لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عمال الغزل والنسيج + المسؤولين = معاناة وروتين.. (تقرير)

02:35 م الأربعاء 14 يناير 2015

ارشيفية من تظاهرات عمال غزل المحلة

تقرير - نورا ممدوح وإشراق أحمد:

ست سنوات هي عمر محمد أسعد في شركة غزل ونسيج المحلة، لكن أعوامه السبعة والعشرين ارتبطت بها قبل أن يتم تسجيله كأحد عمالها، تربى على رؤية والده في مجيئه وذهابه إليها، ملابسه المتشحمة من المكن اليدوي، الساعات الطويلة التي يقضيها الأب طيلة 40 عاما، يسابق الزمن بالعمل بين ثلاث ماكينات، من أجل لحظة فرح عند استخراج منتج يحمل اسم "غزل المحلة"، عاش الشاب على تلك الأخيرة، أمل في الأفضل، خاصة بعد مشاركة والده في أقوى إضراب عام 2006، حينما باتت أسرته مع أبيه في ليالي رمضان حال جميع عمال الشركة، بعد أن ضاقوا ذرعا بتدهور أحوالهم، ومصدر رزقهم القائم على أيديهم، غير أن سنوات عمل أسعد لم يجد بها الجديد، عن وعود لا تتحقق، وحقوق تضيع بالتجاهل، ولا يأتي فتاتها إلا "بلوي الدراع"، وإعلاء كلمة واحدة "إضراب" حتى إشعار آخر.

4 إضرابات شارك بها "أسعد"، أولها 15 يوليو 2012، وآخرها اليوم، المطالب لم تتغير من حقوق أرباح الشركة التي لا ترتبط بإنتاج الشركة وليس الخسائر والمكاسب حسب قول عامل قطاع النسيج، نافيا بذلك ما يتناقله المسؤولون، وكذلك تطوير الشركة وفتح أسواق خارجية المتوقفة، "المنتج بيدخل المخازن" بحمية الخائف على مصدر الرزق يتحدث ابن المحلة، الذي ظل لسنوات يناشد للحصول على حقوق أساسية، معروفة في قانون العمل، من بدل الانتقال، فالشاب يقطع 20 كيلو يوميًا للوصول إلى الشركة عبر السيارات، فيما الدعم مخصص فقط للقطارات، وكذلك بدل الغذاء، الذي يتم خصمه في حالة تغيب العامل "يعني اليوم بالنسبة لي واقف بـ40 جنيه لو غبت لأي سبب يتخصم 105 جنيه" حسب قوله.

ومقابل المطالب التي لم تتغير من هيكلة الشركة، يأتي الرد ذاته "تجاهل العمال" كما يقول "أسعد"، ليأتي التصعيد بالإضراب سبيل كان ولا زال الخطوة المحركة للأمور الراكدة أحيانا، ويتذكر عامل غزل ونسيج المحلة العام الماضي في مثل تلك الأيام، حينما أضرب عمال الشركة بعد عدم عقد الجمعية العمومية في موعدها 31 ديسمبر، والمفترض انعقادها لإقرار الأرباح، التي تم صرفها بعد توقف العمل وبدون اجتماع الجمعية "وده مخالف للقانون" وفقا للشاب العشريني، الذي اضطر للمشاركة بالإضراب مرة أخرى مع زملائه، واضعين توقع باتخاذ ذلك الإجراء تلك المرة أيضا.

الشركة القابضة للغزل والنسيج هي المكان المخول له البث في شكوى العمال، والتي يرى مجدي طلبة عضو مجلس إدارة الشركة القابضة للغزل والنسيج أنها دائما "معذورة" في التعامل مع إضرابات العمال، المطالبة بصرف المستحقات المالية. نافيا الاتهام الموجة بالمماطلة "فالشركة تصرف من لحمها الحي" على حد وصفه، مقابل التعرض لخسائر كبيرة، في الوقت الذي تتحمل رواتب العمال، التي يقول عنها إنها تصل من 75% إلى 120% من إجمالي المبيعات، وأنهم يعتمدون على دعم الحكومة الشهري لأكثر من 70 مليون عامل.

الحديث عن الخسائر هي أساس الحوار الدائر بين العمال والشركة القابضة، ينفيه الطرف الأول ويؤكده الثاني، الذي يفتقد إلى رقم دقيق لها، إلا أنه يقر بديون الشركة التي تعدت ـ4 مليار جنيه على مدار السنوات الماضية وفقا لـ"طلبة"، ويرجع سبب هذه المديونيات أنه تم تحويل هذه الشركات في أوائل التسعينات من قطاع عام إلى قطاع أعمال فضلا عن توقف عمليات التحديث بها وكثرة أعداد العمالة دون الحاجة لها، بالإضافة إلى نقل ذوي الكفاءة إلى القطاع الخاص وغياب السياسات الواضحة.

المماطلة في إيجاد حل لمشاكل العاملين يدفع "أسعد" لمواصلة التفكير في سعي الحكومة لخصخصة الشركة، يدعمه في ذلك وجود مؤشرات كما في توصية الجهاز المركزي للمحاسبات طيلة قرابة الأعوام الأربع الماضية بغلق الشركة بزعم خسارتها، غير أن عضو "القابضة" يرفض هذه الفكرة بشكل قاطع، مؤكدا أن البديل عن ذلك هو إصلاح الشركات وتطويرها والاعتماد على إدارات متخصصة لتولى مهام الشركة وإدارتها بشكل جيد من خلال نقل جزء كبير من شركات القطاع إلى المناطق الصناعية واستثمار الأراضي التابعة لمنظومة الشركات القابضة، لكن كل ذلك يتوقف على "تحرك الحكومة" على حد تعبيره.

300 جنيه الراتب الأساسي لـ"أسعد"، يصل في وجود الحوافز إلى 1400 جنيه، يجد رب الأسرة الصغيرة المكونة من زوجة وطفلان –نورا 4 سنوات ومعاز سنة- في ذلك المبلغ عائل جيد بالنسبة له، لكن مثل كثير من عمال المحلة يتكاتفون من أجل مصلحة المنظومة العمالية للغزل والنسيج، فالضرر والإهمال يطول الجميع في النهاية.

من شرفة مبنى شركة الغزل والنسيج، بشهر إبريل العام الماضي، وقف رئيس الوزراء إبراهيم محلب خطيبًا في جمع من العمال، ملقيا وعود بضخ الاستثمارات، وعودة مكانة عامل المحلة في تلك الصناعة المهمة، تحرك "أسعد" كغيره من العمال ما بين قيادات ومن هم أصغر، لكن فوجئوا بالمنع من الأمن المكلف، واكتفى أصغر عمال قطاع النسيج كما يصف نفسه بمتابعة الأخبار عن الزيارة، فقط أعضاء "النيابة العامة"، التي يعاني معها عمال "الغزل والنسيج" هم من حضورا، لعدم تحملهم مسؤولية العمال على حد قوله، فمنذ عام 2006 لم يتغير أعضاء ذلك الكيان "المفترض أن يكون محامي العمال بالانتخاب"، لكن الفساد يطوله على حد تعبير الشاب من أجل الامتيازات.

"جابوا العمال وجملوا المكان وشالوا كل ده بعد ما مشي" يقول الشاب بغضب عن زيارة "محلب" التي لم يتحقق منها الوعود، بل على النقيض، فهذا الشهر تم رفع الدعم عن القطن، مما يعني تضرر العمال أكثر، في وقت ينقص الشركة الخامات التي تنتج بها "واللي كانت بتيجي من سوريا والهند وباكستان والسودان"، ومع إغلاق أسواق الأول، وتعذر البلاد الأخرى لقلائل بين البلدين كما في السودان، أو للمنافسة كما في الهند "واللي يوم ما تدعمنا هتبعت لنا أردأ أنواع القطن" على حد قول "أسعد"، الذي يتحسر على أيام مرت على والده، رغم معاناتها في إهدار الحقوق أيضا "لكن كان غزل ونسيج المحلة لها اسم.. العامل يمشي ببدلته فخور"، وهو ما لا يحدث الوقت الراهن.

قبل أسبوعين فقط ظهرت بوادر وعود "محلب" في زيارته، إذ تم تشكيل لجنة من الوزراء المعنيين والخبراء، للنهوض بصناعة الغزل والنسيج على حد قول "طلبة"، وكانت بداية المشكلات التي تم عرضها هي إصلاح منظومة القطن ومن ثم تطوير الصناعة في مصر ومقارنتها بالصناعة العالمية، ولكن هذا لم يخرج عن كونه قرار لم يطبق على أرض الواقع.

عجز يراه عامل قطاع النسيج داخل الشركة، تمثل في نقص عدد العمال عن قوة المكان، من 40 ألف سعة المكان إلى 16 ألف "بعض القطاعات كانت بتقوم بورديتين دلوقتي وردية واحدة وتوزع العمال على قطاع تاني محتاج" حسب قوله.

ذلك العجز الذي يراه العامل الشاب، في نظر عضو مجلس إدارة "القابضة" للغزل والنسيج هو قوة زائدة عن الحاجة لعدم توافر الأموال التي تسد رواتب هذه العمالة، مشيرا إلى أن العمالة المنتظمة المتواجدة حاليا في الشركة تقترب أعمارهم إلى سن المعاش، قائلا "نحتاج لتجديد الدم وإدخال عمالة جديدة بعد خروج عدد من المتواجدين بالشركة على المعاش فضلا عن تحديث الميكنة التي يتم العمل عليها"، في الوقت الذي يوضح أحد المسؤولين عن مشكلات عمال الغزل والنسيج أهمية الصناعة المعتمد عليها قرابة 7 مليون عامل، فالشركة القابضة تضم 60 الف عامل فقط أما قطاع الغزل والنسيج يضم مليون و200 الف عامل مباشر، ومليون عامل غير مباشر، بالإضافة إلى 3 مليون عامل بزراعة القطن.

معاناة عمال الغزل والنسيج لا تنتهي، في ظل توافر جميع الموارد من وقود ومعدات حديثة من شأنها الضخ باقتصاد البلاد، والمساهمة في القضاء على البطالة "ممكن نشغل العمالة الموجودة في الغربية كلها"، لكن مع استمرار انتهاج السياسة ذاتها، ونقل معلومات غير صحيحة بشأن خسائر الشركة وأن العمال يضربون فقط من أجل الأموال حسب "أسعد"، بات وصف العمال لمهنتهم أنها "صناعة الفقراء".

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان