لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور- حكاية "عادل" و شبيهه "عادل" على عتبة "أم العواجز"

02:34 م السبت 18 أبريل 2015

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- نيرة الشريف:

ظل عادل صادق الذي يتجاوز عمره الآن الخامسة والستين عاما متجولا طوال عشرين عاما من عمره، يحمل صندوق تلميع الأحذية مصدر رزقه، ويذهب به هنا وهناك "فضلت سنين، في البساتين، لفيت كل شوارعها، وقعدت اشتغلت على كل رصيف" قبل أن يستقر الحال بعادل –الآن- على الرصيف أمام مسجد السيدة زينب.

هنا على الرصيف وجد عادل ما يهون عليه مشقة الحياة، وجد شخصا آخر يشاركه جلسته التي تبدأ منذ الصباح الباكر، وتنتهي حينما ينخر البرد عظامهما، وجد شخصا آخر يتقاسم معه حكايات نهاره، وحلم الوجبة الساخنة والبيت الدافئ بمجرد حلول الليل، وجد مهنى مسلم أحمد، يصغر مهنى عن عادل بنحو ثمان أعوام، يتقارب الهيكل الجسدي لكل منهما، تتقارب ملامح وجوههما، ليحسبهما الناظر إخوة وربما توأمان، تتقارب شكل ملابسهما، وتتجاور صناديق مسح الأحذية الخاصة بهما، وتظل متجاورة هكذا طوال ساعات طويلة في اليوم، ويفترقا فقط حينما يحين موعد ذهاب كلا منهما إلي مأواه.

مهنى وجد بدوره ضالته في عادل، وجد صديق العمر الذي لابد أن يتمسك به بكل ما أوتي من قوة، لا يتشابه معه عادل في وحشته فقط، ولا يتشابه معه في ظروف حياته فقط، ولا يقاربه في السن فقط، بل يكاد يراه فيه كل ما سبق وأكثر "أنا ساعات ببص لعادل بتلخبط وبفتكر إنه أنا" هكذا يقول مهنى، لذا صار شديد التعلق بعادل، إلى الحد الذي وصل به إلى تغيير اسمه المشهور به في العمل إلى "عادل"، ليعرفا كلاهما في المكان الذي يعملان به بعم عادل وعادل ماسحي الأحذية.

لدى مهنى ولدين في العشرينيات من عمرهما، لم يستطع أن يفعل تجاههما ما تمناه لهما، فلم يستطع أن يُعلم أيا منهما، طلق زوجته منذ نحو عشرين عاما، ومن وقتها لم يرَ ابنيه مرة أخرى، ولم يظهروا طوال تلك السنوات الطويلة إلا الآن "العيال ظهروا دلوقتي بس عشان عاوزين فلوس" يقول مهنى بأسى . لم تكن مهنة ماسح الأحذية هي مهنة مهنى الأصلية، فقد كان يعمل مبيض محارة "كان الرزق أوسع، من عشرين سنة بالضبط جاتلي جلطة، وتسببت لي في شلل نصفي، ومن ساعتها بطلت اشتغل شغلانتي، وبقيت بلّمع جزم بس"، يعيش مهنى بمفرده في بيت والدته بمدينة النهضة، وينتظر كل ليلة قدوم الصباح حتى يأتي ويجلس إلى جوار عادل.

أما عادل فهو مطلق، يعيش مع أخته وزوجها في شقة صغيرة بحي زين العابدين، تستقر أمه علي أحد الآسرة بالشقة الصغيرة لا تتحرك، منذ أن لحقت بقطار المرض، قبل عام ونصف العام، لا تغادر السرير أبدا، ويتولى ابنها عادل أمر علاجها ومراعاة سنوات عمرها الخمسة والثمانين عاما "علاجها بيتكلف في الشهر حوالي 120 جنيه، ربنا يعلم بيتوفروا إزاي، وربنا بيدبرها.. وبعافر عشان أوفر ثمن أكلنا أنا وهي طول الشهر عشان ما يبقاش جوز أختي بيصرف علينا كمان".
لا ينكر عادل أبدا أن مهنى الذي غير اسمه لأجله يهون عليه كثيرا، وأن الضحكات التي يضحكونها سويا طوال اليوم هي كل شيء جيد يحدث لهم، وكأنهم ليس لديهم هموما أبدا.

فيديو قد يعجبك: