إعلان

بالصور.. فى مستشفى ''العباسية'' التشخيص ''مجنون''.. والحل ''حقنة''

12:26 م الجمعة 06 سبتمبر 2013

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب - محمد منصور:

إلى المجهول تنظر السيدة التى أبلاها الحزن على شقيقها الوحيد، مقيد اليدين والقدمين ويهذى بكلام غير مفهوم، '' أنا عايز شيبسى.. هاتولى أشرب... جوزونى'' جملة تلازم ضحكاته، والتي لا تنسجم مع الدموع التى تذرفها عليه شقيقته، بجانب البوابة الحديدية الضخمة، والتي يقف عليها أفراد من الأمن بزيهم المميز أزرق اللون، وتحت شعار ''مستشفى العباسية للأمراض النفسية والعصبية''  تسند ''زينب'' ظهرها المتعب، منتظره دور شقيقها  فى الكشف، علها تجد الدواء والشفاء.

''العياط'' هناك تسكن السيدة، سنوات مرت لم يتغير فيها حال شقيقها الأصغر ''كان عنده 19 سنه لما جاله اللطف أول مره'' تقول زينب بعينين كاد البكاء أن يذهب نورهما، يتردد ''محمود'' على المستشفى منذ أعوام طويلة ''بيدولوه الحقنة الشهرية، بس حالته بدأت تسوء''، منذ أكثر من 3 أشهر حاول الشاب التحرش بزوجة أخيه، مما دفع شقيقه إلى طرده خارج المنزل ''رغم أنه تعبان'' تقول السيدة بحسرة، صرخاتها لم تشفع لها عند شقيقها، رفض دخوله إلى المنزل مرة أخرى، احتضنته شقيقته الكبرى فى منزلها، عدة أيام مرت على حادثة التحرش وبدأ الشاب فى تحطيم أثاث المنزل ''مقدرتش عليه، كان هيموتنى ويموت نفسه'' استعانت بالجيران، قيدوه واقتادوه إلى المستشفى ''قطعت تذكرة بجنيه وانتظرت الدور'' بعد مرور ساعتين دخلت إلى عيادة الطبيب الذى بادرها بقوله ''هنديله حقنة ويروح معاكى، والشهر الجاى هاتيه هندخله عشان مفيش دلوقتى مكان''.

المادة 13 من قانون الصحة النفسية الصادر فى العام 2009 تنص على ''لا يجوز إدخال أى شخص إلزاميا للعلاج بإحدى منشآت الصحة النفسية إلا بموافقة طبيب متخصص فى الطب النفسي، وذلك عند وجود علامات واضحة تدل على وجود مرض نفسى شديد يتطلب علاجه دخول إحدى منشآت الصحة النفسية وذلك فى حالتين، الأولى: قيام احتمال تدهور وشيك للحالة النفسية، الثانية :إذا كانت أعراض المرض النفسي تمثل تهديداً جدياً ووشيكا لسلامة أو صحة أو حياة المريض أو سلامة وصحة وحياة الأخرين'' الأمر الذى يتطابق مع حالة محمود، حسب زينب التى تعمل مدرسة وتعلم كامل حقوقها ''بس ممكن يكون الدكتور له رأى تانى'' هكذا قالت لنفسها قبل أن تستدعى أحد الممرضين، وتطلب منه المساعدة فى حمل أخيها ووضعه فى السيارة بعد أن سرى مفعول العقار المخدر فى جسده.

بعد مرور ثلاث أسابيع، بدأ الشاب يستفيق من أثر الحقنة، حاول إشعال النار فى نفسه، استعانت بالجيران مرة أخرى، قيدوه وتبرع أحدهم بتوصيله إلى ''العباسية''، قرر الطبيب إعطائه نفس العقار، ثارت زينب ''ده هيموتنى ويموت نفسه'' قالتها للطبيب بعصبية فطمأنها الرجل ''هاتيه كمان شهر وإن شاء الله نكون لاقينا مكان''.

1400 سرير هى الطاقة الاستيعابية للمستشفى، الذى بُنى فى العام 1883 على مساحة تقدر بـ68 فداناً، 60% من الآسرة بالنظام المجاني والباقي ''استثماري'' بمبلغ لا يزيد عن 600 جنيه شهرياً للدرجة الأولى، حسب الدكتور مصطفى حسين، مدير عام المستشفى العريق، الذى يؤكد أن المستشفى يواجه مشكلة ضخمة ''عندنا مرضى محجوزين من الستينات والسبعينات ورغم تحسن حالتهم مش عارفين نخرجهم، ذويهم رموهم فى المستشفى وهربوا''، أكثر من نصف عدد الآسرة مشغولين بمرضى تعافوا بالفعل ولا مجال لدخول مرضى جدد ''بيتردد على المستشفى فى حدود 400 مريض فى اليوم بنحجز منهم حوالى 15''، ويشير الطبيب أن القانون يُجيز للأطباء حجز المرضى إلزاميا فى حالة وجود خطورة على المجتمع أو على ذويهم أو على أنفسهم ''بس ده راجع لتقدير الطبيب النفسي ولجنة التقييم مش الأهل''.

عادت ''زينب'' مرة أخرى إلى المستشفى، بعد زوال مفعول الحقنة الثانية، قام أحد الأطباء بفحص شقيقها وأعطاه الحقنة الثالثة ودعاها للعودة مرة أخرى بعد مرور شهر، فربما يجد له مكاناً، هكذا قال لها ''بس ده مش علاج، ده مخدر عشان يهد حيله'' تؤكد السيدة التي تتسأل عن أسلوب العلاج النفسي ''المفروض يعالجوه بالصدمات الكهربائية عشان يخف، ده المفروض يتحجز فى العنابر، انا مش ذنبي أن مفيش مكان''.

ثقافة المجتمع التي ترفض الاندماج مع المريض النفسي، ونبذ الأهل والأقارب له بعد العلاج، والهجوم الإعلامي على المرضى النفسيين هي الأسباب التي يُعول عليها مدير المستشفى امتلاء السعة، فى الخارج، وحسب مصطفى، يتم علاج المريض النفسي فى المجتمع ولا يتم حجزه داخل الجدران، ويشير مصطفى إلى صعوبة حجز كل المرضى الوافدين إلى المستشفى “رغم أن أحنا عندنا 18 مستشفى صحة نفسية في الجمهورية إلا أنهم ممتلئين، لازم الأهل يتعلموا يدمجوا ولادهم فى المجتمع، مش يجيبوا المريض عشان يتخلصوا منه'' يؤكد الطبيب أن المرض النفسي ''عادى ويمكن الشفاء منه'' ويعلل قوائم الانتظار الطويلة بقوله ''مفيش سراير، الحل في تغيير منظومة العلاج'' مشيراً إلى أن ''المريض الخطير يتم توفير سرير له بأي وسيلة''.

في الخارج وبالقرب من البوابة الحديدية، يقف المئات فى انتظار الدور، بعضهم يقنع بـ''العلاج من الخارج'' والأخرين يأملون في ''الحجز'' وجميعهم يتشاركون فى النظرات والهمسات، منتظرين المعجزة التي تتمثل فى شفاء ذويهم والتي لا يقدر عليها سوى الله.

الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان