تاريخ الكرة.. من الفراعنة مرورًا بـ "الإسكافي" وحتى مهزلة "النصر للتعدين"
كتب - علي البهجي:
هي وحدها من تأخذ العقول، حركتها غير المتوقعة تثير الجنون لدي عشاقها، تتدلل عليهم أحيانا حين تستعصي وترفض دخول الشباك لإسعادهم، صاحبة الجلد المدور "كرة القدم" وحدها تستطيع إسعادك ودفعك للثوران أحيانًا. منذ أن عرفها الفراعنة قبل 7 آلاف عام ووثقتها جدرانهم، وشهدتها العصور الوسطى على يد الإسكافي، لتصبح مصدر بهجة للجميع، ثم اختلفت صناعتها في أشكال عدة مميزة، حتى أن أهُدرت تلك السمعة في مباريات الدوري المصري.
أضحت كرة القدم في السنوات الأخيرة، تحظى باهتمامات كافة الفئات مع اختلاف ثقافاتهم واتجاهاتهم، وتجذب إليها باستمرار مئات الملايين من الجماهير العاشقة، ولم تتوقف أهميتها عند ذلك الأمر، لكنها أصبحت صناعة وقوة كبيرة لضخ الأموال في كثير من الدول والمجتمعات. لكن الغريب ما شاهده جماهير القدم المصرية، مساء الخميس، خلال مباراة الزمالك والنصر للتعدين، في إطار منافسات الجولة الثالثة بالدوري المصري، حين تم الاعتماد على كرة خاصة بالكرة الشاطئية، وهو ما جعل المباراة تخرج بشكل لم يرض عنه الجميع.
فكيف إذن تطورت كرة القدم عبر التاريخ إلى أن وصلت إلى ما هي عليه الآن.
الفكرة
اختلفت الروايات حول أقدم الشعوب التي مارست لعبة كرة القدم، معتمدين على بعض الرسومات هنا وهناك، فيرجح البعض أن يكون المصريون القدماء هو أول من اخترعوا كرة القدم ومارسوها، استنادًا على رسومات بعض المعابد الفرعونية، وكما أكد المؤرخ الإغريقي هيرودوت الذي زار مصر عام 460 ق.م وقال أنه وجد المصريين يلعبون بكرة مصنوعة من جلد الماعز أو القش حتى إذا دفعها فريق إلى خط بعرض ساحة الملعب احتسبت هدفًا.
ولعل البعض يرى أن شعوب شرق آسيا وتحديدا الصين واليابان هم أول من اخترعوا كرة القدم، ويرجح أنه تم اختراعها قبل 2500 سنة قبل الميلاد، فالصينيون مارسوها تحت مسمى "تسوشو" معتمدين على كرة جلدية مملؤة بالريش والشعر، ويحاولون ركلها إلى داخل شبكة مثبته على خشبات طويلة، أما اليابانيون اسموها "كيرامي".
العصور الوسطى
شهدت العصور الوسطى تحولاً كبيرًا في طبيعة وشكل كرة القدم، حيث كان الإسكافي "صانع الأحذية" يصنع بعض الكرات في المناسبات والأعياد ويقوم بإهدائها لتجار القماش والذهب، الذين احتكروا اللعب بها لفترة طويلة قبل أن يشاركهم بعد ذلك عامة الشعب، لتتسع بعد ذلك رقعة المشاركة وتشمل الطلاب في المدارس الخاصة والذين غيروا قواعد كثيرة على اللعبة بهدف تقويم سلوكهم وصولاً بعد ذلك لمفهوم اللعب النظيف.
البداية الحقيقة
كل ما مضى كانت مجرد محاولات من البعض، لكن ستظل البداية الحقيقة لكرة القدم في أواخر القرن التاسع عشر بإنجلترا، حين تم تشكيل أول مجلس يعنى بكرة القدم حينئذ، وهو IFAB المكون من ممثلين اثنين لكل من الاتحادات البريطانية الأربعة (إنجلترا، إسكتلندا، ويلز، وإيرلندا).
ومع إنشاء الاتحاد الدولي لكرة القدم عام 1907 بالعاصمة الفرنسية باريس من أعضائه الأساسيين السبعة، ومرورًا بدخول الدول واحدة تلو الأخرى لـ "فيفا"؛ استخدمت عدة كرات صنعت من الجلد بعدما شهدتها تطورًا مع بدايات القرن العشرين، حيت أدخلت بعض المواد الصناعية في تصنيع الكرات، ومع دخول حقبة السبعينيات؛ تم إسناد تصنيع كرات كأس العالم لشركة "أديداس"، والتي دائمًا ما تعمل على تحسين منتجها مع مرور السنوات.
كرات كأس العالم
وتطورت أشكال كرة القدم مع بداية منافسات كأس العالم عام 1930 وحتى آخر نسخة في عام 2014، حيث بدأ اللعب بـ "كُرة" ذات وزن أكبر مما يتم استخدامه هذه الأيام، وكانت الكرة تصنع من الجلد الطبيعي إلى أن تم إدخال المواد الصناعية في عام 1986 وتمت حياكتها بشكل يدوي.
وحتى عام 1954؛ لم يكن معروفًا عدد القطع المستخدمة في تصنيع الكرات، ليأتي ذلك العام ويتم تصنيع أول كرة من 18 قطعة جلد طبيعي، ثم في عام 1970 بدأت شركة أديداس في تصنيع كرات كأس العالم حتى يومنا هذا، وأطلق على أول كرة من أديداس اسم "تليستر" وهي مكونة من 32 قطعة جلد وكانت باللونين الأبيض والأسود، وما زالت الشركة تصنع كرات كأس العالم حتى الآن.
وفي أول كأس عالم، عام 1930م، كانت الكرة تصنع يدويًا وتتكون من 12 قطعة من الجلد، بعدها شهد مونديال 1934 استخدام كرة تسمى فيدرال 102 أو الاتحادية 102، وهي تتكون من 12 قطعة بنفس خطوط وتصميم الكرة السابقة ولكن تطور فيها اختراعهم صمام هواء، أعقبه في مونديال 1938، تم تصنيع الكرة من الجلد وتتكون من 12 قطعة وتم خياطتها من المنتصف وكانت تسمى "ألين"، وفي مونديال 1950 كانت الكرة المستخدمة في هذه المباراة تتكون أيضا من 12 قطعة مع حروف منحنية عن الكرات السابقة وكانت تسمى "سوبر دوبلو تي" أو تي ألين سوبر، وتم التعديل على أشكال الكرات حتى الوصول لمونديال 2002 بكوريا واليابان فتم تغيير تصميم الكرة من الشكل القديم "التانجو"، إلى شكل حديث حيث زاد في تكوينها طبقات أكثر من مادة (black polyurethane foam) التي تساعد على زيادة سرعة الكرة.
وفي كأس العالم بألمانيا؛ تم تصميم كرة البطولة من 14 قطعة فقط، مما يسهل دوران الكرة ويزيد من سرعتها وتم صنع نماذج مختلفة من هذه الكرة حيث تم صنع كرة ذهبية اللون خصيصًا للمباراة النهائية وسميت الكرة "تيم جايست" أي روح الفريق.
أما في كأس العالم 2010؛ لعبت البطولة بتصميم جديد للكرة التي تسمى "جيبولاني" ومعنى اسمها "لنحتفل"، وجمعت الكرة 11 لونًا، واختيرت الألوان لتتماشى مع الجو الإفريقيى، وكان كل لون من هذه الألوان يعبر عن مدينة من المدن التي سيقام عليها المباريات.
كرة النصر للتعدين
المثير للدهشة أن بعد كل هذا التقدم في عالم تصنيع كرة القدم تجد دوري بحجم الدوري المصري والذي مر عليه أكثر من نصف قرن حتى الآن، ولايوجد له كرة رسمية على شاكلة كبرى الدوريات في العالم، الأمر لم يتوقف عن هذا السوء لكن تفاجأت جماهير الكرة في مصر بلعب مباراة في الدوري باستخدام كرة شاطئية بدلا من كرة قدم، خلال مواجهة الزمالك والنصر للتعدين.
فيديو قد يعجبك: