قصص الأنبياء (1): قصة خَلْق آدم عليه السلام
كتب- ايهاب زكريا:
في حلقات يومية، وخلال شهر رمضان المبارك، يقدم مصراوي للقارئ الكريم قصص الأنبياء، استنادا لمصادر معتبرة في السيرة والتاريخ الإسلامي.
وفي الحلقة الأولى يقدم مصراوي قصة خلق آدم عليه السلام والتي بدأت كما ورد في قصص الأنبياء لابن كثير، عندما أخبر الله تعالى الملائكة عليهم السّلام، بأنّه سيخلق في الأرض بشراً يخلف بعضهم بعضاً، كما قال تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ"، [البقرة:30]، فردّ الملائكة سائلين الله تعالى؛ استكشافاً واستعلاماً عن الحكمة من خلق آدم عليه السّلام، وليس اعتراضاً، لما خفي عليهم من حكمة الله تعالى من خلق آدم؛ لقربهم من الله تعالى وعبادتهم له، وتكريمه لهم، فهم لا يشتركون معه في علمه، ولا يعلمون الغيب، ولا يعرفون حكمته الخافية، ثمّ أصدر الله تعالى أمره للملائكة -عليهم السّلام- بالسجود للبشر الذي سيخلقه من طين وينفخ فيه من روحه حال تسويته، والسجود هنا سجود تكريمٍ لا سجود عبادةٍ، ثمّ أخذ الله تعالى من تربة الأرض الحمراء، والصفراء، والسوداء، والبيضاء -وذلك سبب اختلاف ألوان البشر- ومزجها بالماء، فأصبحت صلصالاً من حمأ مسنونٍ.
وجاء في البداية والنهاية لابن كثير أنه كان كلّما مرّ إبليس على ذلك الطين تعجّب منه؛ بأن ماذا سيصبح؟! فكان ذلك الصلصال ما خُلق منه آدم عليه السّلام؛ إذ إنّ الله تعالى سواه بيديه ونفخ فيه من روحه، فدبّت فيه الحياة، وفتح عينيه، وتحرك جسده، ولمّا تمّ خلق آدم، سجد الملائكة كلّهم له كما أمرهم ربُّ العزة، إلا إبليس لم يسجد، فقال له الله تعالى: "قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ۖ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ"، [ص: 75]، فردّ إبليس على الله تعالى بكلّ حسدٍ وكبر: "قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِين"، [الأعراف:12]، فحلّت لعنة الله تعالى على إبليس، وطرده من رحمته، فقال تعالى: "قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ"، [ص:77] ثمّ طلب إبليس من الله تعالى فرصةً بعد أن تحوّل حسده لآدم -عليه السّلام- حقداً، فاقتضت حكمة الله تعالى بإجابته بما جاء في قوله تعالى: "قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ، إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ، قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ"،[الحجر:36-40].
فيديو قد يعجبك: