لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من داخل الجامعة.. مصراوي يرصد أزمة "تكييف القبة"

05:35 م الأربعاء 07 سبتمبر 2016

كتب-رنا الجميعي وإشراق أحمد:

بعبور الباب الرئيسي لجامعة القاهرة والمضي قدما، تتجلى الإصلاحات في أكثر من مكان "بيركبوا شبكة مطافي" يقولها أحد العمال، فيما تمتلأ الطرقات بمجموعات الطلبة، منهم القادم لامتحانات معادلة كلية التجارة، أو الدراسات العليا، بعضهم لا يعبأ لما يجري حوله لانغماسه بالدراسة حال فتاة كلية العلوم، فيما أصر شاب على مطالبة صديقه بالتقاط صورة له "صورني والقبة ورايا". دومًا ما اشتهرت جامعة القاهرة بقبتها الضخمة التي تنطوي على قاعة احتفالات كبيرة شهدت استقبال العديد من الشخصيات البارزة المحلية والعالمية. غير أن سيرة ذلك الرمز جاءت في سياق مختلف قبل نحو أسبوع، مع ظهور مجاري هواء فضية اللون يتنافر شكلها مع هيئة المبنى الأثري.

تداول صور خاصة بأعمال خطوط التكييف المركزي بقبة القاهرة، ظهرت فيها المسارات واضحة للعيان على المبنى التاريخي الذي تأسس في الثلاثينيات من القرن الماضي، وجاءت ردود الأفعال ثائرة ضد ما اعتبروه تشويه للمبنى، كما شهدت تصريحات متبادلة بين وزارة الآثار والتنسيق الحضاري من جهة، وجامعة القاهرة من جهة أخرى، لإزالة ما وصف "بالتعديات"، ووصل الأمر لعقد مؤتمر بالأمس للوقوف على مستجدات ما يحدث بشأن القبة وبدى نهاية شهر أغسطس المنصرف.

undefined

مسار أعمال التكييف بالقبة متواجد منذ فترة طويلة "لكن محدش كان واخد باله" كما يقول محمد أبو سعدة رئيس جهاز التنسيق الحضاري، غير أن أعمال التجديد والصيانة وظهورها بشكل لافت كان "فرصة أن احنا شوفناه وفرصة أننا نتعامل مع المشكلة ونحلها" حسب تعبيره.

وفيما ينعقد المؤتمر الذي تشكل عنه لجنة فنية، جلس مجموعة من الطلبة يتضاحكون فيما بينهم، كانت القبة محور حديثهم الساخر "يا عم أكيد كل جامعة فيها قبة"، قل أن يستوقفهم صديقهم لطفي عبد الكريم شاخصا نظره للمبنى الضخم "أنا جامعة القاهرة بالنسبة لي هي القبة". منذ نحو العام غير "عبد الكريم" وجهته من بني سويف إلى القاهرة، جاء محملا بزهو رؤية ذلك المكان، منتقلا للدراسة إليه، وكلما جاء الجامعة نظر إلى وجهتها المميزة بمدخل الباب الرئيسي، لهذا كان له أن يلتفت دون رفاقه لما طرأ عليها من أعمال إصلاح، حينها تغير سؤاله عما يتواجد أسفل القبة إلى "هم بيعملوا فيها كده ليه؟".

ذلك السؤال الذي اندفع للبحث عن إجابته مهتمون بالمباني ذات التاريخ، فحينما تداولت صور القبة بينما يكسوها مجاري الهواء فضية اللون، التفت القائمون على جهاز التنسيق الحضاري إلى الأمر، حينها وفقط بدأ التحرك من قبلهم باعتبار أن المبنى مسجل كتراث معماري مميز كما يقول "أبو سعدة" لـ"مصراوي"، ثم ارسل الجهاز لجنة معاينة، توجه بعدها خطاب إلى الجامعة ورئيسها جابر نصار يوم الثلاثاء الموافق 30 أغسطس المنقضِ بشأن التعدي على القبة. حينها جاء الرد حسب "أبو سعدة" أن "نصار" يرفض أي تشويه للمكان، وتم رفع الأمر إلى الاستشاريين.

لمبنى القبة محطتان رئيسيتان للتبريد، تم تركيب المحطة الأولى في الستينات وأشرف عليها أستاذ الهندسة سيد سحاب، قبل أن يشهد عام 1983 تركيب المسار المتواجد حاليا، بما يتضمن محطة أعلى سطح المبنى الملاصق لقاعة احتفالات الجامعة، ومنذ هذا الوقت لم يطرأ أي تجديد إلا عام 2009 بإضافة وحدات تمدد مباشر لتحسين كفاءة التكييف تزامنا مع زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لجامعة القاهرة. وذلك كما جاء بالتقرير الذي رفعه عصام الدين خليل أستاذ الهندسة الميكانيكية والمشرف على تنفيذ أعمال الإصلاح لرئيس الجامعة في 29 أغسطس المنصرف.

undefined

كان أستاذ الهندسة الميكانيكية قدم تقرير في أعوام 2002، 2003، 2009 أن نظام التبريد بحاجة للتغيير، كما أن المواسير المعتلية للسطح ومجاري الهواء بحاجة لمراجعة أعمال العزل الحراري والتسريب نظرا لانتهاء مدة صلاحيتها المتجاوزة لـ25 عاما، ومع تكليف "خليل" بأعمال التجديد والاصلاح في يونيو 2014 انصب عمله على "أننا نشيل المكن ونحط مكن تاني بدون أي إضافة" وهو ما حدث كما يقول "خليل"، مؤكدا أن أعمال الصيانة لم تكن انتهت حينما ثارت الأزمة، إذ المفترض أن يتم تغليف المسارات بقماش "دمور" ودهانه بلون يطابق دهان القبة كما كان بالسابق، ولهذا ذاع اللغط "لما واحد يشوف شقته وهي بتتوضب وفاضل لها وش أخير بيقول إنها سيئة" حسب وصفه.

undefined

"الناس مكنتش بتهتم بالشكل العام قبل 30 سنة دلوقت بتهتم" ذلك ما تم الاتفاق عليه بين أستاذ الهندسة الميكانيكية واستشاري العمارة، فكل ما يهم المشرف على أعمال الصيانة "أن تغيير المسار لا يؤثر على القدرة التبريدية للقاعة" حسب قوله لـ"مصراوي".

لم يسبب مسار التكييف أي تلفيات بالمبنى كما أكد "أبو سعدة"، فقط المظهر العام "كان سيء" ويضر بشكل القبة التراثي حسب وصفه، لذا كان لابد من وجود حلول للتعامل مع المبنى بحيث تحقق الوظيفة بدون التأثير على الشكل وهو ما تم الاتفاق عليه كما قال رئيس جهاز التنسيق الحضاري.

undefined

أثناء اجتماع اللجنة الفنية، كان العُمال مازالوا يقومون بالتركيبات، أعلى القبة يظهر على جانبيها مواسير جديدة مُغطاة، لونها "بيج" فاتح، فيما تظهر أخرى ذات لون المبنى نفسه، أعداد العمال تتناثر، بين من يقومون بإزالة مواسير قديمة، وآخرين أعلى السطح، فيما يبدو أن الجامعة بأكملها في وضع الإصلاحات، حيث تتكاثر الحُفر بالطرق، فيما كانت القبة وما حولها خارج اهتمام إبراهيم محمود الجالس بكلية الإعلام، معبرا عما يثيره بالفعل، إذا ما حدث تشويه لمبنى مكتبة آداب القديمة "المبنى دا جميل، وهضايق فعلا لو حصله حاجة"، أو أن يكون التكييف المركزي لقبة القاهرة فيه "شبهة إهدار مال عام".

بحوار مُتحضر انتهت الأزمة أمس، هكذا وصفت سهير زكي حواس، أستاذ العمارة بهندسة القاهرة، اجتماع أمس مع رئيس الجامعة، حيث شُكلت لجنة فنية من جهاز التنسيق ونقابة المهندسين، للتوصل لحل يعيد قبة الجامعة لمظهرها الجمالي "حاولنا نحافظ على القبة مُكيفة وفي نفس الوقت نقلل الخساير في شكلها"، لذا يتم تعديل المسارات على نحو يُخفي الظاهر منها للعيان بوضع تصور جديد للمسارات.

undefined

مرأى عملية الإصلاح المكشوف حيث يقوم العمال بتركيب المواسير الجديدة دون أي ستار يُغطيه هو سبب الأزمة كما ترى "حواس"، وفي سؤال أستاذة العمارة عن أي بدائل أخرى لشكل التركيبات، نفت أن تكون هناك طريقة أخرى "لأن المبنى مش بسيط، القبة مقياسها ضخم، أي حل بديل هيبقى على حساب تكسير الأسقف".

قبل حلّ الأزمة أمس، أخذت المُشكلة تتزايد بين تصريحات المسئولين المتبادلة، من جهة كانت تصريحات مسئولي التنسيق الحضاري ضد التعديات، لأن قبة القاهرة مُدرجة ضمن المباني التراثية، مما يعني أنها تقع ضمن قانون 144 للحفاظ على تراث المعمار والذي يحظر هدمها، لكن "حواس" توضح أن القبة ليست أثر "اتبنت سنة 1933 وكدا فاضلها 18 سنة وتبقى أثر"، وتضيف أن القانون يُعطي إدارة الجامعة الحرية في عمل أي تعديلات على المبنى، ولكن يُفضل أن يكون هناك توافق بين المؤسستين.

ويعد مبنى قبة جامعة القاهرة ثاني المباني التي ثار حولها لغط أو "تعدي" كما يصف رئيس جهاز التنسيق الحضاري، بعد مبنى كلية صيدلة الذي شهد تركيب مسار لأعمال التكييف، غير أنه تم التوقف عن استمرار العمل لحين إيجاد حل حسب قول "أبو سعدة"، فيما تستمر أعمال الصيانة والإصلاح بـ"القبة" في ضوء المعالجة المعمارية المقدمة.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان