بالصور- المسحراتي في زمن كورونا.. "اصحى يا نايم ومتنساش تغسل إيدك بالمياه والصابون"
كتبت- شروق غنيم:
تصوير- محمود بكار:
في الحادية عشر من مساء أمس، كسر صوت المسحراتية دلال عبدالقادر صمت شوارع منطقة المعادي، تُنادي على أهل المكان، في دقائق تحول المكان الخالي من مظاهر رمضان إلى بهجة "هاتوا الفوانيس يا ولاد هاتوا الفوانيس، هنزف عريس.. هيكون فرحه 30 ليلة، هنغني ونعمل هوليلة"، تنادي السيدة الأربعينية بأقصى طاقتها كما اعتادت طوال تسعة أعوام مضت، لم يتغير شيئًا في حماسها لأول ليلة في الشهر الكريم، غير أنه هذه المرة يحل بأجواء مقبضة، لكن مع صوت دلال وندائها ذاب كل شئ، وحضر رمضان في كامل حُلته.
مع قُرب شهر رمضان واتخاذ الحكومة المصرية سلسلة من الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد19) من بينها إغلاق دور العبادة لمنع التجمعات، افتقد رمضان هذا العام للمشهد الأساسي، صلاة التراويح في المساجد، لذا فكرت دلال في النزول في محيط منزلها لاستكمال دورها الموسمي "مش عايزة الأطفال ينسوا المسحراتي ولا رمضان يمر بكآبة عليهم.. لو مفيش مسحراتي مفيش رمضان"، فيما ابتكرت عبارات جديدة للتوعية بمخاطر الفيروس المستجد في ندائها.
في المنزل أخذت ترتجل السيدة الأربعينية ندائها الجديد في رمضان ما بعد كورونا، تُحاكي مشهد المسحراتي في منزلها وتقول لأبنائها الأربعة "يا صحابي يا أهلي يا جيراني خدوا بالكم واقعدوا في البيت.. كورونا ده معرض معدي"، تلقت الترحيب من أولادها "بقوا يقولوا لي حلو يا ماما قوليه السنة دي"، صار لها هذا العام مهمتين "أنادي على الأطفال زي ما متعودة، لكن كمان أوعيهم إزاي يحموا نفسهم من فيروس كورونا".
استعدت المسحراتية عشية أول يوم صيام لمهمتها، غيرت من تفاصيل يومها ليواكب الجائحة، ارتدت قفازات في يديها، بينما وضعت كمامة على وجهها، أحضرت طبلتها والجلدة المركونة منذ عام مضى، غلفت الطبلة بقماش الخيامية ذات الألوان الرمضانية، ثم نزلت للشوارع ترتجل كما عادتها "اصحى يا نايم.. سحورك يا محمد، سحورك يا كريم.. صحي حبايبك"، فيما تعقبه بنداءات (كوفيد19) "إيدك يا محمد تغسلها بالمياه والصابون كمان.. وأخواتك يا محمد وأهل منطقتك كمان"
حتى منتصف الليل استمرت نداء دلال، ينظر لها الأطفال من النوافذ أو تنزل لها طفلة فرحة "أهم حاجة بالنسبة لي ميبقاش في تجمعات"، تدرك ما لها من محبة في نفوس أطفال المنطقة "عشان كدة لازم أقولهم إزاي يحموا نفسهم"، وما بين نداء والآخر تخبرهم "ومتنساش الكمامة ليك ولحبايبك كمان"، لا تنقطع البهجة من صوت المسحراتية، في نهاية اليوم شعرت بأن روحها قد رُدت لها "بستنى رمضان من السنة للسنة"، فيما كان لها فرحتين هذا العام، أنها لا زالت باقية على العهد "وإني بحاول أساعد الأطفال كمان وأبسطهم".
فيديو قد يعجبك: