صورة.. النبات الوحيد في العالم الذي يبحث عن زوجة

02:54 م الأحد 16 يونيو 2024

نبات إنسيفالارتوس وودي لا يوجد منه سوى أشجار ذكور

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب عالم الحفريات ريتشارد فورتي في كتابه عن تطور الحياة: "من المؤكد أن هذا هو الكائن الأكثر عزلة في العالم".

كان يتحدث عن نبات إنسيفالارتوس وودي (E. woodii)، وهو نبات من جنوب أفريقيا، عضو في عائلة السيكاديات، وهي نباتات ثقيلة ذات جذوع سميكة وأوراق صلبة كبيرة تشكل تاجًا مهيبًا.

تجاوزت هذه الأشجار الناجيية الصامدة، الديناصورات والانقراضات الجماعية المتعددة. وبعد انتشارها على نطاق واسع، أصبحت اليوم واحدة من أكثر الأنواع المهددة بالانقراض على هذا الكوكب.

اكتشف النوع البري الوحيد المعروف من نوع E. Woodii في عام 1895 من قبل عالم النبات جون ميدلي وود بينما كان في رحلة استكشافية نباتية في غابة ناجوي في جنوب أفريقيا.

وفتش المنطقة المجاورة بحثًا عن آخرين، لكن لم يعثر على أي منهم. وعلى مدى العقدين التاليين، أزال علماء النبات السيقان والفروع وزرعوها في الحدائق.

خوفًا من تدمير الجذع النهائي، نقلته إدارة الغابات من البرية في عام 1916 لحفظه في منطقة محمية في بريتوريا، جنوب أفريقيا، ما أدى إلى انقراضه في البرية.

ومنذ ذلك الحين نشر النبات في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، يواجه E. woodii أزمة وجودية. جميع النباتات مستنسخة من عينة ناجوي. جميعهم ذكور، وبدون أنثى يكون التكاثر الطبيعي مستحيلاً. قصة E. Woodii هي قصة البقاء والعزلة.

تقول لورا سينتي، زميلة أبحاث في الفن الحيوي وسلوك النبات، جامعة ساوثهامبتون: كان بحث فريقي مستوحى من معضلة النبات الوحيد الذي ينتظر أنثى.

السيكاديات هي أقدم مجموعات النباتات الباقية على قيد الحياة اليوم وغالباً ما يشار إليها باسم "الحفريات الحية" أو "نباتات الديناصورات" بسبب تاريخها التطوري الذي يعود تاريخه إلى العصر الكربوني، منذ حوالي 300 مليون سنة.

خلال عصر الدهر الوسيط (قبل 250-66 مليون سنة)، المعروف أيضًا باسم عصر السيكاديات، كانت هذه النباتات منتشرة في كل مكان، وتزدهر في المناخات الدافئة والرطبة التي ميزت هذه الفترة.

على الرغم من أنها تشبه السرخس أو النخيل، إلا أن السيكاديات لا ترتبط بأي منهما. السيكاديات هي عاريات البذور، وهي مجموعة تضم الصنوبريات والجنكة.

على عكس النباتات المزهرة (كاسيات البذور)، تتكاثر السيكاسيات باستخدام المخاريط. من المستحيل التمييز بين الذكر والأنثى حتى ينضجا وينتجا مخاريطهما الرائعة.

عادة ما تكون المخاريط الأنثوية عريضة ومستديرة، بينما تبدو المخاريط الذكرية ممدودة وأضيق. تنتج المخاريط الذكرية حبوب اللقاح التي تحملها الحشرات (السوس) إلى المخاريط الأنثوية. ظلت طريقة التكاثر القديمة هذه دون تغيير إلى حد كبير لملايين السنين.

على الرغم من طول عمرها، تُصنف السيكاسيات اليوم على أنها أكثر الكائنات الحية المهددة بالانقراض على وجه الأرض، حيث تعتبر غالبية الأنواع مهددة بالانقراض.

ويرجع ذلك إلى بطء نموها ودوراتها الإنجابية، التي تستغرق عادةً من 10 إلى 20 عامًا حتى تنضج، وفقدان الموائل بسبب إزالة الغابات والرعي والإفراط في جمع الأشجار. وهكذا أصبحت السيكاديات رموزًا للندرة النباتية.

إن مظهرها المذهل ونسبها القديم يجعلها ذات شعبية كبيرة في زراعة نباتات الزينة الغريبة، ما أدى إلى الاتجار غير المشروع بها.

يمكن أن تطلب السيكاديات النادرة أسعارًا باهظة تبدأ من 620 دولارًا أمريكيًا (30 ألف جنيه مصري) للسنتيمتر الواحد، مع بيع بعض العينات بملايين الجنيهات الاسترلينية لكل منها.

من بين الأنواع الأكثر قيمة E. woodii. وهو نوع محمي في حدائق نباتية مع إجراءات أمنية مثل الأقفاص المزعجة المصممة لردع الصيادين.

تقول الباحثة: في سعينا للعثور على أنثى E.woodii، استخدمنا تقنيات مبتكرة لاستكشاف مناطق الغابة من نقطة مراقبة رأسية.

في عامي 2022 و2024، غطت عمليات المسح باستخدام الطائرات بدون طيار مساحة 195 فدانًا أو 148 ملعبًا لكرة القدم، ما أدى إلى إنشاء خرائط تفصيلية من آلاف الصور التي التقطتها الطائرات بدون طيار. لا يزال هذا جزءًا صغيرًا من غابة نجوي، التي تغطي مساحة 10000 فدان.

وعزز نظام الذكاء الاصطناعي كفاءة ودقة عمليات البحث هذه. نظرًا لأن E. woodii يعتبر منقرضًا في البرية، جرى استخدام الصور الاصطناعية في تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي لتحسين قدرته، على التعرف على السيكاسيات حسب الشكل في سياقات بيئية مختلفة.

تختفي الأنواع النباتية على مستوى العالم بمعدل ينذر بالخطر. نظرًا لأن جميع عينات E. woodii الموجودة هي مستنسخات، فإن إمكاناتها للتنوع الجيني في مواجهة التغير البيئي والأمراض محدودة.

العثور على أنثى يعني أن E. woodii لم يعد على شفا الانقراض ويمكن أن يعيد إحياء هذا النوع. من شأن الأنثى أن تسمح بالتكاثر الجنسي، وتجلب التنوع الجيني، وتدل على تقدم كبير في جهود الحفاظ على البيئة.