إعلان

رجال في بيت النبوة.. زيد بن حارثة حبِّ النبي وربيبه الذي بكى استشهاده

02:23 م الجمعة 28 ديسمبر 2018

رجال في بيت النبوة.. زيد بن حارثة حبِّ النبي وربيب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب – هاني ضوه :

شاب فضل أن يظل بعيدًا عن دياره على أن يكون وسط أهله! أمر قد يراه البعض غريبًا، ولكن لا غرابة في ذلك فالشاب هو زيد بن حارثة ومن كفله هو سيد الخلق وخاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي تبناه قبل أن يحرُم التبني وعاش معه في بيته معززَا مكرمًا حتى إنه كان ينادى بـ "زيد بن محمد"... في التقرير التالي يرصد مصراوي جانبا من سيرة زيد بن حارثة حبِ النبي وربيبه الذي بكى استشهاده.

ولد زيد بن حارثة في ديار قومه بني كلب أحد بطون قضاعة، وكان في ديار أهل أمه بني معن في زيارة لأخواله عندما أغارت عليهم بني القين بن جسر قبل الإسلام، فأخذوه أسيرًا وباعوه ليشتريه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد بأربعمائة درهم فلما تزوجها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهبته له. كما ذكر ابن سعد في كتابه "الطبقات الكبرى".
تربى زيد بن حارثة في بيت النبوة وأحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم حبًا شديدًا وكذلك أحبه النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، فقد كان زيد بن حارثة يلقب كذلك بـ "حِبّ النبي"، وكان سيدنا زيد بن حارثة ثاني المسلمين بعد أن حمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم الرسالة.
ومن شدة حبه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد رفض أن يعود إلى أهله وفضل أن يظل أحد رجال بيت النبوة، فقد ذكر الإمام ابن حجر في كتابه "الإصابة في تمييز الصحابة أن أحد أقارب زيد قد رآه في مكة وحمله السلام لوالديه وقال له أخبرهم أني عند أكرم والد.
حينها انطلق والده وقومه إلى مكة لفدائه، وسألا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبروه أنه في الحرم عند الكعبة، فانطلقوا إليه، وقال: يا بن عبد المطلب يا ابن هاشم يا ابن سيد قومه أنتم أهل حرم الله وجيرانه تفكون العاني وتطعمون الأسير جئناك في ابننا عندك فامنن علينا وأحسن إلينا في فدائه.

فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "ومن هو؟" قالوا: زيد بن حارثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " فهلا غير ذلك "!
قالوا: وما هو قال: " ادعوه فأخيره فإن اختاركم فهو لكم وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من اختارني أحدا ". قال: قد زدتنا على النصف وأحسنت فدعاه فقال: " هل تعرف هؤلاء " قال: نعم. قال: من هذا قال: هذا أبي. وهذا عمي. قال: " فأنا من قد علمت ورأيت صحبتي لك فاخترني أو اخترهما ". قال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدا، أنت مني مكان الأب والعم. فقال: ويحك يا زيد! أتختار العبودية على الحرية وعلى أبيك وعمك وعلى أهل بيتك!
قال: نعم قد رأيت من هذا الرجل شيئ. ما أنا بالذي أختار عليه أحدا أبد. فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى الحجر فقال: "يا من حضر. اشهدوا أن زيدا ابني يرثني وأرثه". فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما فانصرف.

وكان النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله يثق في زيد وقدمه لأعظم المهام، تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها: "ما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زيد بن حارثة في جيش قط الا أمره عليهم، ولو بقي حيا بعد الرسول لاستخلفه". ولما بعث الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالإسلام أبطل التبني، ونزل قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ}، فاصبح يناديه زيد بن حارثة امتثالًا لأمر الله.
ومن حب النبي لزيد ابن حارثه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد زوجه من ابنة عمته "زينب"، وقبلت زينب الزواج حياءً من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن لم تدم العشرة بينهم وسرعان ما دبت الخلافات فانفصلا، وزوج النبي حارثة بزوجة جديدة هي "أم كلثوم بنت عقبة"، وتزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم "زينب" بعد انقضاء عدتها. ليبطل بذلك عادة التبني.

وشهد زيد بن حارثة العديد من الغزوات مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فشهد غزوة بدر وأحد والخندق والحديبية وخيبر، حتى استُشهد زيد بن حارثة في موقعة مؤتة، سنة ثمانية للهجرة، وكان عمره خمس وخمسين سنة.
ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خبر استشهاد زيد بن حارثة، مع جعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، قام وذكر شأنهم فبدأ بزيد فقال: "اللهم اغفر لزيد، اللهم اغفر لزيد، اللهم اغفر لزيد".
وذهب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أهله ليبلغهم باستشهاده أجهش بالبكاء حتى انتحب لما رأى بكاء رقية بنت زيد، فقال له سعد بن عبادة: «يا رسول الله ما هذا؟»، قال: «هذا شوق الحبيب إلى حبيبه».

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج