هل تصلح مصر لتطبيق معايير حقوق الإنسان الغربية؟ - (تقرير)
كتبت ـ هاجر حسني:
في أبريل الماضي، أثناء لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، قال السيسي: "المنطقة التي نعيش بها منطقة مضطربة للغاية ولا يمكن للمعايير الأوروبية، أن يتم قياسها ويتم النظر لها في ظل الظروف التي تمر بها دول المنطقة بما في ذلك مصر".
وأضاف السيسي: "أقول للرئيس هولاند والجميع، إن مصر حريصة على أن تؤكد أنها دولة مدنية حديثة، وأنها دولة وليدة تأخذ أولى خطواتها كدولة ديمقراطية حديثة في الشرق الأوسط، ونحن حريصون على أن يكون هناك مفهوم أوسع وأعمق للحريات وحقوق الإنسان في مصر".
وخلال استقبال السيسي لوفد مجلس الشيوخ الأمريكي بداية أكتوبر الجاري، أشار الرئيس في كلمته إلى ضرورة عدم تناول أوضاع حقوق الإنسان والحريات في مصر من منظور غربي بالنظر إلى اختلاف التحديات والظروف الداخلية والإقليمية، منوهاً إلى أن الديمقراطية عملية ممتدة ومستمرة، وأن مصر عازمة على المضي قدماً على الصعيد الديمقراطي.
ويقول جمال عيد، رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إن الزعم بأن هناك معايير غربية لحقوق الإنسان لا يجوز تطبيقها في مصر يعني أن هناك محاولة للتنصل من حقوق المصريين وحقهم في حرية التعبير والمحاكمات العادلة، كما يعكس غياب أي إرادة سياسية في الاهتمام بحقوق الإنسان.
وأضاف "عيد" - لمصراوي، اليوم الخميس - أن حقوق الإنسان لا تتجزأ وهي لكل الناس، والحق في المحاكمات العادلة أو الحماية من التعذيب على سبيل المثال لا يختلف تطبيقه من دولة لأخرى، كما أنه ليس له علاقة بالأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، لأنه لن يحدث تنمية اقتصادية إلا في وجود مناخ يدعم حرية الرأي والتعبير.
وتنص المادة 5 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية "موقعه عليه مصر"، على أنه ليس في هذا العهد أي حكم يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على أي حق لأي دولة أو جماعة أو شخص بمباشرة أي نشاط أو القيام بأي فعل يهدف إلى إهدار أي من الحقوق أو الحريات المعترف بها في هذا العهد أو إلي فرض قيود عليها أوسع من تلك المنصوص عليها فيه.
"كما أنه لا يقبل فرض أي قيد أو أي تضييق على أي من حقوق الإنسان الأساسية المعترف بها أو النافذة في أي بلد تطبيقا لقوانين أو اتفاقيات أو أنظمة أو أعراف، بذريعة كون هذا العهد لا يعترف بها أو كون اعترافه بها أضيق مدي".
بالإضافة إلى ذلك تنص المادة 4 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية: "أنه في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة، والمعلن قيامها رسميا، يجوز للدول الأطراف في العهد أن تتخذ، في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع، تدابير لا تتقيد بالالتزامات المترتبة عليها بمقتضى هذا العهد، شريطة عدم منافاة هذه التدابير للالتزامات الأخرى المترتبة عليها بمقتضى القانون الدولي وعدم انطوائها على تمييز يكون مبرره الوحيد هو العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الأصل الاجتماعي".
ويرى حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أنه لا يوجد ما يسمى بـ"المعايير الغربية لحقوق الإنسان"، و"المعايير المصرية أو المحلية"، لأن المعايير الدولية المتعارف عليها واحدة وتصدر من الأمم المتحدة وتمثل فيها جميع الثقافات، وتم الموافقة عليها من كل دول العالم حتى مصر والتي وقعت على 90% منن هذه المواثيق.
وأضاف لمصراوي: "أن تطبيق الحقوق المدنية والسياسية مرتبط بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، لأنه إن لم تتوافر حرية الرأي والتعبير لن تحدث تنمية وهو ما استقر عليه المجتمع الدولي".
وشهدت جلسة مجلس حقوق الإنسان الدولي، التابع للأمم المتحدة بجنيف، في سبتمير الماضي، هجوماً وانتقادات من بعض الدول الأعضاء على وضعية حقوق الإنسان فى مصر خلال جلسة نقاش عام بالدورة رقم 33.
وقال ممثل الاتحاد الأوروبي أثناء الجلسة، إنه لايزال هناك اتجاه مثير للقلق من القيود المفروضة على حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، وعلاوة على ذلك لا يزال الاتحاد الأوروبى يشعر بقلق بالغ إزاء تقارير التعذيب، والاختفاء القسرى، وسوء ظروف الاحتجاز وإصدار الأحكام بالإعدام، وكذلك محاكمات جماعية، ويؤكد ضرورة المساءلة عن جميع الانتهاكات.
من جانبه، قال عزت غنيم، رئيس التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، إنه من الممكن الاتفاق مع الرأي الذي يقول بأن هناك معايير غربية لا يمكن تطبيقها في مصر، متسائلا "طيب فين المعايير المصرية والمحلية ولماذا لا تطبق، هل المعايير الخاصة بنا تبيح القتل خارج القانون والتعذيب والإخفاء القسري".
وأضاف لمصراوي: "مفهوم حقوق الإنسان لدى النظام المصري يحتاج للتغيير، لأنه يرفض بشكل واضح كل ما يتعلق بحقوق الإنسان وليس له علاقة بأية معايير أو مفاهيم غربية، كما أن المعايير الغربية لحقوق الإنسان أقل حدة من مثيلاتها العربية والمحلية".
وعن تعذر تطبيق هذه المعايير نظرا للظروف التي تمر بها البلاد، لفت "غنيم"، إلى أن بعض الدول الغربية بها أحداث أكبر مثل فرنسا، ولم تُمس حقوق الإنسان مثلما يحدث في مصر.
فيديو قد يعجبك: