صورة المنتحر في الإعلام "خبطة صحفية".. وأستاذ إعلام :"أخلاق الصحافة في ثلاجة"
كتبت-رنا الجميعي:
يحتمل أن تضيق الحياة بالبشر، أيا كانت الأسباب، إلا أن مع ضيق جنبات عالمهم الصغير من حولهم، حتى أصبحت دوائرهم أشبه بثقب إبرة، فلم ير البعض حل سوى إنهاء حياتهم والابتعاد عن مشاكلهم بأسرها، كما ارتحلوا بعيدًا عن أحبائهم.
زادت حالات الانتحار مؤخرًا، وازدياد اهتمام وسائل الإعلام بها، ومع ذلك الاهتمام المتصاعد تحوّل ذلك الاكتراث إلى سبق صحفي مصحوب بكلمة "بالصور"، وانتشرت صور متعددة لأشخاص مشنوقين بالحبال، كان من أشهرها الشاب الذي تدلى أسفل لوحة إعلانات على طريق إسماعيلية الصحراوي في سبتمبر الماضي، كما تنافست وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي على نشر صورة الرجل الذي شنق نفسه بمدينة العاشر من رمضان بالشرقية منذ يومين.
تلك اللامبالاة التي اتسمت بها وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في نشر صورة المنتحر، وانتقال تلك الحالة إلى رواد الفيس بوك ومشاركة الصورة فيما بينهم هي حالة يتحدث عنها دكتور "جمال أبو شنب"، أستاذ علم الاجتماع السياسي، فتكرار نشر تلك الصور يزيد من نسب الانتحار، كما أنه يجب مراعاة أن لهذا الشخص الذي قرر إنهاء حياته أسرة بحالة سيئة، وعلى الصحفي أن يراجع نفسه في نشرها، ويرى أنه من الضروري لجوء الصحفي إلى متخصص لمعرفة رأيه المهني بدلًا من نشر معلومات مغلوطة، ووصف "أبو شنب" تكرار نشر الصور بين وسائل الإعلام هي محاكاة بالتقليد.
وأوضح أبو شنب أن حالات الانتحار لها سببين بين الفردي والاجتماعي، فالاجتماعي يندرج ضمنه فقدان الأمل، وأنه في بعض الحالات هناك ما يسمى بالانتحار الأنومي، حينما ينضم الشخص لجماعة ما ويفقد الأمل تبعًا لتلك المجموعة، يُمكن أن تؤثر به سلبًا حتى الانتحار، أما الفردي فيفسره مدى تكامل الشخص، وضعف الشخصية يؤدي إلى أمراض نفسية تجعله غير قادر على التكيف.
يعلق دكتور "محمود خليل"، رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام، أنه أخلاقيًا لا يجوز نشر صورة المُتوّفى، أيا كانت الطريقة التي مات بها، فحرمة الميت تحول دون ذلك، وتكرار نشر صورة المنتحر هي إشكالية وقعت بها وسائل الإعلام مع انتشار وسائل الاتصال الاجتماعي "الكل يقع في المطب الأخلاقي"، ومع أهمية نشر صور بعض الأشخاص المتوفين أحيانًا يشترط "خليل" أنه بقدر المستطاع لا نظهر الكثير من شكل الشخص "نداري الوش".
يذكر "خليل" أن في التسعينيات نشرت إحدى الصحف الأسبوعية صورة للرئيس الأسبق "أنور السادات" في حادث الاغتيال، وعلى إثر ذلك تدخل المجلس الأعلى للصحافة، وتم منع تداول تلك الصورة، يُكمل أستاذ الصحافة أن تلك كانت صورة الرئيس لكن المواطن العادي يهان حيًا وميتًا، وأنهى كلامه بأن "الأخلاق الإعلامية في التلاجة".
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: