مأساة إنسانية وصمت دولي.. قتلى وجوعى رفضوا الركوع في "مضايا" - (تقرير)
كتب - محمود أحمد:
"أطفال يموتون جوعًا.. عائلات تعيش على أوراق الأشجار.. القطط والكلاب أصبحت وجبة بديل الطعم.. 6 ألاف لغم أحاطت بالمدينة الخارج منها مفقود ولا داخل إليها.. 16 عملية بتر قدم حتى الآن.. أكثر من 40 ألف مواطن محاصرون يُعانون كل يوم".. هذا حال أهالي بلدة "مضايا" السورية التي يحاصرها نظام بشار الأسد وحزب الله اللبناني من أجل الخضوع لهم.
معاناة السوريين مازالت مستمرة تحت أشكال متنوعة، لكن تلك البلدة التي تقع في ريف دمشق المحاصرة منذ سبعة أشهر كانت أكثرهم، حيث يحاول الجيش السوري في الفترة الأخيرة ضمها لسيطرته مثلما يفعل في بلدة الزبداني وما جاورها، وهو ما تسبب في تدمير البنية التحتية ومقتل الكثير من المدنيين عقب حصارها.
ورقة ضغط
وفيات كثيرة، بينهم نساء وأطفال، بعد أن تحولت أجسادهم إلى ما يشبه الهياكل العظمية بسبب الجوع، وأضطروا إلى المخاطرة بحياتهم بحثا عن طعام في مناطق قريبة قامت قوات النظام بزرع ألغام فيها، ما أدى إلى حدوث حالات بتر أطراف للبعض منهم.
ويرى مراقبون أن النظام السوري يستخدم حصار بلدة مضايا كورقة ضغط على المعارضة وذلك لتخفيف الحصار على مدينتي كفريا والفوعة.
وكان اتفاق الهدنة الأخير "الزبداني - الفوعة وكفريا" ينص على رفع الحصار عن مضايا بالتزامن مع إجلاء الجرحى ، إلا أنه حتى الآن لم يرفع الحصار ولم تفتح طرق آمنة لخروج السكان.
ثورة مواقع التواصل
أحدثت المأساة التي تقع على البلدة، ثورة كبيرة وردة فعل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تداول النشطاء صور الضحايا، والجوعى من الأطفال ودشنوا هاشتاجات حملت اسم "مضايا تموت جوعًا، حزب الله يقتل مضايا جوعا، اغيثوا أهالي مضايا".
ورصد مغردون استمرار النظام السوري وحزب الله اللبناني - للشهر السابع على التوالي - في فرض حصار مطبق على نحو أربعين ألف إنسان في البلدة - حسب ما أكده الائتلاف السوري لحقوق الإنسان - بعضهم لجأ إليها قبل الحصار هربا من المعارك الدائرة في مناطقهم، وقاموا بمنع دخول المواد الغذائية والطبية وحتى المنظمات الإنسانية إليها، إضافة إلى منع السكان من الخروج، ومع تراكم المعاناة، تسببت ندرة المواد الغذائية بالبلدة في ارتفاع الأسعار بشكل جنوني حيث تجاوز سعر كيلو الأرز داخلها المئة دولار إن وجد، مما اضطر المحاصرين لأكل القطط والقمامة والحشائش وكل ما يساعدهم على الصمود والبقاء على قيد الحياة، كما أفاد ناشطون من داخل البلدة بوفاة سبعين شخصا بسبب نقص التغذية والأدوية والمواد الطبية.
ونشر الداعية السعودي محمد العريفي، عبر صفحته على "تويتر" عدة إغاثات وصور وصلته عن البلدة، وكتب يقول: "يا هيئات حقوق الإنسان هل بلغَكم أن مضايا تموت جوعا.. 40 ألف لاغذاء ولا دواء ولا دفء".
صمت دولي
قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إن المجتمع الدولي خذل الشعب السوري منذ بداية الأحداث، فلم يستطع وقف أي من الجرائم المروعة التي يرتكبها النظام السوري وحلفاؤه، واليوم يقف عاجزا عن إدخال مواد غذائية لسكان مضايا الذين يموتون جوعا.
واستهجنت المنظمة ما جاء في بيان الأمم المتحدة، الذي أوضح أن المنظمة الدولية ستدخل مواد غذائية لمضايا خلال الأيام القادمة بناء على موافقة النظام السوري.
وأضافت المنظمة أن البيان يظهر عجز الأمم المتحدة التام أمام نظام منخرط بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وعدم وجود وسائل وخطط طوارئ لديها لمعالجة وضع إنساني طارئ، فالمنظمة الدولية تدهمها الأحداث، ولا تتعلم من التجارب، مع أنها كثيرة من واقع المعاناة السورية.
وأكدت المنظمة أن حصار مضايا والزبداني تسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية التي خلّفتها سياسة الحصار التي ينفذها النظام السوري مدعوما من روسيا وإيران ومنظمة حزب الله اللبنانية.
وأضافت أن نقص الطعام والدواء الحاد في مدينة مضايا أدى إلى ظهور حالات الهزال الشديد والإعياء بين سكان البلدة الذين لجأوا إلى الحشائش والنفايات لتسكين جوعهم، وتوفي حتى الآن ما يقارب 23 شخصا نتيجة الجوع أو القتل قنصا أو بالألغام لدى محاولة الحصول على الغذاء، كما ارتفع معدّل تعرض الأشخاص للإغماء الناتج عن الجوع إلى 160 حالة يوميا.
قرار الأمم المتحدة
ودعت المنظمة المجتمع الدولي إلى التحرك سريعا؛ لإنقاذ السكان في بلدة مضايا والزبداني وباقي المناطق المحاصرة، وعدم انتظار أي إذن من النظام السوري، فهناك من الوسائل العديدة لدى الأمم المتحدة ما يمكنها من فتح ممرات إنسانية لإيصال المواد الغذائية والطبية.
كما دعت المنظمة المجتمع الدولي إلى تحريك آليه نص عليها القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 377 تحت عنوان "متحدون من أجل السلام"، الذي يتيح التدخل بعد فشل مجلس الأمن في التصدي لحالة تهدد السلم والأمن الدوليين؛ لوضع حد لكل الجرائم التي يرتكبها النظام السوري مدعوما من روسيا وإيران.
دعوة للتحرك
وإزاء ذلك، حذر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية من كارثة إنسانية تهدد حياة المحاصرين جوعاً وبرداً في مدينتي مضايا وبقين بريف دمشق الغربي، ورأى أن صمت المنظمات الدولية يجعلها شريكة في جريمة حصار المدنيين.
وطالبت اللجنة القانونية للائتلاف -في بيان لها أمس - الجامعة العربية والأمم المتحدة والمبعوث الأممي الخاص بسوريا بتحمل مسؤولياتهم تجاه المدنيين المحاصرين، والتحرك الفوري والعاجل لإنقاذ أرواح المدنيين الأبرياء وفك الحصار عنهم والدخول الفوري لقوافل المساعدات.
وأهابت اللجنة القانونية للائتلاف بجميع منظمات حقوق الإنسان الدولية التحرك والضغط على المجتمع الدولي وعلى حكوماتها للتحرك وإنقاذ المدنيين في مضايا وباقي المدن السورية المحاصرة عامة.
فيديو قد يعجبك: