صلاح أبو سيف.. رائد الواقعية الذي باع سيارته ومصاغ زوجته لإنتاج فيلم
كتبت- منى الموجي:
"شباب إمرأة"، "بداية ونهاية"، "أنا حرة"، "الزوجة الثانية"، "الفتوة"، "بين السما والأرض"، "السقا مات"، "القاهرة 30"، "ريا وسكينة"، "لك يوم يا ظالم"، "الوحش" هي أفلام من أهم كلاسيكيات السينما المصرية والعربية، وضمن أفضل 100 فيلم مصري قدمها للسينما رائد الواقعية المخرج صلاح أبو سيف.
وُلد صلاح في 10 مايو عام 1915 في حي بولاق، عانى الشعور باليتم في وقت مبكر من حياته، وعاش في بيئة شعبية فقيرة، لعبت دورا كبيرا في تشكيل فكره، حصل على شهادته من مدرسة التجارة المتوسطة، واكتشفه المخرج الكبير نيازي مصطفى حينما أراد أن يصنع فيلما تسجيليا عن شركة النسيج، فوجده هناك يقدم مسرحيات بفرقة مكونة من العاملين بالشركة.
قد يمر الإنسان بصدفة تقلب حياته رأسا على عقب، هذه الصدفة التقاها صلاح، وحولته من موظف بسيط في شركة النسيج بالمحلة الكبرى لم يكن ليسمع عنه أحد إلى واحد من أهم مخرجي السينما العربية، فعشقه للفن السابع جعله يداوم على دراسة فنون السينما وعلم النفس والمنطق فأتقن هذا الفن وقدم أفلاما استطاعت أن تغوص في أعماق النفس البشرية وتعبر عن خباياه بواقعية.
نجح المخرج نيازي مصطفى في نقل صلاح إلى "استوديو مصر"، ليبدأ عمله في قسم المونتاج وأصبح في وقت قصير رئيسا للقسم، ولم يكتف صلاح بما قرأه عن فنون السينما فحرص على السفر إلى فرنسا ليطلع على كل ما هو جديد في هذا العالم الساحر.
بدأ صلاح مشواره الإخراجي عام 1946 فقدم أول أفلامه "دائما في قلبي"، واختار أن تدور أفلامه في إطار من الواقعية، فأصبح رائدا لهذه المدرسة، وظهرت في أفلامه قضايا المجتمع المصري ومشاكله كما يعاني منها المصريون، ومغلفة بطابع إنساني.
شكل له فيلم "لك يوم يا ظالم" نقلة فنية هامة في مشواره الفني وكذلك يعتبره النقاد نقلة في تاريخ السينما المصرية، قام صلاح بإنتاج الفيلم على نفقته الخاصة بعدما رفض المنتجون تقديمه وعهد إلى نجيب محفوظ ليكتب السيناريو، واضطر صلاح لبيع سيارته وومصاغ زوجته لينتج هذا الفيلم.
عين رئيساً لأول شركة سينمائية قطاع عام فيلمنتاج، وحفل مشواره الفني والذي أمتد إلى نصف قرن تقريبا بحوالي أربعين فيلما، شارك بها في الكثير من المهرجانات العربية والدولية مثل "كان، البندقية، موسكو، برلين"، وحصدت أفلامه العديد من الجوائز، واعتبره الناقد والمؤرخ الفرنسي جورج سادول أنه من أهم عشرة مخرجين في تاريخ السينما العالمية, ووصفته جمعية النقاد الفرنسية بأنه "مخرج عالمي ومتميز".
وتتميز معظم أفلام المخرج صلاح أبو سيف بأنها مأخوذة من نصوص أدبية، بهدف تأصيل واقعية أفلامه فقدم أعمالا فنية عن روايات للأديب إحسان عبد القدوس، وللأديب نجيب محفوظ والكاتب أحمد رشدي صالح والكاتب أمين يوسف غراب ومنها "الزوجة الثانية، الوسادة الخالية، بداية ونهاية، القاهرة 30، لا أنام، شباب إمرأة"، كذلك قدم أفلاما غنائية وأفلاما أخرى تنوعت موضوعاتها بين العاطفية والاجتماعية والواقعية من بينها "رسالة من إمرأة مجهولة، البنات والصيف" وله تجربتين في مجال الافلام الدينية والتاريخية بدأها بفيلم "فجر الإسلام" عام 1971، أما الفيلم الثاني والأخير فهو فيلم "القادسية" الذي يحكي عن معركة القادسية التي قادها سعد الدين بن وقاص، وهو إنتاج مصري عراقي مشترك.
وكان أخر أفلامه عام 1991 حيث قدم عمل سينمائي حمل عنوان "المواطن مصري"، وهو أيضا مأخوذ عن رواية للكاتب يوسف القعيد، وعام 1994 قدم فيلم "السيد كاف"، وتوفي صلاح في 22 يونيو عام 1996، عن عمر ناهز 81 عام.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: