إعلان

الفلاح المصري جذر الأرض ''بروفايل''

06:27 م الثلاثاء 09 سبتمبر 2014

الفلاح المصري

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

يستند بظهره للشجرة العظيمة التي غرسها جده، وتوسطت الأرض التي توارثتها الأجيال، لتصل إليه هو، الأرض التي لم يكن الحفاظ عليها سهلًا، لكنه كان قد تعلم من آبائه معنى الأرض، امتلاك جذر يصل لأولاد أولادك ويجعل لهم أصل يعودون إليه،  تضع زوجته بجانبه كوب الشاي الذي تعوّد على احتسائه في وقت العصرية، يعرف كيف وقفت بجواره زوجته في أحلك الأوقات التي مرت به، كما ساندت أمه أبيه، الأوقات السوداء التي هيمنت فيها أذرع الدولة لتخطف مجهوده، إلا أنه في كل مرة يقع فيها، ينتصب مرة أخرى ليقاوم ويسترد حقه.

يرمي بنظره على سنابل القمح الذهبية، يعلم كيف يبتهج لمرأى المحصول وهو يكبر يومًا بعد يوم، المجهود الذي يبذله مع العمال القلائل الذين تحمّلوا الأيام المرة التي مرت عليهم، من ارتفاع أسعار السماد وبيعه في السوق السوداء، إلى الديون المتراكمة عليه، وشح مياه الري التي لا تصل أحيانًا.

يتذكر حماسة جده ولمعان عينيه وهو يتحدث عن الأيام الذهبية بعهد عبد الناصر، وكيف أعاد إليهم مكانتهم، مكانتهم التي فقدوها مع نظام الأرستقراطيين المستحوذين على الأرض، وضياع عرقهم الذي بذلوه في الزراعة، أفدنه قليلة تملكها جده بعد قانون الإصلاح الزراعي، لتصبح المملكة وهو الملك الذي استوى على العرش، ليورث جده لأبيه ثم له حب الأرض التي يجري في الأوردة.

تبهت الذكريات وهو يسترجع بذهنه الأيام التي  خبا فيها اللمعان بعيني جده، بعهد السادات، حينما صدر قانون رفع الحراسة عن الأراضي في 1974، الأراضي التي كانت مملوكة للباشوات قبل ثورة 1952، ورُفعت عنها الحراسة وترجع ملكيتها لهم، لم تكن سياسات السادات مناصرة للفلاحين، في ذلك الوقت ومع بداية الثمانينات، مات الجد، اعتقد وقتها الحفيد أن جده مات مغمومًا على حال الأرض.

يأتي والده خلفًا لجده في حراسة الأرض بيديه وأسنانه، لكن الحال لم يكن بأفضل منه في عهد مبارك، كان في المرحلة الثانوية حينما سمع من والده عن صدور قانون الإيجارات الزراعية الجديد عام 1992، والمذبحة التي جعلت كثير من الفلاحين مطرودين من جنتهم، فالقانون ألقى بالكثير من المستأجرين، إلا أنهم نجوا من ذلك الطوفان.

توفي والده ويكمل هو مسيرة الحفاظ على الأرض، تعاقبت الأيام، والتي تزيد سودًا مع مرورها لا العكس، لتصبح ذكريات الجد عن أيام عبد الناصر مجرد ذكريات لن تعود، وتأتي الثورة، أمِل وقتها أن تنزاح الغمة قليلًا، يتولى المجلس العسكري إدارة البلاد، وفي عيده يدعون الفلاحون للاحتفالات بإستاد القاهرة، ذهب الكثير من جيرانه إلى هناك، أما هو فذهب بأسرته إلى أرض الثورة، ميدان التحرير، وجد أنه لم يكن الوحيد هناك، الجلابيات هي السائدة اليوم، يفرح لمرآهم، صوتهم الذي علا بالميدان منادين بحقوقهم، اكتشف يومها أن صوته قوي، يعلم حقوقه جيدًا، ولن تُفلح التصريحات الفارغة عن تحييده من الحفاظ على أرضه.

ذلك اليوم بالميدان والذي أصبح ذكرى أيضًا علّمه أن للفلاحين صوت، متشرذمين ربما، حتى النقابة التي تنادي باسمهم، لا تملك سوى بعض التصريحات هنا وهناك، لكنه أيقن أنه سيأتي اليوم التي يعلم فيها الجميع أن الأصل فيهم الفلاح، والثمرة التي يبذل فيها عرقه، تعلو الابتسامة محياه، تنغزه يد على كتفه، يفيق من ذكرياته على صوت زوجته قائلة : ''الشاي برد''.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان