إعلان

مِن الأمل إلى الملل.. كيف تابع من حضروا التنحي بالميدان "مُحاكمة مبارك"؟

02:57 م الجمعة 03 مارس 2017

مُحاكمة مبارك

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد مهدي:

طوفان من البَشر، حركة عشوائية حول صينية ميدان التحرير، هرولة هنا وهناك، صرخات نَصر مُدوية، بكاء هستيري، موجات من الهتاف تعلو باسم الوطن. شعور الحرية يملأ الرئتين، نشوة من مسهم الحِلم لأول مرة. فور تنحي الرئيس الأسبق محمد حسني مُبارك، في ليلة الحادي عشر من فبراير.كان كل شيء مثاليًا، وحينما هتف البعض بمحاكمة رأس النظام، لم يكن يتوقع أحد قرار أمس بتبرئته من التُهم المنسوبة إليه.

في شارع جانبي بميدان التحرير، احتفل الشاب "محمد فتحي" بالخَبر وسط الزحام، لكنه لم يتمكن من التقاط نص كلمة "عُمر سليمان" كاملة رغم كونها مقتضبة، أكل القلق قلبه لجهله بمصير الثورة "اتصلت بواحد صاحبي قالي إن الجيش هيمسك".

استكمل فرحته بإزاحة "مبارك" ظنًا منه بحتمية القصاص "كنت أتغَريت باسقاطه وافتكرت إن أي حاجة عايزنها هنعملها".

على بُعد أمتار منه، اندفع الطبيب "عمرو وشاحي" من المستشفى الميداني الرابضة عند المتحف المصري، يحتضن من يلقاه، يبكي ويضحك في الوقت ذاته، يسجد في أرض الميدان "افتكرت كل الناس اللي ماتت قدامي.. وكان عندي أمل إن دمهم مش هيروح هَدر".

كان بديهيًا لهما-وفق حديثها- إلقاء القبض على "مبارك" ونظامه من أجل محاكمتهم على ما اقترفوه في حق الشعب المصري، ومن سقطوا قتلى ومصابين من المتظاهرين.

"شيء طبيعي، القتل كان واضح يوم 28 يناير ومعركة الجمل" يقولها فتحي. فيما انضم الطبيب الميداني إلى أحد اعتصامات ائتلاف الثورة في يوليو، للمطالبة بضبط المخلوع "لأن الثورة بالنسبالي هي الناس اللي شوفتها اتعورت وماتت قدامي وحقهم اللي لازم يجي".

بعد أيام قليلة، تم اقتياد "مبارك" ورجاله إلى التحقيق "أول ما عرفت نزلت مع أختي زي المجانين احتفلت وسط الناس"ـ على العكس تمامًا كان فتحي مهمومًا "قرار متأخر قوي.. جاي بطلوع الروح" لم يطمئن المهندس الشاب للخطوة.

وسط إجراءات مُشددة نقل "مبارك" إلى قاعة المحاكمة بأكاديمية الشرطة، الجميع أمام شاشات التلفزيون يتابعون تلك اللحظة الهامة في تاريخ مصر. لأول مرة يُرى رئيسًا داخل القفص.

ظهر الرجل الثمانيني محمولًا على نقالة طبية، تيه بدا في عينيه، حركة يديه التي لا تغادر أنفه "أول ما شوفت النقالة قولت دي نكتة ولا إيه. شكلهم هيدوله حُكم ثم يخرج بعدها" يقولها الطبيب الشاب.

داخل منزله بمحافظة الجيزة، تابع "فتحي" المُحاكمة، لم يكن راضيًا بالشكل الكافي عن ما يدور "حسيت إن فيه حاجة مش طبيعية، بس مبسوط.. مبارك بجلالة قدره ورا القضبان" كان هذا كافيًا على الأقل "الصورة كانت تفرح حتى لو ظاهريًا".

"حكمت المحكمة بمعاقبة محمد حسني السيد مبارك، بالسجن المؤبد عما أسند إليه بالاتهام في جرائم القتل المقترن بجنايات قتل والشروع في قتل أخرى موضوع الاتهام المسند إليه" خرجت بثقة من المستشار أحمد رفعت. بعد جلسات عدة لنظر القضية في يونيو 2012.

نزل الخبر بردًا وسلامًا على عدد من المتظاهرين بينما انزعج كلا من "فتحي" و"الوشاحي" اعتبرها الأول "قليل لأنه مفروض يتحاكم على الفساد مش قتل المتظاهرين بس"، والثاني "قولت هيتخفف لـ 10 سنين ولا حاجة".

جولات التقاضي ضد "مبارك" لم تنتهِ، أحيلت القضية لدائرة أخرى، توالت الجلسات حتى الأخير، إذ قضى المستشار محمود كامل الرشيدي في نوفمبر 2014 ببراءة الرئيس المخلوع من التهم الموجهه إليه.

لم يُصدق "وشاحي" كان جالسًا في مكتبه بمستشفى صغير في أسبانيا، يتابع بشغف النطق بالُحكم عبر فيس بوك، لم يشعر بنفسه حينما انفجر غاضبًا وسط زملائه الأسبان "كسرت الكمبيوتر حرفيًا وفضلت أزعق زي المجنون، أشتم وأعيط".

الأسى هو ما تغلغل في قَلب "فتحي"، تمكنت منه الحسرة رغم توقعه للأمر"حسيت إن الشهدء بيبصولنا ويقولوا: بقى هي دي الأمانة اللي أمنهالكوا؟". تحولت لحظة التنحي إلى ذكرى مؤلمة حينها "أي أغنية كنا بنغينها في الميدان لما بسمعها دلوقتي بحس بالقهر".

بعد حُكم البراءة في أواخر 2014 ودع الطبيب والمهندس اهتمامهما بإجراءات المُحاكمة، حلّ الملل بدلًا من الاهتمام والتوتر والتعليق "مكنتش متابع الجلسة بتاعت إمبارح، عرفت صدفة من فيس بوك، الواحد يأس من زمان" ذكرها "وشاحي"، شاركه الشعور بالمفاجأة "فتحي" الذي قال "محدش بيتابع الجزء التالت من مسلسل أول حلقة ليه أكدت إنه هابط".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان