لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مسرحية في مدرسة ثانوي: حارب التحرش "برة الصندوق"

04:27 م الثلاثاء 29 ديسمبر 2015

عرض مسرحي بالمدرسة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-دعاء الفولي:
تصوير-علياء عزت:

المسرح قديم كالمدرسة الموجود بها، حال الاقتراب منه تأتي همسات الطالبات من داخله، ينتظرن العرض الذي سُيحدثهم عن "العنف ضد المرأة" في هيئة مسرحية قصيرة.

الأخصائية الاجتماعية عواطف عدلي، تقف أمام الفتيات في حماس "اسمعوا واستفيدوا وشاركوا متخافوش"، تطالبهن بإخراج بعض الأوراق لكتابة ما قد يفيد، وفيما بدأت الموسيقى منخفضة، خرج شاب على المسرح يرتدي زيّ ملك فرعوني ومعه الملكة، فتعالت ضحكات الفتيات، قبل أن يتكلم الملك مُعلنًا بداية المسرحية التي تنظمها جمعية "الشباب والمرأة وتحسين البيئة"، تحت رعاية المجلس القومي للمرأة.
 
في مدرسة شبرا الثانوية للبنات بروض الفرج، قدّم فريق "برة الصندوق" الخميس الماضي، عرضًا مسرحيًا لتوعية الطلاب بالتحرش والعنف ضد المرأة، نصف ساعة أو يزيد قليلًا هي مُدة العرض، يحكي عن ملك وملكة يسافران من عهد الفراعنة للوقت الحالي كي يطلعا على كيفية معاملة النساء بمصر، لُيفاجئا بما لا يسرهما أبدًا.

1

"بنحاول نشوف طرق مختلفة نوصل بيها أفكارنا عشان نلفت الانتباه"، قال أحمد أبو الغيط، رئيس مجلس إدارة جمعية الشباب، المُشهرة منذ عام 2004. بمنشأة ناصر حيث مقر الجمعية، سعى القائمون عليها لتوعية المواطنين بالمنطقة "سواء بالرياضة أو المسرح او الرسم والنحت" أو من حملات التوعية في الشارع، ما يُسميه أبو الغيط "طرق الأبواب"، ورغم أنهم لاقوا عدم استجابة في البداية، غير أنهم مع الوقت استطاعوا تغيير وجهة نظر البعض بأشياء عدة على رأسها التحرش.
 
شاب وشابة يرتديان الزي السكندري، يبدو التأفف على وجه الفتاة، يضايقها الفتى، قبل أن يقول له الملك الفرعوني "اثبت يابو اسكندر"، فيتجمد المشهد، لينتقل الملكة والملكة لمحافظة أخرى، علّهما يجدان من يمتنع عن معاكسة الفتيات، فيخيب أملهما بعد أن يريا نفس الوضع في سيناء، الريف، وفي المدارس، ليصبح المسرح مليئًا بأربع مشاهد ثابتة، ويُفتح باب النقاش مع الطالبات اللاتي يُشاهدن العرض.

2

"احنا مسرح تفاعلي.. الناس لازم تشارك عشان يحسوا انهم استفادوا" حسب قول مدير الجمعية. ذلك العرض هو الثالث الذي يقدمه الفريق مع المجلس القومي "بس عرضنا قبل كدة كتير لوحدنا.. بقالنا حوالي سنة ونص". التدريب على التمثيل لم يكن صعبًا، فالسيناريو والحوار والفكرة ليسوا معقدين "بنقعد كلنا سوا نتناقش في الشكل هيطلع إزاي"، غير أنهم استعانوا أيضًا بمدرب في فن المسرح، هو  عُمر أبو سعدة، ويتبع هيئة "كير" الدولية التي تعاون معها الفريق بأكثر من مشروع تنموي.
 
طلبت أمل صلاح، التي تقوم بدور الملكة الفرعونية، من الفتيات المُشاركة برأيهن، قالت "مين حابب يدينا رأيه في حل المشكلة دي"، خرجت طالبة بتردد، رفعت يد أحد الممثلين عن زميلته، ووضعتها على كتفها "مفروض يبقى عنده مروءة وشهامة ويحافظ عليها مش يتحرش"، ضج المسرح بالتصفيق، قبل أن تخرج فتاة أخرى وتشرح وجهة نظرها "انا شايفة إنه فيه غلط على البنات كمان مش بس الولاد"، همهمات الاعتراض خرجت من الموجودين، لترد عليها صلاح "فيه منقبات بيتعاكسوا.. الموضوع مش باللبس".

3

بين صفوف المتفرجين جلست سمية وأسماء، صديقتان لهما رأيين مختلفين فيما يتعلق بالتحرش، فالأولى سترد على الإساءة إذا ما ضايقها أحدهم في الشارع، بينما ستكتفي الثانية بإسراع خطوتها مبتعدة عن المُتحرش، بينما ترددت الطالبتان في رد فعليهما على الاعتداء الجسدي "مش عارفين هنبلغ ولا لأ لو حصل لنا كدة".
   
99%  من السيدات في مصر تعرضن للتحرش، طبقًا لدراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة، وصدرت في يونيو 2014. خرج فريق العرض بما يقدمه لمدينتين آخرتين، هما الغردقة والعين السخنة "لأن المشكلة عامة". هناك مساحة للسبعة عشر شابًا المكوّنين لـ"برة الصندوق" للتعديل على النص المسرحي كلما ازدادوا خبرة، تجربة التمثيل وأنشطة الجمعية غيّرتهم كليًا، بعضهم انضم لها منذ الصغر وآخرون منذ سنوات معدودة "عرفت إنه التحرش مش معناه واحد يلمس واحدة.. ممكن يبقى تحرش لفظي" يحكي عبد العليم عوّاد، أحد أعضاء الفريق.

4

منذ كان عمره 13 عامًا يذهب عوّاد للجمعية، شارك في الجولات الميدانية للفريق قبل أن تبدأ تجربة المسرح "الناس كانت بتقولنا إن البنات هما للي عايزين يتعاكسوا"، تلقوا تدريبًا قبل النزول على استيعاب عدم فهم الكثيرين لأبعاد مشكلة التحرش، الإقناع بالحديث كان يأتي ثماره في أحيان كثيرة، وإن لم يفعل، فالمسرح والأيام الرياضية وكورال الجمعية يقوموا بذلك.
 
حين انضم محمد إبراهيم القائم بدور الملك في العرض، للجمعية منذ سنوات، لم يتخيل أنهم سيتجهون للمسرح، استغرقوا للتدريب على أساسيات الأداء حوالي 15 يومًا "كان أستاذ عُمر بيقولنا طلعوا للي جواكوا ويعدل علينا"، حصل إبراهيم على دبلوم صناعي، ويعمل الآن بشركة للدعاية. قبل ضلوعه في التجربة التوعوية "كنت سلبي جدًا وعادي أشوف بنت بتتعاكس واقول وانا مالي"، صار الآن يدافع بشكل مستميت عن حماية المرأة، وبنفس الوقت أصبح أكثر خوفًا على والدته وإخوته "الموضوع فعلًا ظاهرة مش مجرد حالات فردية".

5

 يُنظم فريق "برة الصندوق" عقب العرض ورشة للتوعية بالفن "من خلال الصلصال والرسم.. وفي العادة الطلاب بيورونا إبداعات عظيمة جدًا" على حد قول أبو الغيط. في رأي عواطف عدلي، الأخصائية الاجتماعية، فالعنف ضد الفتيات، يبدأ من المنزل "الأب والأم مش بياخدوا بالهم من تصرفاتهم أمام ولادهم"، ما يجعلهن يتعاملن بعنف داخل المدرسة أحيانًا، دورها يكمن في الحديث معهن بروّية "السن دي صعبة جدًا ولازم يتم استيعابهم"، تعتقد عواطف أن التوعية يجب أن تتضمن بث الجرأة في نفوسهن "لو واحدة اتعرضت لعنف في أي مكان لازم تدافع عن نفسها أو تلجأ لحد"، لا توفر السيدة الأربعينية جُهدًا لتعريفهن بحقوقهن "لو وصلت إني أغني معاهم في الفصل ممكن أعمل كدة".
 
لم تتردد أمل –تقوم بدور الملكة في العرض- في الاشتراك بالمسرحية، رغم أنها مُديرة الجمعية ولا تتبع فريق التمثيل "بس في الآخر طالما الفكرة هتوصل مفيش مشكلة"، الطرق القائمة على الحديث لم تعد تُجدي كثيرًا، وعلى عكس ما قد يتوقعه البعض، فأهل منشأة ناصر الذين يتعاملون مع الجمعية، يتقبلون الأفكار الجريئة "لما بنعمل يوم رياضي للستات عشان التحرش بييجوا يسألونا اليوم الجاي إمتى؟"، كذلك مع المسرح، إذ قدموا نفس العرض داخل مقر  الجمعية عدة مرات.

6

حزينًا طلب الملك الفرعوني العودة إلى زمنه، هاربًا من قُبح العصر الحالي، أمر وزيره بإنشاء جهة تُحافظ على حقوق المرأة كي يضمن أن المشاهد التي رآها لن تتكرر، ببطء يتقدم الملك جوار ملكته، ويقرآن وصيتهما الأخيرة  بالمسرحية للجماهير المُستمعة "اعتز بشريكة حياتك وحافظ عليها.. أحس بآلامها قبل أن تتألم.. إنها امانة في يدك وقلبك.. وقد أقسمت أمام الاله الأعظم أن تكون لها أبًا وأخًا وشريكًا لحياتها".

فيديو قد يعجبك: