الكرة ليست للفقراء.. أين ذهب مشروع الألف محترف؟ (تحقيق)

كتب - محمد همام:

اصطحب ياسر عبادة نجله أدم وولدي شقيقته للخضوع لاختبارات الكرة والهدف الانضمام لمشروع وزارة الشباب والرياضة لاكتشاف المواهب، لتكون هذه الخطوة بمثابة بداية الطريق نحو حلم الاحتراف.

استمارات ثلاث سحبها عبادة لخوض نجله وولدي شقيقته الاختبارات والتي أقيمت في مدينة دسوق التابعة لمحافظة كفر الشيخ، إلا أن المفاجأة نجاح الأطفال الثلاثة دون الخضوع للاختبارات مقابل دفع 250 جنيه شهريًا للالتحاق بالتدريب.

"مصراوي" تتبع مشروع اكتشاف المواهب الذي أطلقته وزارة الشباب والرياضة بدءًا من عقد المؤتمر الصحفي عام 2018 للإعلان عن مشروع الألف محترف، حتى ما وصل إليه المشروع بعد أربع سنوات تقريبًا مع بداية عام 2022.

البداية

في سبتمبر 2018، تجمعت عدسات وسائل الإعلام لتغطية المؤتمر الصحفي للإعلان عن مشروع الكشف عن المواهب لتكرار تجربة محمد صلاح، نجم ليفربول الإنجليزي وقائد منتخب مصر الحالي.

أحمد حسام "ميدو" نجم آياكس وتوتنهام ومارسيليا السابق، تواحد بجانب وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، ليكشف عن مشروع سُمي بـ"الألف موهبة".

ولكن مرت سنتين اختفى خلالهما الحديث عن المشروع، حتى أعلن "ميدو" في فبراير 2021 عبر برنامجه "أوضة اللبس" تعثر المشروع، ملمحًا إلى تدخلات أفشلت الفكرة، قائلاً :"لا يجب أن يكون له أكثر من رئيس".

وقبل حديث "ميدو" بـ5 أشهر، قامت وزارة الشباب والرياضة بتوقيع بروتوكول تعاون مع شركة هولندية لاكتشاف المواهب وذلك لمدة 5 سنوات مع استقدام خبراء من إنجلترا وإسبانيا وهولندا لوضع برنامج التدريب مع الخبراء المصريين بقيادة عادل عبد الرحمن، واتخذت من مركز شباب الجزيرة مقرًا لها، ليتم الإعلان عن أكاديمية "Stars Of Egypt".

نجاح دون اختبار

ياسر عبادة والد أدم الموهبة التي تجاوزت الاختبارات للانضمام للأكاديمية، وصف المشروع بـ"السبوبة" :"التعامل المادي ليس السبب، ولكن أولاد شقيقتي لم يجر لهم اختبارات وتم قبولهم للانضمام للأكاديمية وذلك بمقابل مادي".

"يلا كورة" تواصل مع أشرف محمود المدير التنفيذي لأكاديمية "Stars Of Egypt"، ليعلق قائلًا :"الأكاديمية بها فئتين من اللاعبين، الأولى هم أصحاب المواهب ولديهم الفرصة في التدريب مجانًا بدون أي مقابل، أما الفئة الثانية وهيّ التدريب بمقابل مادي مع إتاحة الفرصة لمن يثبت موهبته للانضمام لأصحاب المواهب دون دفع أي مقابل مادي بعد ذلك".

وزارة الشباب والرياضة من جانبها، أوضحت لـ"مصراوي" أن المشروع ليس لكرة القدم فقط، وإنما تحول لمشروع قومي للموهبة والبطل الأولمبي، تحت إشراف الوزارة.

محمد فوزي المتحدث باسم الوزارة، قال :"المشروع يضم أكثر من 3000 لاعبًا، والنشاط ليس في كرة القدم بل هناك اهتمامًا بألعاب فردية وجماعية".

أما عن كرة القدم فأشار فوزي إلى أن الوزارة قامت بالتعاون مع أكاديمية "Stars Of Egypt"، والهدف إعداد لاعبين شباب ليخوضوا فترة معايشة في الأندية الأوروبية.

الموهبة لا تكفي

مشكلة أخرى واجهت والد طفل يُدعى زياد والسبب عدم قدرة الوالد على دفع اشتراك ابنه من أجل الانضمام للأكاديمية بعدما طُلب منه دفع 250 جنيهًا مقابل انضمام نجله.

"مصراوي" تحدث مع نزيه الشريف والد الطفل زياد ليقول :"ابني يمتلك الموهبة، لكن ظروفي المادية منعته من استكمال التدريبات، (قلت لابني مش هتروح التدريب لحد لما أجهزلك الفلوس)، لكن الإداري محمد سليمان سمح لابني التدريب وتحمل تأخير الاشتراك حتى نهاية الشهر".

وكشف والد زياد، أنه ليس الوحيد الذي يُعاني من الأمور المادية لكن هناك أولياء أمور آخرين يعانون من نفس الأزمة.

حلم الاحتراف

في بداية العام الحالي وتحديدًا الخامس من يناير الماضي، اجتمع وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي مع 5 لاعبين تم اختيارهم للسفر للخضوع لفترة معايشة في أوروبا.

"مصراوي" تواصل مع ولي الأمر نادر سيد حمدي، ليقول :"أنا مقيم في قطر، وابني نادر عاد لمصر من أجل استكمال دراسته في الجامعة بجانب البحث عن فرصة لاستكمال مسيرته في كرة القدم بعدما لعب في صفوف فريق العربي".

حلم نادر تحقق بالفعل بعدما تم اختياره ضمن فئة الموهوبين، ليكون صاحب الـ21 عامًا مرشحًا لخوض فترة معايشة في إسبانيا لكن موعد السفر لم يتم تحديده حتى الآن بحسب ما كشف عنه والده.

أشرف محمود المدير التنفيذي للأكاديمة، أوضح لـ"مصراوي"، أن هناك 3 لاعبين سيتم سفرهم مع بداية العام الحالي، بينما سيسافر 3 لاعبين آخرين في فترة الصيف، وهنا الاستفادة في حال احتراف اللاعب للأكاديمية ووزارة الشباب والرياضة أيضًا وبالطبع للاعب.

ونشرت صفحة أكاديمية "Stars Of Egypt" عبر صفحتها على "فيسبوك"، ظهر اليوم الخميس(17 فبراير 2022)، مؤتمر صحفي لوزير الشباب والرياضة يُعلن من خلاله تقديم دعوات السفر الخاصة بالمرشحين للاختبار والمعايشة في الأندية الأوروبية.

** والآن وبعد خطة الوزارة والتعاون مع أكاديمية لتسويق اللاعبين.. كيف كان نماذج مثل إنجلترا وإسبانيا لإعداد الشباب؟

"التغيير منذ 2002"

"مصراوي" واصل تحقيقه وهنا كان التواصل مع الإنجليزي سيمون برونديش، والذي عمل في فريق الكشافين بالعديد من الأندية لعل أبرزهم ليفربول ومانشستر سيتي وليدز يونايتد وسيلتيك.

إنجلترا بدأت التفكير في تغيير الأسلوب لتطوير اللاعبين الشباب والاستعانة بهم بعد ذلك للمنتخب الأول، ليكون التغيير بداية من عام 2002 عندما وضع الاتحاد الإنجليزي خطة بمساعدة الأندية بحسب تصريحات سيمون برونديش.

وأضاف، بالفعل الأندية الإنجليزية بمختلف الأقسام بدأت في تطوير الأكاديميات بداية من المرحلة الابتدائية لتصبح إنجلترا الآن قوة عظمى في إعداد الناشئين مثل فرنسا وبلجيكا.

وتحدث "كشاف ليفربول السابق" عن اللاعب المصري :"نموذج صلاح من المحتمل أن يتكرر في مصر، لكن هذا يحتاج الاستعانة بمدربين جيدين، أرى أن اللاعب المصري يتميز بالسرعة والموهبة، لكن لابد من استغلال هذا بإنشاء أكاديميات والاهتمام بالبنية التحتية مثلما فعلت إنجلترا في السنوات الماضية".

"شروط للنجاح"

رأي آخر حصل عليه "مصراوي" خلال التحقيق وهو سام هودسون مدرب أكاديمية أستون فيلا، ليوضح أن الأموال واستغلالها بالصورة الجيدة ساهمت في بناء المنتخب الإنجليزي الآن سواء الفريق الأول أو فرق الشباب.

وأكد مدرب أكاديمية أستون فيلا، أن هذا التطور في إنجلترا لم يأت بالصدفة بل بوجود خطة للاهتمام باللاعبين الشباب مع امتلاك الأندية الإنجليزية مدربين على طراز عالي مثل: مانشستر سيتي وليفربول وتشيلسي وآرسنال وتوتنهام ومانشستر يونايتد.

وعن المقارنة بين مصر وإنجلترا في تطوير اللاعبين الشباب، رد :"إنجلترا بلد صغير بالمقارنة مع مصر، لكن الشيء المختلف هو وجود خطة واضحة للتطوير وهذا ما تحتاجه مصر عليهم العمل الجاد والحقيقي".

ماذا عن النموذج الإسباني؟

""مصراوي" تواصل مع بيب مونيوز مدرب برشلونة الأسبق في أكاديمية لاماسيا، للحصول على رأيه حول موهبة اللاعب المصري ليرد بإجابة حاسمة: "اللاعب المصري يمتلك الموهبة لا يوجد شكل في هذا الرأي".

لكن كان هناك تحذيرًا من مونيوز وهو أن اللاعب المصري عليه التطور خارج الملعب ضاربًا المثل بمحمد صلاح الذي تطور أسلوبه عندما كان مع بازل أو تشيلسي.

أما خوردي جوريرو مدرب إشبيلية الأسبق وفلامينجو البرازيلي فكان رأيه، أن الأندية الإسبانية تفكيرها الأساسي تطوير اللاعبين الشباب للاستعانة بهم في الفريق الأول مثل برشلونة وريال مدريد.

مقارنة مع المغرب ورأي برازيلي

في السنوات الماضية رأينا تطور أداء المنتخب المغربي، ليعيد "أسود الأطلسي" أنفسهم من جديد ضمن التواجد بين كبار القارة، لكن هذا لم يأت بالصدفة.. هذا ما جعل "يلا كورة" يتواصل مع الإنجليزي جيرارد جونز والذي عمل في الاتحاد المغربي لكرة القدم سابقًا.

جونز فسر أسباب تواجد اللاعبين المغاربة في أوروبا أكثر من المصريين، قائلاً :"المغرب وضعت خطة للتطوير وهذا تم من خلال إنشاء أكاديميات، هناك سبب آخر مهم وهو تواجد العديد من اللاعبين المغاربة في أوروبا منذ الصغر وهذا ما ساهم في تطوير مستواهم بشكل رائع".

ورغم تفوق المغرب حاليًا من حيث امتلاكها أكثر من لاعب في أوروبا، إلا أن جونز يرى قدرة مصر السير على خطى المغرب نظرًا لتوافر الموهبة ضاربًا المثل باللاعب الشاب عمر مرموش المحترف في صفوف شتوتجارت الألماني.

جونز وجه رسالة لكي يصبح اللاعب المصري مثل المغربي، قائلاً :"اللاعب المصري عليه سرعة التكيف في بداية الاحتراف مثل اللاعب المغربي الذي أصبح يتواجد في أكبر الدوريات الأوروبية".

رسالة جيرارد جونز نفس رأي البرازيلي فرناندو فالينتي مدرب فريق شاختار دونيتسك الأوكراني السابق، قائلاً لـ"يلا كورة" :"مصر تمتلك الموهبة، لكن الأهم أن على اللاعب المصري التكيف على الأجواء في أوروبا".

المدير الفني البرازيلي، فتح ملف آخر لكي ينجح اللاعب المصري من خلال تسويق اللاعبين الشباب في الأندية الأوروبية، مثل نادي شاختار اعتماد النادي بشكل كبير على جلب اللاعبين البرازيليين ومن ثم بيعه لكبار الأندية الأوروبية.

مدرب شاختار السابق، حدد محمد صلاح بطلاً من أجل نجاح اللاعبين الشباب في مصر، قائلاً :"على اللاعب المصري في مرحلة الشباب أن يأخذ صلاح نموذج في كيفية التحدي والتعلم والآن نراه من بين الأفضل في العالم".

واختتم المدرب البرازيلي، بأن اللاعب المصري يمتلك القوة والمهارة وهذه النماذج دائمًا ما يحتاجها أي مدرب.