السيول تحرج "التنمية المحلية" وتضع "بدر" في مرمى التغيير القادم (تقرير)
كتبت - ندى الخولي:
سريعًا ما ترد وزارة التنمية المحلية في الأذهان، بمجرد تداول أنباء عن تغيير وزاري مرتقب، فـ"المحليات مليئة بالفساد" - بحسب المسؤولين أنفسهم - والأزمات المتلاحقة على مستوى المحافظات، تجعل ملف المحليات في صدارة المشهد دائمًا.
وجاءت كارثة رأس غارب بالغردقة، خلال الأيام القليلة الماضية، لتنذر بموسم شتاء قاسٍ على المواطنين والحكومة معًا، فالكارثة راح ضحيتها أحد عشر قتيلًا في غضون أربع وعشرين ساعة، فيما وصل حجم خسائر المدينة من موجة السيول إلى 120 مليون جنيه وفقا للتقديرات الأولية، فى الوقت الذى تواصل فيه اللجنة المشكلة من مديرية التضامن الاجتماعى حصر أعداد المتضررين والمصابين لتقديم الإعانات المالية والإنسانية لهم.
على الرغم من تأكيدات المسؤولين أن "الكارثة طبيعية لم يكن ممكنا توقعها"، إلا أن أصداء الغضب والمخاوف من تكرارها في مناطق أخرى، لم يشفع للمسؤولين تصريحاتهم.
وكان محافظ البحر الأحمر اللواء أحمد عبدالله، قال لرئيس الوزراء شريف إسماعيل، على هامش زيارته رأس غارب، أن "السيول التى شهدتها المحافظة لم تكن متوقعة وكانت خارج الإمكانيات فيما لم تظهر على خريطة التنبؤات الجوية"، وهي التصريحات التي تتشابه في مجملها مع ما قاله وزير التنمية المحلية، أحمد زكي بدر، أمام البرلمان، أمس، إن "حجم السيول أكبر بكثير من أي استعدادات من قبل الحكومة".
وأضاف بدر: "رغم أي إمكانيات إلا أن الكوارث الطبيعة "بتكون من مشيئة الله وأقوى من أي استعدادات، ونحن لسنا أول من يحدث لنا ذلك وحدث من قبل ذلك في أمريكا وأطاحت بالبيوت والمساكن".
وأعلنت الحكومة أمس، السبت تخصيص 50 مليون جنيه لتعويض المتضررين، بالإضافة إلى 50 مليون جنيه لاستعادة كفاءة البنية الأساسية بشكل عاجل في المناطق المتضررة من السيول، كما قررت وزيرة التضامن، غادة والي، صرف 10 آلاف جنيه لكل حالة وفاة وألفي جنيه لكل إصابة.
تلك الكوارث الطبيعية، تحدث عنها وزير التنمية المحلية السابق، اللواء محسن النعماني، وأكد أنها تتكرر سنويا في منطقة البحر الأحمر والصعيد.
وأشار النعماني الذي شغل منصب محافظ سوهاج سابقًا، إلى أن هناك ملف ثابت لإدارة الأزمات خاص بتلك الكوارث في المحافظات العرضة لمثل تلك الكوارث، من أجل تخفيف آثارها، مطالبا برفع مستوى إدارة الأزمات على مستوى محافظات مصر.
ولفت النعماني إلى أن أزمة السيول التي تعرضت لها محافظات سيناء والبحر الأحمر هذا العام حدثت منذ 20 عامًا، وبعدها اتخذت الدولة كافة الإجراءات لمواجهتها كعمل مخرات ومجاري للسيول لتوظيف المياه والانتفاع بها، مشيرًا إلى أن هذه الإجراءات كانت كافية على مدار 20 سنة مضت لمواجهة السيول محتملة.
وإذا كانت كارثة رأس غارب، هي كارثة طبيعية في المقام الأول، فإن عدد من المحافظات شهدت كوارث وأزمات عدة على مدار الأعوام القليلة الماضية، لم يكن فيها آداء الحكومة مغايرًا عن الآداء المتبع حاليًا.
وفي 25 أكتوبر العام الماضي، ضربت الإسكندرية، سيول جارفة راح ضحيتها ستة قتلى، وتضررت مئات الأسر، واستقال المحافظ على خلفية تلك الكارثة.
وكان هطول الأمطار بكثافة قد تسبب في تراكم المياه بكافة الشوارع والمناطق والميادين وأسفل الكباري، ما أثر على حركة المشاة وسير السيارات، فضلا عن تضرر المئات الذين يعيشون في منازل آيلة للسقوط وعشش من الصفيح، كما تسببت الأمطار في غرق كل من كباري المندرة الإبراهيمية وكليوباترا ونفق سيدي بشر.
الأمر نفسه تكرر في محافظة البحيرة، في 4 نوفمبر من العام الماضي، حيث تعرضت قرية عفونة التابعة لوادي النطرون بمحافظة البحيرة، اليوم، لأمطار غزيرة وسيول، أدت إلى غرقها.
وفي هذا يقول وزير التنمية المحلية الأسبق، قدري أبو حسين، إن السيول بصفة عامة ظاهرة طبيعية، لكن عندما تكون الأمطار غزيرة يكون من الصعوبة التصدي لها.
وأشار خبير التنمية المحلية، إلى أن التصدي لمثل هذه الكوارث، يتم من خلال ثلاث مراحل، الأولى هي قبل الكارثة، والثانية أثنائها، والثالثة متعلقة بالنتائج.
وشرح أبو حسين: "المرحلة الأولى تتم من خلال بناء مخرات السيول المتعارف عليها بالتنسيق مع وزارة الري، وتقام وفقا لإجراءات واشتراطات محددة، ويتم مراجعتها وصيانتها حتى لا تكون مسدودة استعدادا لمثل تلك الظواهر الطبيعية، كما يشترط أن تكون قوية بما فيه الكفاية لمواجهة تلك الأخطار المحتملة، لتقليل الأضرار في أضيق نطاق".
أما المرحلة الثانية والتي تتم أثناء السيول، فتكون عبارة عن "اتخاذ الإجراءات العاجلة لفتح المخرات وتصريفها أولا بأول"، ضاربا المثل بمحافظات الوادي التي تحتوي مخراتها على مخارج تصرف في النيل بماشرة.
وبالنسبة للمرحلة الأخيرة فتعتمد على التعامل مع نتائج ما بعد السيول، من خلال تصريف المياه المتجمعة والأكوام الطينية، وصرف التعويضات وإصلاح التلفيات وغيرها.
وأكد وزير التنمية المحلية الأسبق، أن الحكومة الحالية تعاملت مع أزمة رأس غارب بقدر من الكفاءة في المرحلة الثالثة فقط، بينما كان تعاملها مع المرحلتين ما قبل وأثناء السيول على غير المأمول، كما هو حال التعامل مع الأزمات السابقة.
أما خبير التنمية المحلية، حمدي عرفة، فقال إن "أمطار السماء كشفت فساد أجهزة الإداره المحلية في مصر، وأن الأغلبية العظمي من المحافظين غير مدركين لملفات المحليات و يفتقدون للرؤية"، على حد تعبيره.
وأضاف عرفة "الأغلبية العظمي من الوزراء والمحافظين يعملون في جزر منعزلة ولا يوجد تنسيق بينهم بشكل كافي، حيث أن متوسط حجم الأمطار الساقطة في كل محافظه يصل إلى ٤ ملايين و٦٠٠ الف متر مكعب كافية لزراعة ٧٠٠ ألف فدان في كل مرة، لكن بإهمال المسؤولين تتحول الأمطار إلى نقمة".
وقال عرفة إن عدد مخرات السيول في مصر لا يتجاوز ٢٦ مخرًا في كل محافظة وهناك ٣٤ طريق تم إنشاءهم منذ عقود كان يجب التنسيق مع وزاره الري لصيانتها دوريا من حيث وجود مخرات للطرق منعا لحدوث حوادث حيث أنه يمكن الاستفاده من السيول في الزراعة ومياه الشرب وشحن للمياه الجوفية.
وأكد عرفة أنه يوجد ١٢٦ محطة أرصاد كان يمكن الاستفاده منها مع إدارت الأزمات التابعة لمركز دعم واتخاذ القرار حيث وصل ارتفاع منسوب المياه في السيول علي الطرق بارتفاع من ٣ م إلى ٥ م ووصل عرضها إلى من ٣٠٠ إلى ٥٠٠ م علي الأقل حيث يوجد ٦٩٢ مخر للسيول وهذا غير كافي نهائيا في ٢٧ محافظة.
وتابع: "متوسط المبلغ المخصص لكل محافظه لمواجهة السيول مبلغ هزيل يصل إلى ٥٠٠ ألف جنيه فقط في حين أن كل محافظه تحتاج إلى ٤٠٠ مليون جنيه على الأقل لتطهير وصيانة وإنشاء عدد المخدرات السنوي".
فيديو قد يعجبك: