حملت اللهجة الصعيدية وهو ما لم يتحقق عندما قدم أعمال يتحدث فيها باللهجة المصرية العامية؟.
وحدث نفس الأمر عند اختيار الفنان قصي خولي لدور الخديوي إسماعيل في مسلسل ''سرايا عابدين''، ومع الفنان الأردني إياد نصار حينما جسد شخصية مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا، والفنان السوري تيم حسن عندما جسد شخصية الملك فاروق، ومع آخرين.
نور الهدى
وبالعودة إلى ما اصطلح النقاد على تسميته بزمن الفن الجميل نجد الكثير من المواقف أبرزها ما حدث مع الفنانة نور الهدى، التي ظلت طوال سنوات تواجدها في مصر ممنوعة من الغناء المسرحي والذي كانت تعشقه، حيث اقتصر وجودها في مصر على التمثيل والغناء في الأفلام، على ألا تقدم سوى فيلمين فقط في العام، وأكد كثيرون أن هذا القرار جاءا إرضاءا لأم كلثوم وليلى مراد.
اتخذت نور الهدى قرار بمغادرة مصر والعودة إلى لبنان، رغم ما حققته من نجاحات كبيرة في مصر، حيث لم تستطع تحمل مشاعر الغيرة والشكاوى التي تقدم ضدها من الفنانة رجاء عبده، وهي الشكاوي التي قيل أن رجاء قدمتها بإيعاز من أم كلثوم، فبدأت إدارة الشئون المعنوية آنذاك تماطل في تجديد إقامة نور الهدى.
وتحدثت نور الهدى في حوار سابق لها عن وجود قوانين صارمة فرضتها الرقابة في مصر على أهل الفن القادمين من لبنان وسوريا، معتبرة أن ما يحدث معها ومع غيرها يتنافى وروح الثورة، ووجهت رسالة إلى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر اعترضت فيها على الاجراءات التي يجب أن تقوم بها لتدخل إلى القاهرة، حيث كان يتطلب منها التوجه إلى وزارة الداخلية في القاهرة لتوافق على دخولها إلى مصر، وفي المقابل لا تفعل لبنان هذا الأمر مع الفنانات المصريات.
صباح
نجحت صباح في أن تحقق لنفسها قاعدة جماهيرية عريضة، لكن هذا لم يمنع من وجود بعض المنغصات خاصة وأنها غير حاملة للجنسية المصرية، فبات حصولها على تصريح لإقامة حفلاتها يتطلب أن تتقدم بالطلب إلى نقابة الموسيقيين قبلها بشهر أو شهرين، مما أضاع عليها الكثير من الحفلات، كما كانت تدفع 20% من أجرها كرسم نسبي للنقابة، وعندما قابلت صباح الرئيس محمد أنور السادات في حفل عيد الفن اشتكت له تعنت النقابة معها كونها غير مصرية، وذلك بحسب ما جاء في مسلسل ''الشحرورة'' الذي رصد قصة حياتها.
فايزة أحمد
أما فايزة أحمد فكان يُشاع انها تعاني من الاضطهاد والمحاربة، لكنها نفت ذلك في حوار صحفي قالت فيه انها لا تحس الاضطهاد، وأن من يحس بذلك فهو فنان يعاني الفشل، واصفة نفسها بأنها في القمة، وان ربنا أعطاها أكثر مما تستحق، وأكدت أن كل الأخبار التي تشيع أنها تشعر بالاضطهاد، عارية من الصحة.
عنصرية
قال الناقد الفني محمود قاسم ''مصر طول عمرها من يصنع فيها الفن المصريون والعرب معا، فأول فيلم حقيقي صُنع في مصر كان لبدر لاما وهو غير مصري وذلك عام 1927، ولكن النقاد المصريين أختاروا فيلم ''ليلى'' ليكون هو أول فيلم، وهذا الاختيار نوع من أنواع العنصرية''، مضيفا السينما المصرية كانت جاذبة لغير المصريين من العرب والأجانب.
لا ينكر قاسم وجود عنصرية قائمة في المجتمع المصري فيما يتعلق بالهجوم على الفنانين العرب، ورفض البعض لوجودهم في الأعمال الدرامية المصرية، مشيرا إلى أن العنصرية هذه موجودة في كل دول العالم وليس في مصر فقط، حيث تعرض الفنان عمر الشريف على سبيل المثال عندما اتجه إلى أمريكا لهجوم وانتقادات هناك ففي أمريكا هناك عنصرية أيضا، لكن في مصر المسألة تزيد بعض الشيء.
ويرى قاسم أن أسباب الهجوم تعود إلى اعتبار البعض الفن لقمة عيش وأن وجود عناصر غير عربية قد تقلل من الفرص والأدوار المتاحة أمام المصريين.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: