لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

عم حسن.. عن الفقر والإعاقة والبلدية وحلم تعليم الأطفال

02:16 م الثلاثاء 16 ديسمبر 2014

عم حسن

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- نيرة الشريف:

بجوار إحدى محطات مترو الأنفاق استقرت عربة صغيرة، كانت فيما سبق عربة فيشار متجولة ولكنها الآن تؤدي مهام أخرى، فقد أستخدمها صاحبها لكي تصبح كشك صغير يعرض فيه بعض السلع مثل علب السجائر وحلويات الأطفال، وبجوار عكاز متهالك وقف صاحب العربة الصغيرة، كان عكازه يستقر في يده اليمني؛ يعيقه عن عمله كثيرا.

حسن زكي تجاوز عمره الخامسة والخمسين عاما، كان منذ خمسة أعوام فقط يعمل في السكة الحديد ساعيا، وكان أساسي راتبه وقتها لا يتجاوز الثلاثمائة جنيها، وفي المقابل مطلوب منه الإنفاق علي بيت مكون من ثلاثة أطفال وأمهم، في عزبة النخل استقر حسن وأسرته في شقة إيجارها نحو 150 جنيها، بالإضافة إلي مبلغ خمسون جنيها يقوم بدفعها بشكل شهري في ''طرنشات المياه''، حيث لا يوجد صرف صحي فيلجأ الجيران للاشتراك مع بعضهم وعمل طرنشات للصرف، بخلاف فواتير الماء والكهرباء وتوفير الطعام وثمن مجموعات التقوية التي يأخذها الأولاد في المدرسة ''وكمان نلبس ونتعالج إذا مرض أحدنا، وكل هذا من المفترض أن أوفيه من مرتب الحكومة'' على حد تعبيره.

يصمت عم حسن ويضحك جراء تلك الحسبة المستحيلة التي أجراها لتوه، ليكمل حديثه قائلا ''فكرت أعمل أي عمل إضافي لكي أغطي نفقات البيت، لكن كان هذا الأمر صعب للغاية في ظل إعاقتي فأنا مصاب في إحدى قدماي بشلل الأطفال وهو ما يقلل من فرصتي في الحصول علي أي عمل إضافي، فقررت شراء عربة صغيرة وأتجول بها لأبيع أي شيء، ترمس أو فيشار أو أي شيء، أعلم أن المبلغ الذي سأحصل عليه من هذه الأشياء يكاد يكون ملاليم، استقر تفكيري علي عربة الفيشار، اقترضت بعض الأموال من الجيران، وبدأت أعمل صباحا في عملي في السكة الحديد ومساءا علي عربة الفيشار لأعود إلي البيت في العاشرة أو الحادية عشر مساءا ثم أغادره إلي عملي في السابعة صباحا.''

كان يصل لبيته وأطفاله نيام ويغادره وهم كذلك، وكل راحته تمثلت في أنه قادر على تلبية احتياجاتهم ورغم كل الإرهاق الذي كان يسببه العمل إلا أن إرهاق العمل، في نظره، كان أفضل كثيرا من ذل الحاجة.

''وظللت أعمل هكذا إلى أن تمكنت من سداد ديوني وأصبحت عربة الفيشار ملكي ودخلها أصبح كله للبيت.'' لم يهنأ حسن بهذا الحال عدة أشهر، حيث انفجرت أنبوبة الجاز بالعربة، مسببة له إعاقة أخري، فقط إثر الحادث ثلاثة أصابع من يده.

أضاف قائلا ''بعد الحادث لم أتمكن من الاستمرار في عملي الأساسي بالسكة الحديد، لأنني لم أعد قادرا علي استخدام يدي، فرحلت عن الهيئة بالقليل من الأموال التي جمعها لي موظفي الهيئة كمساعدة لي بعد علمهم بالحادث، ولم يقتصر الأمر علي تركي للعمل بل عربة الفيشار أيضا أصبحت غير قادر على العمل عليها بعد بتر أصابعي وغير مؤهل نفسيا للوقوف عليها مرة أخري بعد الحادث.''

لم تنتهِ معاناة عم حسن لأجل الرزق عند هذا الحد، ففكر في سبيل أخر يرتزق منه، حيث أشار عليه بعض جيرانه أن يستقر بعربة الفيشار في مكان مأهول بالناس ويحولها لكشك صغير يعرض الحلوى وعلب السجائر، وافق على الفكرة، وأخذ الأموال التي جمعها له الموظفين قبل خروجه من الهيئة واشترى بها هذه الأشياء التي يتاجر بها واستقر بجوار محطة المترو.

لم تقف المعاناة عند هذا الحد بل بدأت مضايقات رجال البلدية ''اللي مطلعين عينينا''-على حد قوله- بعد وقوفه في هذا المكان، فهم يريدونه أن يرحل، وهو لا يجد مكانا أخر، ولا يجد فرصة عمل أخري تكفيه وأولاده الذين ما زالوا في مراحل تعليمهم الأولي شر الحاجة والتسول، فقد ناشد المأمور انه معاق بقدمه ويده ليرد الأول قائلًا ''عقبال إيدك التانية ورجلك التانية''، حسبما قال حسن.

ينهي عم حسن كلامه قائلا ''كل ما أتمناه أن أحصل علي ترخيصات لأفتح كشك صغير أضع به أشيائي تلك وأتخلص من الإهانات والتهديدات بتكسير العربة والقلوب القاسية التي لا ترحم حتى العاجزين.''

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: