تقرير.. هل يسير "التلميذ" لوكاكو على درب "الأستاذ" هنري؟
موسكو-(إفي):
كان روميلو لوكاكو يرغب في رفع سماعة التليفون ليطلب رقم جده لوالدته ويطلعه على حقيقة عائلته. لكنه لم يفعل ذلك لأن الجد كان قد فارق الحياة بعد أيام من توجيه طلب أخير له.
"هل يمكنك أن تعتني بابنتي من أجلي؟"، كان هذا هو الطلب الأخير من الجد عبر الهاتف، وسيلة الاتصال الوحيدة بينهما نظرا لآلاف الكيلومترات التي تفصل بين الكونغو، مسقط رأس اللاعب، وبلجيكا، البلد التي ولد فيها.
لم يفهم لوكاكو في تلك اللحظة تحديدا، على خلاف مرات عديدة، لماذا لم يرغب جده في أن يطيل مكالمته ليخبره بأخر تطورات حياته ولماذا تجاهل 76 هدفا سجلها حينها ذلك الطفل صاحب الـ12 عاما في 34 مباراة ليجعل من فريقه بطلا للدوري.
تفهم لوكاكو لاحقا حينما وصله نبأ وفاته، وبعد وقت قليل من اكتشافه أن أمه كانت تخلط له الماء باللبن من شدة الفقر لكي يحصل "روميلو الصغير" على شيئا ليشربه حينها قرر بينما يربط فيها حذاء والده لأنه لم يكن يمتلك حذاء خاصا به، أن يصبح لاعبا محترفا لكي ينقذ عائلته من حالة الفقر وضيق الحال.
ومن هنا، بدأت مسيرة "الوحش الأسمر" في محاربة ليس الوقت فحسب بل الفقر والتهميش والعنصرية أيضا بسبب لون بشرته وجذوره الأفريقية.
يسرد اللاعب في تصريحاته لموقع "The Players Tribune": "ما زلت أتذكر الفئران وهي تركض في كل أرجاء شقتي"، هذا بالإضافة لموقف تعرض له وهو في سن الـ11 ، عندما كان يلعب في ناشئي ليرس البلجيكي، عندما حاول والد أحد الأطفال أن يمنعه من النزول للملعب.
وحتى مع ارتدائه قميص المنتخب البلجيكي دون 21 عاما، لم يسلم اللاعب من هذه العنصرية.
ويقول في هذا الصدد "عندما تسير الأمور جيدا، تتحدث الصحف عني كروميلو لوكاكو، المهاجم البلجيكي. أما عندما تسوء، فتتحدث عن المهاجم البلجيكي من أصول كونغولية".
وبالتزامن مع عيد ميلاده الـ16 ، وقع لوكاكو على أول عقد احترافي له مع نادي أندرلخت البلجيكي وكان في 13 مايو/أيار 2009 ، ليتم استدعاؤه بعد 11 يوما لخوض مباراة إياب تحديد بطل الدوري أمام ستاندارد لييج، حيث شارك كبديل في الدقيقة 69 ولكن فريقه خسرها بهدف نظيف.
إلا أنه حجز فيما بعد مقعدا أساسيا له في التشكيلة الأساسية وسجل هدفه الأول أمام زولته فاريجيم في 28 أغسطس 2009 ، ثم أنهى الموسم متصدرا لقائمة هدافي البطولة المحلية برصيد 15 هدف، ليقود أندرلخت لحصد لقبه الـ30.
ثم بدأ المهاجم الأسمر رحلته الاحترافية خارج بلجيكا، لتستقر وجهته في إنجلترا وتحديدا مع تشيلسي الذي حصل على خدماته في موسم (2011-12) مقابل 12 مليون يورو، ولكنه لم يترك بصمة حقيقة بالفريق، ليتنقل بعدها بين أندية عديدة قبل أن يستقر مع إيفرتون في صيف 2013.
وبعد 4 مواسم ناجحة مع "التوفيز"، سجل خلالها 53 هدفا في 110 مباراة، لفت اللاعب بشدة أنظار كبار القارة العجوز إليه، لينتهي به المطاف في النهاية مع مانشستر يونايتد بعد إلحاح من المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو.
وفي الوقت الذي تفجرت فيه موهبة هذا اللاعب وبات بحق "ماكينة أهداف" متحركة داخل الملعب، بدأ يمثل نفس الثقل داخل صفوف "الشياطين الحمر"، حتى أصبح إلى جانب كيفين دي بروين وإيدين هازارد، "العمود الفقري" لهجوم بلجيكا.
وما زاد من توهج المهاجم الشاب هو جلوس الإسباني روبرتو مارتينيز على مقعد المدير الفني لـ"الشياطين الحمر". لم يكن غريبا بالنسبة للوكاكو حيث عملا سويا من قبل في إيفرتون، إلى جانب مساعده النجم الفرنسي وبطل العالم مع "الديوك" في 1998 ، تييري هنري.
ويقول لوكاكو في حديثه عن "الغزال الأسمر" وأسطورة الهجوم في فرنسا "أتذكر عندما كنت صغيرا لم نكن نمتلك تليفزيون، ولهذا لم أشاهده عندما كان يلعب. ولكن على النقيض الآن، فأنا أتعلم منه يوميا في المنتخب الوطني. أنا محظوظ لأنني أتدرب مع أسطورة".
ويضيف "دائما ما يوجه لي النصائح حول كيفية كسب المساحة كما كان يفعل. أعتقد أن تييري هو الشخص الوحيد في العالم الذي ينظر لكرة القدم من نفس منظوري لها. نتحدث في كل شيء، حتى عن دوري الدرجة الثانية في ألمانيا".
وسيجد هنري، نجم أرسنال الإنجليزي وبرشلونة الإسباني سابقا، نفسه في حيرة من أمره يوم الثلاثاء المقبل عندما يجمعه ملعب (سانت بطرسبرج) بمنتخب بلاده ولكن هذه المرة ضده ومن خارج الخطوط.
وإذا ما أتت نصائح هنري للوكاكو ثمارها، فستجد كتيبة ديدييه ديشامب نفسها خارج المونديال ويضيع بذلك حلم إضافة النجمة الثانية على قميصها، بينما سيسير المهاجم الشاب على نهج أسطورة حصد كل شيء خلال مسيرته الكروية.
فيديو قد يعجبك: