"المسعفون البيئيون".. حكاية 100 شاب ينظفون شواطئ لبنان
كتبت-إشراق أحمد:
مثل سكان منطقة الميناء بمدينة طرابلس اللبنانية، يتردد سليم كبارة على شاطئ المسبح الشعبي، يرتجي لحظات يتنفس فيها على البحر بعيداً عن زحام الحياة، لكن ذلك لا يحدث، كلما ذهب هناك يضيق صدر الشاب من أكوام القمامة الملقاة في أرجاء المكان، وعندما لم يجد كبارة صدى لشكواه إلى لجنة البيئة أو البلدية، قرر النزول بمفرده وتنظيف الشاطئ.
من كبارة كانت البداية في إبريل 2017، قبل أن ينضم إليه قرابة مائة شاب وفتاة آخرين، لمشاركته في التدخل لإنقاذ الشواطئ اللبنانية مما أصابها من وهن جراء المخلفات الملقاة، ولهذا جاء اسم حركتهم "المسعفون البيئيون".
نشر كبارة صور للقمامة على الشاطئ على حسابه على فيسبوك ودعوته لإزالتها، فتفاعل معه العديد ممن أبصروا المشكلة مثله "شاطئ البياضة الذي يدل اسمه على لونه ونقاوته تحول من شاطئ يستقبل سلاحف بحرية تأتمنه على بيضها إلى شاطئ يستقبل شتى أنواع النفايات، أصبح ملوث ومريض بحاجة إلى الإسعاف. الإسعاف البيئي" يقول محمد علم الدين، الذي انضم للحملة.
العديد من الحملات والمبادرات البيئية التي تخرج في لبنان، غير أن "المسعفون البيئيون" اختاروا الشواطئ للتعبير عن حلمهم في "مدينة صديقة للبيئة"، ويوضح علم الدين السبب، قائلاً إن تلوثها بلغ حد لا يطاق وصل إلى مياه البحر ذاتها، فضلاً عن كونها واجهة المدينة وملاذ الفقراء الذين حرموا منه بسبب "تقاعس الدولة وجهل بعض الناس" حسب تعبيره.
يعتمد "المسعفون البيئيون" على الحملات الصغيرة المشارك فيها أعداد من المتطوعين كل مرة، يجتمعون للنزول إلى شاطئ في حدود مدينة طرابلس، يحملون أداوتهم التي يتطوعون لشرائها من قفازات وأكياس بلاستيكية، ثم يعكفون على التقاط ما على الرمال، بدأ الأمر بفرز ثلاثة أكياس في اليوم الواحد، حتى وصل بزيادة عدد المتطوعين إلى ملئ 60 كيسًا بلاستيكيًا يوم الأحد 12 أغسطس الجاري.
لم يكن الأمر يسيرًا، استقبل المتطوعون ردود فعل سلبية مثل "مش راح تقدروا تغيروا شي، ما تعذبوا حالكن بكرة بيرجع بيتوسخ"، بالإضافة إلى كم النفايات المتضمنة مخلفات طبية كالحقن، مما كان يشعرهم بالإحباط، لكن الإصرار والدعم الإيجابي من ناحية أخرى دفع "المسعفون البيئيون" إلى تنظيف ثلاثة شواطئ كاملة في مدينة الميناء –شمال لبنان- إلى الآن، ووضع صناديق قمامة من إطارات السيارات القديمة، فضلا عن إقامة ماراثون بحري على كورنيش الميناء البحري، وآخر في شارع بورسعيد –شارع رئيسي في المدينة، إذ قام المتطوعون بالتنظيف أمام أعين المارة لرفع الوعي لدى المواطنين بحسب علم الدين.
يلجأ القائمون على المبادرة إلى استغلال أي فرصة لجذب مشاركين جدد، وفتح آفاق جديدة، فينشرون صور لأغطية بلاستيكية جمعوها في إحدى جولات، ويقترحون على هواة الفن أن يستخدموها، ملحقين إياها باسم إحدى حملاتهم "يلا بلاستيك"، فلا يكتفي "المسعفون البيئيون" بتنظيف الشواطئ وجمع المخلفات، بل يتواصلون مع الجمعيات والمؤسسات المهتمة للفرز وإعادة التدوير.
وبينما يواصل المسعفون البيئيون حملاتهم على الشواطئ، يتجهون إلى تحويل حركتهم إلى جمعية، ووضع خطة عمل لا تنحصر في الشواطيء، بل تحقق من خلال العمل على الأرض التوعية من ناحية والضغط على السلطات المعنية من جانب آخر.
فيديو قد يعجبك: