انقسام الإخوان يخرج للعلن.. وخبراء: اختبار ورسالة للنظام
كتبت- إيمان محمود:
في تطور جديد لانقسام جماعة الإخوان المسلمين التي صنفتها الحكومة كجماعة إرهابية، أعلنت اللجنة الإدارية العليا بها -التي تسيطر عليها "جبهة الشباب"- تشكيل مجلس شورى عام جديد منتخب، لكن الجبهة التي تقودها القيادات التاريخية رفضت المجلس الجديد.
وباتت جماعة الإخوان المسلمين منقسمة إلى فصيلين، الأول يسيطر عليه الشباب وأبرز قادته محمد كمال الذي قتل على يد قوات الأمن في أكتوبر الماضي، ومحمد منتصر المُتحدث باسم الجماعة، أما الفريق الثاني فهو ما سمي بـ"الحرس القديم" أو تيار الشيوخ، بقيادة إبراهيم منير، أمين التنظيم الدولي، ومحمود حسين، الأمين العام للجماعة، ومحمود عزت، القائم بأعمال المرشد بالجماعة كل منهما له مكتب إداري وقنواته الإعلامية الخاصة، ويسعى كل طرف في مساره غير معترف بالفصيل الآخر.
وأصدر محمد منتصر، بيانًا قال فيه إن اجتماعا عقد لمجلس الشورى العام، في القاهرة أمس الاثنين، نشر على إحدى صفحات الجماعة وأعلن "مجلس الشورى العام قرر بأغلبية الأصوات فصل المؤسسات الرقابية والتشريعية بالجماعة عن المؤسسات التنفيذية، كخطوة أولى في طريق تصحيح البناء وتدعيم مؤسسية العمل، وما يترتب عليه من الفصل في تولي الإخوان العاملين للمسؤوليات في المجالس الرقابية المتمثلة في المجالس الشورية، وبين تولي المسؤوليات في مهام تنفيذية بالجماعة".
في المقابل أعلنت جماعة الإخوان بقيادة محمود عزت ومحمود حسين وإبراهيم منير، على لسان متحدثها طلعت فهمي، "إنه لا صحة للأخبار التي يتم تداولها عن انعقاد مجلس الشورى العام للجماعة بالقاهرة".
وعن تضارب البيانات والتصريحات، يقول إسلام الكتتاني، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، أن تلك البيانات تكشف الصراع القائم بين الجناحين وحالة الشد والجذب بينهما، كما يؤكد أن كل جناح يريد نفي الآخر.
على العكس من الكتتاني، لا يرى أستاذ العلوم السياسية طارق فهمي، أزمة بين التيارين داخل الجماعة، قائلًا "اعتقد أنه ليس خلاف حقيقي وجوهري بين أعضاء الجماعة، بل أنه فقط خلاف على توزيع الأدوار بين تياري الجماعة".
وأزيح محمد مرسي الرئيس الأسبق المحسوب على جماعة الإخوان عن الحكم إثر موجة احتجاجات كبيرة في 30 يونيو 2013، وصنفت الحكومة الجماعة بعد ذلك جماعة إرهابية، وألقى القبض على كثير من قيادات وأعضاء الجماعة وحصلوا على أحكام قضائية.
وأعلن بيان محمد منتصر، "احتفاظ الدكتور محمد بديع بموقعه كمرشد عام لجماعة الإخوان المسلمين، وكذلك احتفاظ كل أعضاء مكتب الإرشاد المعتقلين بمواقعهم حتى خروجهم من السجن وإسقاط الانقلاب"، وانتخاب رئيس للمجلس، ووكيل، وأمين، وأمين مساعد، وأمين للصندوق، لتتشكل بهم هيئة مكتب الشورى العام.
وعن ذلك قال طارق فهمي، إن قرار الجماعة بفصل مجلس شورى الإخوان عن مكتب الإرشاد "كلام فارغ"، موضحًا أن الذي يقرر صنع السياسات العامة داخل الجماعة هو مجلس الشورى، وهو عدد كبير ولا يجتمع بالصورة الذي أشار إليها البيان.
بينما يرى الكتتاني أن الكفة لن ترجح لأحد الجناحين حتى تتحرك الأغلبية الصامتة داخل الجماعة، بعد أن تنتهي المحاكمات وتحسم مسألة المصالحة.
ويؤكد "الكتاتني" أنه بالرغم من أن جناح محمد كمال، يميل إلى العنف إلا أنه في أضعف حالاته في الوقت الحالي والدليل على ذلك "11/11" التي لم يستجب فيها الشعب إلى دعوات الإخوان للقيام بثورة، لكنه أشار إلى أن عمليات الإرهاب الكبيرة تقوم بها جماعات ضد مصر، وأن ذلك الجناح داخل الإخوان يقوم فقط بعمليات صغيرة كحرق سيارة شرطة.
واستبعد أن تكون جماعة الإخوان وراء تفجير كمين الهرم، مؤكدًا أن الجماعة ليست بهذه القدرة كما كانت من قبل وهي في أضعف حالاتها، قائلًا "لا أعتقد أن تلك الأعمال يقوم بها الإرهاب".
وحول تأكيده على فكرة ضعف الجماعة في الوقت الحالي، أشار إلى أن فوز دونالد ترامب برئاسة أمريكا أثر على الحرب على الإرهاب في المنطقة تأثيرًا إيجابيًا، وخاصة داخل مصر حيث يعد الرئيس السيسي حليفًا له، مضيفًا "ترامب جاد في محاربة الإرهاب، وبالتالي لن تتلقى الجماعة التمويلات الأمريكية التي كانت تتلقاها في عهد الرئيس أوباما، قائلًا "طالما ترامب صعد، يبقى مفيش إرهاب".
وأشار "الكتاتني" إلى أن تجديد قضية المصالحة وإلغاء أحكام الإعدام في قضايا التخابر والهروب من سجن وادي النطرون، جعل هناك بارقة أمل لشباب الإخوان، مما يساهم في القضاء على أفكار العنف.
واعتبر طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، بيان الجماعة أنه اختبار ورسالة إلى النظام، وكيف سيتعامل مع الأمر، ومع معلومة أن القيادي الإخواني محمود عزت الذي أشارت تقارير مسبقة أنه خارج البلاد، موجود حاليًا في القاهرة.
وأوضح فهمي أن البيان يأتي ضمن سلسلة تصريحات أخيرة حول فكرة المصالحة، حيث أن البيان جاء بعد تصريحات إبراهيم منير الأخيرة حول المصالحة، والذي تراجع عنها فيما بعد، ثم مبادرة المحامي البارز منتصر الزيات حول المصالحة أيضًا.
ويرى أستاذ العلوم السياسية، أن الجماعة لم يعد لديها جديدًا لتقدمه في ملف المصالحة، وأن البيان بمثابة "جس نبض للدولة" في التعامل مع هذا الموضوع.
وعن مدى ارتباط الاجتماع والقرارات التي خرجت منه بالصعيد الأمني، قال اللواء محمد نور الدين، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن أي اجتماع لجماعة الإخوان لا يعقبه سوى الشر والتفجيرات، والنعوش التي نراها بسبب أفكارهم.
وأوضح أن الإرهاب أصبح على مستوى العالم، وخاصة البلدان الأوروبية، والذي تموله دول إقليمية على راسها قطر – على حد قوله - لافتًا إلى أن الخريطة الواضحة وأجهزة المعلومات الجيدة التي تعتمد عليها الجهات الأمنية في مصر.
وتابع "كل عام من 20 ديسمبر إلى 10 يناير، تكون هناك حالة استعداد قصوى، وذلك تمهيدًا لاحتفالات "الكريسماس" التي يستغلها المتطرفون في القيام بأعمال إرهابية".
وطالب مساعد وزير الداخلية جميع أجهزة الدولة بالتكاتف مع الجيش والشرطة، لأن الحرب مع الإرهاب في الأساس حروب فكرية، والفكر لا يواجه إلا بالفكر، ولذلك فالأزهر والكنيسة والتعليم وجميع المؤسسات لها دور في محاربة الإرهاب بحسب قوله.
فيديو قد يعجبك: