لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

سيد مكاوي.. آخر "مشايخ" الطرب وصاحب "المقالب" و"القفشات"

04:29 م الإثنين 08 مايو 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

 

كتب- مصطفى حمزة:

ألحانه التي تحمل عبق الحارة المصرية، والبهجة التي تغمر مستمعيه في "الليلة الكبيرة" وغيرها من الألحان الخالدة، لا تجعلنا نغفل "قفشاته" و"مقالبه" التي اشتهر بها في الوسط الفني، وذلك بالتزامن مع ذكرى الميلاد التسعين لآخر "مشايخ الطرب" سيد مكاوي، والذي فارق جسده دنيانا قبل عشرين عاما، وبقيت ألحانه تحلق في وجدان محبي فنه.

"وسع يا جدع"

خفة دم وشقاوة الطفل "سيد"، والذى ولد في 8 مايو 1929 بإحدى حواري منطقة الجزيرة بعابدين، وفقا لرواية زوجته الراحلة زينات خليل، في أحد حواراتها الصحفية، ظهرت مبكرا حيث لم يمنعه فقدان البصر من مشاركة أصدقائه هواية ركوب الدراجات، وكان يصعد على الواحدة منها وأمامه يجلس صديق له، وبينما يتولى القيادة وقدميه على البدالات، يقوم الصديق الجالس أمامه بتوضيح الاتجاهات "يمين.. شمال.. طوالي"، وذلك وسط مشاغبة سيد، للمارة وصياحه فيهم "اوعى يا جدع.. وسع يا جدع".

"حكايتنا احنا الاتنين"

سيد الذي اشتهر في صباه بأداء التواشيح وتلاوة القرآن الكريم، وعمل في هذا المجال لفترة لرعاية أسرته بعد وفاة والدته، لم يدخل للساحة ملحنا كما يعتقد البعض، بل مطربا، فبعد أن وجد الدعم والتشجيع من والدته، وصديقيه الأخوين محمود وإسماعيل رأفت، تحول عشقه للموسيقى إلى مهنة.

قدم نفسه للإذاعة عام 1951 كملحن ومطرب، بأول أغانيه "يا مصر بروحي أفديكي"، والمفارقة أن مؤلفها كان المخرج السينمائي الراحل أحمد بدرخان.

وبدأ تحول مكاوي، للتلحين لاحقا بأغاني "غيرك انت ماليش" لشهرزاد، "اسأل مرة عليا" لمحمد عبدالمطلب، "لو بتحبني" لفايزة أحمد، و"حكايتنا احنا الاتنين" لليلى مراد.

"أنساك.. ده كلام"

بعد 10 سنوات من دخوله المجال الفني، اتفق الشيخ سيد مع أم كلثوم، على أن يقوم بتلحين أغنية "أنساك" التي كتبها الشاعر مأمون الشناوي، وأثناء شروعه في الإعداد لها علم أنها سددت للشاعر أجره مقدما، ولم تفعل ذلك معه.

وفوجئت أم كلثوم، بعدها باعتذار مكاوي، عن تلحين الأغنية، وحينما سُئل عن ذلك قال: "أفتخر بالتعامل مع أم كلثوم، لكن البقال والجزار لن يتعاملوا معي بعملة الفخر".

"يا مسهرني"

حفلت كواليس التعاون الوحيد بين أم كلثوم ومكاوي، في تلك الأغنية بأكثر من موقف طريف، خاصة مع ما عرف عن خفة دم كليهما، وكانت البداية عندما طلبت منه تعديل إحدى الجمل الموسيقية باللحن، ورد عليها بقوله: "حاضر.. لما اشوف يا ست"، فردت عليه ضاحكة: "يبقى عمرك ما هتعملها".

وخلال بروفات الإعداد للأغنية تأخر سيد، حوالى النصف ساعة، وكانت أم كلثوم، معروفة بتشددها في دقة المواعيد، وقررت بالفعل إلغاء البروفة، لكنه فور وصوله امتص غضبها بقوله: "معلش يا ست.. أصل أنا اللي كنت سايق العربية".

وقبل أن تقدم كوكب الشرق، للجمهور ملحن أغنيتها "يا مسهرنى" على المسرح، لجأت لحيلة لاستدراجه، حيث وصل للحفل وهو في حالة خوف، رغم محاولات أصدقائه الشد من أذره، وأثناء وجوده بالكواليس وجد عازف الكونتر باص يبلغه أن الست، تريد منه متابعة الموسيقيين خلال ضبط الآلات، وهي العادة الى اشتهرت بها قبل بداية أي حفل.

ذهب مكاوي، إليها بالفعل وجلس على كرسي أعدوه له، لكن أم كلثوم، لم تطلب مساعدته، وقامت بفتح الستارة لتبدأ الفرقة عزف المقدمة وتدخل هي لتغنى وسط استحسان الجمهور، ومع طلب الحضور إعادة عزف المقدمة الموسيقية 3 مرات، كان مكاوي يجلس بالخلف يبكي من فرط سعادته.

"هنحارب"

أثناء العدوان الثلاثي على مصر، جمعت مكاوي وصلاح جاهين -الذي وصفه بأنه والشاعر فؤاد حداد،- توائمه الفنيين-، جلسة بأحد المقاهي، وتم خلالها كتابة "هنحارب" قبل أن يبدأ الشيخ سيد، في تلحينها.

المفارقة أنه عندما اتجه الثنائي جاهين ومكاوي، لتسجيل الأغنية بالإذاعة، لم يجدا كورال ليقدمها، فاستعانوا بمهندس الصوت والموظفين وعساكر المطافئ، ووقفا بينهم ليغنوا الأنشودة الشعبية الشهيرة "هنحارب.. هنحارب/ كل الناس هتحارب/ مش خايفين من الجايين بالملايين هنحارب".

"احنا اتعمينا تاني؟!"

من نوادر سيد مكاوي، أن فقدانه البصر في طفولته، لم يكن طوال مشواره إلا أحد أسلحته الساخرة، فخلال سهرة مع أصدقائه استأذن في التوجه لدورة المياه، وقام وحده متجها إليها دون مساعدة، وقبل وصوله اصطدم بالحائط، فصاح ضاحكا "الله الله.. احنا اتعمينا تاني ولا ايه؟!".

ويروي عن الموسيقار الراحل، أن أحد المؤلفين كان يطارده لتلحين كلماته، وتهربا منه وعده مكاوي، بأنه سيقرأها، وبعد إلحاح من كاتب الأغاني، استغل الشيخ سيد مبادرة ذلك الشخص بسؤاله عن أغانيه، فاعتذر بأنه قد نسيها في منزلها، فقدم له المؤلف نسخة أخرى من الكلمات.

أبدى مكاوي سعادته بوجود نسخة من الكلمات، وتناولها من المؤلف قائلا: "حلو.. وريهالي كده"، وقربها من عينيه لينظر فيها فترة، وبعدها أعادها للمؤلف وهو يقول له بجدية: "متنفعش.. قريتها لقيتها متنفعش".

"الأيام الحلوة"

"الأيام الحلوة" هي اسم واحدة من أغنيتين رحلت أم كلثوم، قبل أن تعيد بهما التعاون مع الشيخ سيد، وكانت الثانية بعنوان "مصرنا" غناها هو بصوته، والمفارقة أن سعادته بالتعاون معها، كانت مغايرة تماما مع عبدالحليم حافظ، حيث لم يجمعهما أي عمل، مفسرا ذلك بقوله "حليم له ملحنيه".

"يا قلبي صدق فرحتك"

قبل أن تغني فايزة أحمد تلك الأغنية، وقع منتجها محسن جابر ضحية لأحد مقالب سيد مكاوي، حيث ذهب المنتج الشهير لمكاوي ليستمع إلى ألحان الأغنية الجديدة، التى تقول كلماتها (يا قلبي صدق فرحتك/ وعيش حلاوة دنيتك/ بعد اللي كان/ جالك زمان تفرح "بقى").

وبدلا من أن يغني مكاوي كلمة "بقى" باللهجة المصرية "بأى"، تعمد أدائها بحرف القاف وكأنها في قصيدة باللهجة الفصحى، لخداع محسن جابر، وذهب الأخير إلى فايزة أحمد، ليلقي عليها كلمات الأغنية بنفس الطريقة التي سمعها، فضحكت كثيرا وأخبرته بالمقلب الذي أوقعه فيه آخر شيوخ الطرب.

 

فيديو قد يعجبك: