عمرو خالد: موسى دعا الله فلم يستجب له.. وتوبة عبد عاص أنزلت المطر

كتب- محمد قادوس:

قال الداعية الدكتور عمرو خالد، إن من أسماء الله الحسنى، اسم "الحليم"، ومعناه: الذي لا يعجل على عباده بمعاقبتهم على ذنوبهم، بل يمهلهم حتى يتراجعوا ويتوبوا عن ذلك.

وأوضح في الحلقة الحادية والعشرين من برنامجه الرمضاني "كأنك تراه"، أن من حلم الله بعباده، أنه لا يتعجل توقيع العقوبة عليهم، بل يمنحهم الفرصة ليتوبوا، ويتراجعوا عن أخطائهم، ويظل باب التوبة مفتوحًا له وإن بلغت ذنوبه عنان السما، رحمة منه بهم.

وأضاف: "فأن تؤخر العقوبة لغيرك حتى يتمادى أكثر في خطئه، من أجل الإيقاع به، فهذا حقد، وليس بحلم، وأن تؤخر العقوبة، لأنك غير قادر علىى تنفيذها، في انتظار أن تتهيأ لك الفرصة، فهذا ضعيف لكنه أيضًا حاقد، وهذا ليس بحلم".

في المقابل، أشار إلى أن "الله هو الحليم يؤخر العقاب لأنه يحبك لعلك تعود وتتوب، يحلم عليك لأنه يحبك حتى تعود.. حلمه عليك دليل حبه لك.. الحلم مرتبط بالحب والرحمة والتماس الأعذار.. أحبه فحلم عليه.. رحمة به فحلم عليه.. عذره فحلم عليه.. من حلمه "ليس أحد أحب إليه العذر من الله".

وذكر خالد أن "موسى عليه السلام كان يدعو ولا ينزل المطر، فقال: يارب عودتني الاستجابة، فقال له الله تعالى: بينكم عبد يعصاني منذ أربعين سنة، لن ينزل المطر لمعصيته. فما كان منه إلا أن وقف ونادى في بني إسرائيل مقسمًا عليهم أن يخرج هذا الرجل من بينهم حتى ينزل المطر، وكان هذا العبد العاصي يعرف نفسه، وقال يا رب لو خرجت فضحت، وإذا بقيت لم ينزل المطر، فتاب إلى الله وعاهده ألا يعود أبدًا، فتعجب موسى وسأل الله عن نزول المطر مع أن أحدًا لم يخرج من قومه، فقال الله تعالى: نزل المطر لفرحتي بتوبة عبدي الذي عصاني منذ أربعين سنة".

وأشار خالد إلى ما يدل على رحمة الله بعباده وحلمه بهم قوله: "وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى"، إذ أنه لولا هذه الكلمة لكان لزامًا الهلاك.. إنها الرحمة: "ورحمتي سبقت غضبي" فكان الحلم.

ولفت إلى قول الله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبدي.. خلقت لك السماوات والأرض ولم أعيا بخلقهن، أفيعييني رغيف أسوقه لك كل حين، لي عليك فريضة ولك عليّ رزق، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك، وعزتي وجلالي إن لم ترض بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البرية ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ولا أبالي وكنت عندي مذموًما، أنت تريد وأنا أريد، فإذا سلمت لي فيما أريد كفيتك ما تريد وإن لم تسلم لي فيما أريد، أتعبتك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد".

وعلق خالد قائلاً: "أراد الله أن يعلمنا ويعرفنا بذاته فجعل نظام الأبوه والأمومة مثالاً لنا، فكيف برحمته وحلمه؟، نظام الأبوة والأمومة لها هدف أكبر من تربية الأولاد".

وتابع ناصحًا: "كن حليمًا على الناس بلا حقد.. "وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ".

وقسم خالد الحلم إلى نوعين: طبع وتطبع.. فالطبع مثل من خلقه الله حليمًا، والتطبع هو مثل من قال عليه النبي: "ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد هو من يملك نفسه عند الغضب"، "..إنما الحلم بالتحلم..".

قال إن هناك ثلاث درجاتك من الحلم: طبع حلم، تطبع، وغضوب، مشيرًا إلى أنه "يمكن أن تنتقل من الطبع إلى التطبع، مدللاً بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءه وفد بني عبد قيس، فنزلوا عن رحالهم وجروا للقاء النبي في المسجد النبوي – وكانت هي المرة الأولى للقاء النبي – إلا الأحنف بن قيس فوقف حتى يربط رحالهم، ثم غسل وجهه وعدَّل ملابسه، ثم ذهب للقاء النبي، فقال له النبي: "ما الذي أخرك عن قومك؟"، فقال: يا رسول الله تركوا رحالهم وأحببت أن أقابلك دون عجلة بعد أن أُعد نفسي، فقال له النبي: "إن فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة".

ذكر خالد أن من كان له هذا الطبع، فليسجد شكرًا لله أنه حبيب الله وحبيب رسول الله، مبينًا أنه كلما زاد حلمك زاد حلم الله عليك عند الخطأ.

اختبار الحلم متى يبدأ؟

أجاب خالد: "الحلم في الدقائق الأولى وليس بعد ساعة"، روايًا قصة النبي صلى الله عليه وسلم عندما بامرأة تبكي عند قبر، فقال لها: اتقي الله واصبري، قالت إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه فقيل لها إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين، فقالت لم أعرفك فقال إنما الصبر عند الصدمة الأولى.

وختم قائلاً: "درب نفسك على أن تكون حليمًا، وألا تكن سريع الغضب، وهذا لن يحدث مرة واحد بل بالتدريب والتعود، ضع لنفسك الآن درجة في الحلم وارتق درجة إلى الأسبوع القادم.. كيف؟.. ألا تغضب، وأن تكظم غيظك ما استطعت، وستجد نفسك في النهاية حليمًا".

شاهد الحلقة: