أزمة قطع غيار السيارات تتفاقم بالتوفيقية.. ومسؤول: "دي سلعة استراتيجية زي الدواء والأكل"
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
-
عرض 7 صورة
كتب- محمود عبدالرحمن:
أواخر يوليو الماضي، فُوجئ جابر سعيد بمسؤول الحسابات يطلب الجلوس معه لتصفية حسابه؛ تنفيذا لقرار مالك معرض قطع الغيار، بتسريح ثلاثة عمال من بين خمسة يعملون معه منذ سنوات، كمحاولة لتخفيف مصروفات التشغيل والإدارة، من أجل تجاوز الأزمة التي يعاني منها قطاع غيار السيارات منذ فترة، نتيجة تعطل عمليات الاستيراد التي تسببت في ارتفاع الأسعار إلى أكثر من الضعف واختفاء قطع الغيار من الأسواق.
الخبر كان صادما لـ"جابر" الذي يعمل بالفرع المتواجد بسوق التوفيقية منذ 5 سنوات، ووجد نفسه بين يوم وليلة بلا عمل ودون مصدر دخل ينفق منه على أسرته المكونة من 4 أفراد: "أنا ساكن إيجار وعندي أولادي ومفيش دخل تاني"، يقول جابر الذي تقتصر خبرته المهنية على عمله بسوق قطع غيارات السيارات، فأولاده الثلاث بمراحل دراسية مختلفة وزوجته ربة منزل.
وبعد استلام جابر مستحقاته المادية، حاول مسؤول الحسابات التخفيف عنه قائلا: "إن شاء الله أول ما ربنا يصلح الحال والأزمة تعدي هترجع تاني"، ليكفي رب الأسرة: "ربنا اللى بيرزق، ربنا يصلح لنا الحال".
وبحكم خبرته بسوق قطع الغيار، بدأ جابر بالبحث عن فرصة عمل جديدة، توفر له مصدر دخل يلبي احتياجات أسرته في ظل الظروف المعيشية التي يصفها بالـ "صعبة"، "لفيت على أغلب المحلات في التوفيقية بس كله بيشتكى من وقف الحال"، يستكمل جابر صاحب الـ51 عاما: "أغلب المحلات خفضت المرتبات عشان مفيش بيع ولا شراء"، مما دفعه للقبول بفرص عمل بمرتب 3 آلاف جنيه أقل ما كان يتقاضاه في عمله السابق الذي كان يتخطى الـ4 آلاف جنيه، ينفق منها 525 جنيها مواصلات شهريا، حيث يدفع أجرة ذهاب وعودة يوميا من محل إقامته بمنطقة عين شمس وحتى منطقة وسط البلد 21 جنيها: "المرتب ضعيف بس أحسن من القعدة البيت"، وخصوصا أنه ليس لديه مصدر دخل آخر.
طيلة الأشهر القليلة الماضية، تزايدت أزمة قطاع غيار السيارات وامتدت من انخفاض المبيعات إلى نقص المعروض، مما دفع العديد من مالكي المحال والمعارض بمنطقة التوفيقية وغيرها توجيه شكاوى إلى الجهات المختصة للبحث عن حلول للأزمة، بحسب ما ذكره المهندس زكي عباس، عضو مجلس النواب، الذي تقدم بطلب إحاطة في البرلمان، موجه إلى رئيس الوزراء، ووزيرة التجارة والصناعة، حول أسباب أزمة نقص المعروض من قطع الغيار المؤثرة في السيارة بنسبة كبيرة في مصر.
وأضاف النائب أن مصر تمتلك 5 ملايين سيارة ملاكي، وتستورد 98% من إجمالي قطع الغيار المُباعة محليًا، لافتًا إلى أن ندرة المعروض ترجع إلى تأخر أو تجمد دورة استيراد قطع الغيار ما يتسبب في اختفاء أصناف معينة، متسائلا: هل الأزمة هي نقص المعروض بالفعل أم مفتعلة من المستوردين لتعطيش السوق والبيع بأعلى سعر؟
"المستوردين استغلوا الأزمة وساعدوا في تفاقمها"، بهذا الاتهام تحدث محمد فتحي، أحد أصحاب المحلات بسوق التوفيقية، قائلا: " كل ما نكلم المستورد يقول مفيش ولما يقول على حاجة موجودة نلاقي سعرها ارتفاع أكتر من النص"، وذلك بحجة تذبذب سعر الدولار أو قلة الاعتمادات الخاصة بالاستيراد.
وأضاف فتحي أن أزمة قطع الغيار في المحلات دفع أصحاب السيارات البحث عن قطع الغيار "الاستيراد" المستعملة، وذلك لسد حاجتهم يقول "أكيد لو في حد عاوز تيل فرامل ومفيش جديد لازم يشتري أي حاجة"، وهو ما حدث مع حازم حسن الذي تجول على مدار ساعة كاملة على المحلات بالمنطقة بحثا عن تيل فرامل للسيارة التي يمتلكها لكن دون فائدة.
"كل ما أسال يقولوا مفيش جديد شوف استعمال"، يقول حازم الذي جاء إلى التوفيقية لكونها الأشهر في بيع قطع غيار السيارات، لشراء تيل فرامل بعدما فشل في الحصول عليه في المحلات القريبة من المنطقة التي يسكنها: "قولت اكيد هلاقي في التوفيقية"، لكن دون فائدة لينصحه أحد التجار بالبحث عن الاستعمال: "الاستعمال قليل كمان ولو في غالي جدا"، لكنه في النهاية مجبر على الشراء.
"مفيش بضاعة في السوق كله لما تتوافر هبلغك"، إجابة متكررة اعتاد إبراهيم مصطفى الذي يملك محال قطع غيار بمحافظة الأقصر تلقيها من بعض التجار بمنطقة التوفيقية خلال الشهرين الماضيين، ليقرر الرجل السفر إلى القاهرة لشراء النواقص من قطع الغيار بمحله من سوق التوفيقية.
"ركبت أنا وأبن عمي وقولنا نيجي نشوف بنفسنا"، يستكمل إبراهيم الذي لم يترك محل في المنطقة المتخصصة في بيع قطع غيار السيارات إلا وبحث فيه عن قطع الغيار التي يريدها أمل في الحصول على البعض منها لكن دون فائدة: "في ناس لما عرفت أني جاي القاهرة دفعت ليا فلوس مقدم ثمن حاجات مطلوبة"، لكنه لم يجدها.
"كنت بجيب بضاعه من الصين كل أسبوع دلوقتي كل شهرين"، يقولها هشام الحكيم أحد المستوردين لقطع غيار السيارات بسوق التوفيقية، يرى هشام أن الأزمة اشتدت أعقاب الحرب بين روسيا وأوكرانيا وتوقف سلاسل الامداد، مما أدى إلى قلة الاعتمادات الخاصة بالاستيراد: "بنروح نقدم يقولوا لما يجي دورك".
ويضيف هشام أن تأخر عملية الاستيراد تخلق أزمة بالمحلات، يقول "احنا بنجيب بضاعة نوزعها على التجار"، وبكميات قليلة وتنتهي بعد ساعات من طرحها بالأسواق بجانب ارتفاع أسعارها إلى أكثر من 60%.
المهندس أمير هلالي، رئيس لجنة المستوردين بشعبة السيارات بغرفة القاهرة التجارية، يقول إن أزمة نقص قطع الغيار هي نتيجة عدم قدرة التجار على الاستيراد، بسبب قلة الاعتمادات بجانب عدم وصول قطع غيار السيارات من جميع دول المنشأ إلى مصر، مما تسبب في ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه.
بينما يرى علاء السبع رئيس شعبة السيارات، إن قطع غيار السيارات لابد أن تتعامل معاملة السلع الاستراتيجية، وذلك لما تمثله من أهمية، قائلا: لابد أن يتم توفير عملة لها لما تمثله من أهمية لا تقل عن الأدوية أو الأكل والشراب، مضيفا أن الأزمة تزداد سوءا يوما بعد يوم مما يؤدي إلى نقص حاد في مخزون المستوردين.
فيديو قد يعجبك: