لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

من المدينة الرمادية.. صحفيو "حلب" يروون أحداث القصف والموت

05:37 م الإثنين 02 مايو 2016

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت ـ هاجر حسني:

تصوير ـ عمر العرب:

الطرقات خاوية على عروشها، إلا من بقايا المنازل المتهدمة ودوي القصف، مدينة رمادية وكأنها هُجرت منذ آلاف السنين، بقايا دماء تختلط برماد الأطلال، ووجوه عابسة لا تعرف طريق الابتسام، فخلال أيام قليلة تحولت حلب إلى ساحة حرب تفوح منها رائحة الموت.

undefined

"الوضع كارثي والمجازر اللي بيرتكبها النظام بتصير بشكل يومي" بهذا الكلام بدأ عمر العرب، صحفي من حلب، حديثه عما يحدث يوميًا في المدينة؛ فيقول "المدينة أصبحت منكوبة بشكل كامل، والطائرات تستهدف المدنيين العُزل وليس الإرهابيين كما يروج الإعلام.. الطائرات تستخدم القنابل العنقودية التي تستهدف المباني السكنية؛ فتحدث دمار بالبنية التحتية، وما يروجه الإعلام عن استهداف مناطق بها عناصر من جبهة النصرة هو كاذب".

undefined

الاستهداف لم يقتصر فقط على المباني السكنية -كما يوضح الصحفي العشريني- ولكنه امتد ليستهدف منشآت حيوية. "القصف يستهدف أيضًا المراكز الحيوية، كالمشافي ومناطق الرعاية الطبية مثل مشفى القدس وغيره، ولدي إحصائية كاملة بجميع المراكز التي تم استهدافها في حلب" يقول العرب.

وبالرغم من وجود مشككين في امتلاك النظام لطائرات، إلا أن عمر -من خلال رصده كصحفي- يرى عكس ذلك "النظام هو من يمتلك الطائرات الحربية، وهو من يستهدف الثوار في المقدمة، بالإضافة إلى الحليف الروسي الذي بدأ هو الآخر بارتكاب مجازر، وهناك توثيقات بالصوت والصورة للطائرات وهي تقوم باستهداف المناطق السكنية وأطفال ونساء".

undefined

الوضع الإنساني في حلب أصبح صعب؛ فتكرار القصف وفقدان الأهالي لذويهم ترك في النفوس رعب وألم. "الناس في تخوف شديد، بنشوف شوارع حلب فاضية والوضع الإنساني سئ"، العائلات ترتقب أثناء القصف مصيرها المجهول، ومن يتعرض منزله للهدم يُصبح في مواجهة حلول ليست الأفضل على الإطلاق.

"مصير العائلات هو القتل أو التشريد؛ فالبناية التي يتم استهدافها بتصير على الأرض وبيضطر هاد المدني، إنه يلتجأ لبيت قريب منه، رغم حالته المادية الصعبة، أو بيستأجر غرفة في منزل قريب حتى ولو كانت صغيرة"، وعلى الرغم من ذلك يقول العرب، إن الأهالي يصرون على البقاء في مدينتهم ولا يفكروا في مغادرتها: "الأهالي ما بيفكروا في النزوح، بل العكس، فهم مصرون على التواجد في المدينة، وما يحققوا غاية النظام بإنه يفضي المدينة من السكان". 

undefined

حلب أصبحت شبه مغلقة، فهناك طريق وحيد يصل لها "الكاستيلو" كما أنها تفتقد للمساعدات من أي دولة أو جهة خارجية: "هناك طريق وحيد لمدينة حلب، والطعام يصل من الحدود السورية التركية ولكنه بيكون كتير غالي، كما أنه لا يوجد مساعدات من أي جهة أو دولة، ولكن المساعدات تكون من العمل التطوعي من شباب حلب، فيساعدوا في إجلاء المدنيين، وإنقاذهم دون رواتب، كما أنهم يفتقدوا الآليات التي تساعدهم في ذلك بسبب القصف المتكرر، بالإضافة إلى أن المساحة الجغرافية الكبيرة للمدينة، ووضع المستشفيات الصعب والمستوصفات يزيد من صعوبة الأمر"، يقول العرب.

ما يتعرض له الصحفي يختلف عن الأشخاص العاديين، فهو يرى يوميًا مئات الجثث والمواقف الصعبة بطبيعة عمله التي تتطلب تواجده في أماكن الأحداث؛ مما يعرضه للخطر، يروي "بشكل يومي بتعرض لمواقف صعبة لأني بصور قصص حية، في أحد المرات كنت قريب جدًا من منطقة القصف، فجريت لاحتمي بمدخل بناية وهو ما أنقذ حياتي، كما إني كتير بشوف الأطفال بعد ما بيطلعوا من تحت الأنقاض وكيف بيقولوا بدي أمي بدي أخوي، وبنشوف كمان رجال كبار بالعمر ونساء كيف بيبكوا أولادهم وأخوتهم"، وبالرغم من صعوبة الأمر إلا أنه يكون دافعًا لبقاءه في مدينته: "أنا كصحفي مستمر بعملي وتوصيل رسالتي وهدفي الإنساني مع الناس اللي هم أكثر حدا متضرر من القصف والموت، وياللي بشوفه كل يوم مع صغر سني مستمر، وما راح أترك حلب يلي هي أخطر مدينة بالعالم؛ لأنها بحاجة لولادها".

undefined

التنبؤ بما سيحدث لاحقًا ليس بالأمر السهل، ولكن عمر بصفته صحفي، يرى أن الأوضاع ستتأزم إذا استمرت على هذا المنوال "إذا استمر النظام في ما يفعله من مجازر بتصير المدينة مدينة أشباح بالكامل وووضع المدنيين راح يتأزم وعدد الشهداء راح يزيد، يميا لدينا أكثر من 120 شهيد أغليهم من الأطفال والنساء، وبتوقع إنه بنضل ما نسمع صوت للمجتمع الدولي".

ما رواه عمر العرب، لم يختلف عن رواية زُهير الشمالي، صحفي من حلب أيضًا، والذي كان متابعًا للأحداث منذ بدايتها، "الأحداث بدأت بالتصعيد منذ الشهر الماضي، وتحديدًا في 21 منه، حيث بدأت في فترة سابقة من بدء المباحثات الدولية حول الثورة ـ ما يسمونها الأزمة ـ السورية لبحث سبل الحل، فيما بين وفدي المعارضة والنظام، ولكن ما إن غادر الوفد الذي يمثل الثورة والثوار على الأرض ورفضهم استكمال الحوار؛ نظرًا لموقف النظام المتعنت الرافض لأي حوار حول مصير بشار، حينها بدأت القوات الروسية بالتنسيق مع حليفها على الأرض –بشار- للبدء في حملته الشعواء على المدينة التي تستمر حتى تاريخه"، يقول زهير.

undefined

ويرى الشمالي، أن كل ما يحدث في سبيل إعادة الوفد السوري لطاولة المفاوضات، وتمهيدًا -ربما في وقت لاحق- لإملاء الأوامر والإذعان لتحييد الشق السياسي من الساحة الثورية، والتفرغ للشق العسكري لإقصاء ما يريدون القضاء عليه، "ما يحدث هو ورقة ضغط على القوى السياسية للثورة السورية من جانب النظام وحلفاؤه، لدرجة أن تهون عليهم الدماء، وعلى حساب المدنيين، من تدمير منازل وسفك دماء".

"لا أحد يعلم جدوى الحوار السياسي والغاية المرجوة منه، لعدم وجود مرونة في موقف وفد النظام"، يقول زهير، وفي وجهة نظرة فإن النتائج المترتبة عليه لن ترضي الثوار على الأرض، ولن تكون في مصلحته على المدى البعيد، إلا في حال حدوث تغير في موقف النظام، وهو ما يراه مستحيلًا، فحينها سيحصل تغير في المسار السياسي والمضي في العملية السياسية، حسب قوله.

التشكيك في صحة ما يُنشر من صور لما يحدث في سوريا، أمر تعجب منه الصحفي العشريني فيقول "فلنقل أنه لا يوجد طائرات، وأن كلامي كذب، يثبته العكس، ألا وهي الفيديوهات التي تنشرها يوميًا على مواقع التواصل الاجتماعي للطائرات السورية، التي تقوم بقصف المناطق المدنية"، ويتايع "إن كان من الممكن أن يتم تعديل وفبركة الصور على برامج التعديل، فإن ضخامة حجم و كمية المواد التي تنشر يوميًا تحول دون ذلك"، و نفس الشئ بالنسبة للفيديو، من غير الممكن أن تعدل كمية هائلة من قاعدة البيانات، التي لو نظرنا إليها لوهلة واحدة لعرفنا أنها حقيقية ولا مجال للشك فيها ولو بنسبة واحد في المئة".

يرفض الشمالي ما يتم تداوله عن استهداف جبهة النصرة، ويؤكد أن المستهدف هو المناطق السكنية فقط .. "جبهة النصرة موجود في المدينة والكل يعرف ذلك ولا أحد ينكره، لكن نظرًا للقصف الذي نشهده يوميًا وأتابعه بأماكنه في كل مرة، أؤكد أن المستهدف هي المناطق السكنية لا أكثر أو أقل".

"المساعدات التي تصل إلى المدينة من الحدود، هي قادمة من منظمات إغاثية فقط سواء عربية أم أجنبية، الدول كلها تكتفي بالصمت، ولم تصرح بتقديم دعم رسمي من قبلها عدا قليل من الدول"، يقول الشمالي عن الدعم الموجه لحلب، ويشير إلى أنه بعد قصف مشفى وأربع نقاط طبية في المدينة، لم يتبق سوى مشفيين مأهولين نوعًا ما لاستقبال المرضى والمصابين، رغم النقص في المعدات المتطورة، و تحطم الأجهزة الحديثة وخروجها عن الخدمة في مشفى القدس المنكوب، بالإضافة لعدد من النقاط الطبية الموجودة في المدينة كنقاط إسعاف أولية، بالإضافة إلى نقص كبير في الأدوية الخاصة بعلاج أمراض القلب والكلى، والأمراض المزمنة بشكل عام، بحسب الصحفي الشاب.

undefined

وعن أوضاع الأهالي، يقول الشمالي، إن العديد منها خرج إلى أحياء أخرى في المدينة؛ ليعود ويستقر من جديد كنوع من النزوح الداخلي، والقليل منهم خرج إلى خارج المدينة، "أصبح الجميع يعلم أن طريق الكاستيلو الذي يعد الطريق الوحيد الذي يصل المدينة بالريف، يعمل حتى الآن، والناس تخرج وتعود إلى المدينة، كل ذلك رغم رصد الطريق من قبل الأكراد واستهدافهم للطريق بين الحين ولآخر لسيارات النقل المدنية".

undefined

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج