الحبيب الجفري: آيات الأحكام الفقهية لا تتجاوز نسبة 8% من القرآن الكريم

كتبت - آمال سامي:

في حلقات مقتطفة من كتابه "الإنسانية قبل التدين" للشيخ الحبيب علي الجفري، يرصد الداعية، في 30 حلقة قصيرة ومنفذة برسومات الكولاج المتحركة، كيف تكون الإنسانية قبل التدين في ظل الحاجة إلى منظومة قيم أعلى وقابلة للتطبيق، مؤكدا أن النقص في الإنسانية يتبعه حتما نقص في التدين.

في الحلقة الخامسة والعشرين تحدث الحبيب علي الجفري حول "ميزان القيم" ومعنى الميزان وعلاقة القيم بالدين، وأوضح نسبة الآيات التي تحدثت عن العقيدة والأخلاق ومنهجية الأفكار مقارنة بالآيات التي ذكرت الأحكام الفقهية، وعن تأثر القيم الأخلاقية عن حياة الإنسان، فيقول الجفري أن الله سبحانه وتعالى خلق هذا العالم ووضع الميزان وأمرنا ألا نطغى في الميزان وأن نقيم الوزن بالقسط ولا نخسر الميزان، وأوضح الجفري أن من معاني الميزان القوة المميزة العاقلة كما ذكر الإمام نجم الدين الكبرى في تفسيره، والمقصود هنا، يقول الجفري، هو تفعيل هذه القوة العاقلة بالعدل بين ثابت كوني ومتغير بشري، وهما السنن الكونية والقيم الأخلاقية.

وأوضح الجفري أن الله سبحانه وتعالى قد أقام العالم على سنن كونية وقوانين راسخة يستطيع الإنسان بمعرفتها وأعمال أسبابها ان يدير شئون حياته مثل القوانين الفيزيائية والمعادلات الرياضية، وأنه سبحانه خلق الإنسان ووضع فيه النزعة السماوية والنزغة الأرضية، ففيه روح ترنو إلى الرقي ونفس تركن إلى الرغبة، ووهبه عقلًا يميز وقلبًا يقرر، وأرسل له وحيًا من السماء ليدله على كيفية اعمال عقله بطاقة روحه في تزكية نفسه فيستنير قلبه ليثمر نضجًا في القيم الأخلاقية التي تحكم قراراته وتحكم تصرفاته، وأشار الجفري أن في ذلك الوحي آيات تقرر الأحكام الفقهية والحلال والحرام تشكل نحو 8% من آياته حسب الإمام الغزالي بينما تشكل بقية الآيات ملامح العقيدة والأخلاق ومنهجية التفكير، ولهذا ربط الله الدين بالقيم، "دينا قيمًا" ونقل الجفري عن الرازي تفسيره لتلك الآية أنها تعني دينا ذا قيمة فهو ذلك الدين القيم، ولهذا، يقول الجفري، علمنا الله في كل ركعة ان ندعوه قائلين: اهدنا الصراط المستقيم.

"النضج القيمي الأخلاقي للإنسان هو المحدد لقراراته في تفاعله مع ما يتوصل إليه من اكتشافات للسنن الكونية، وبمجرد النظر إلى حال العالم اليوم يظهر مدى الخراب الذي ألحقه الإنسان ببيئة الأرض ومواردها" يقول الجفري انه على الرغم من توصل الإنسان لقدر من اكتشاف السنن الكونية غير المسبوق إلا أنه ألحق الخراب بالبيئة ومواردها وهو ما يلفت النظر إلى أننا بحاجة إلى معرفة أثر القيم الأخلاقية على حياة الإنسان وعلى نظام الأرض كلها.