الكاتبة أمال قرامي: خضعت للتحقيق 5 مرات و"جهات عليا" منعت دخولي مصر (حوار)
حوار - محمود سليم:
11 ساعة من التحقيقات قضتها الدكتورة أمال قرامي، أستاذ علم الاجتماع، بجامعة منوبة في تونس، داخل مكاتب التحقيق بمطار القاهرة الدولي، مساء السبت، ليتم إبلاغها في النهاية أنها تُشكل خطرًا على الأمن القومي، وممنوعة من دخول مصر.
"لا تكرريها ثانية.. فلن تدخلي مصر".. كانت آخر الكلمات التي سمعتها الدكتورة المرموقة وهي تعود إلى بلادها، على الرغم من تلقيها دعوة رسمية من مكتبة الإسكندرية لتكون أحد المحاضرين في مؤتمر (صناعة التطرف: قراءة في تدابير المواجهة الفكرية)، حتى 5 يناير الجاري.
وأمال قرامي هي أستاذة تعليم عالِ بقسم العربية، (بروفيسور) بكلية الآداب والفنون والإنسانيات، جامعة منّوبة، في تونس، وتُعد ناشطة دولية وعربية في الدعوة للتقدم والعدالة الاجتماعية، وهي أحد المتخصصين في التاريخ الإسلامي والحركات المتطرفة.
ويشهد المؤتمر مشاركات من 18 دولة عربية، تضم خبراء في مجالات التطرف والإرهاب وعلم الاجتماع والعلوم السياسية والإسلامية، كان من المفترض أن تكون بينهم قرامي.. التي أكدت في حوار تليفوني خاص لموقع "مصراوي" من تونس، أنها اكتشفت فجأة عند وصولها إلى أرض مطار القاهرة أنها خطر على الأمن القومي، وهو ما أثار تعجبها بشدة بقولها: "لا أملك غير قلمي".. وإلى نص الحوار..،
- أحكي لنا ماذا حدث منذ لحظة وصولك حتى المغادرة؟
وصلت إلى مطار القاهرة وسلمت جواز السفر يدويًا إلى المسؤول، وبعد ذلك تلقى اتصالاً تليفونيًا يقول له: "أمال قرامي مطلوبة للتحقيق".
ليرد عليه الموظف المسئول "دي لسه داخله حالًا".
تقول قرامي أنها سلمت جواز سفرها يدًا بيد إلى الموظف، الذي لم يمرره حتى عبر جهاز سكانر للتحقق من أنني بالفعل ممنوعة من دخول مصر، إلا أنني فوجئت -وبعد الاتصال الذي تلقاه- باصطحابي إلى مكتب في انتظار التحقيق معي.
- وكيف جرى التحقيق؟
تم التحقيق معي 5 مرات، وفي كل مرة يتم سؤالي أسئلة بسيطة جدًا، وكنت أرد أني مدعوه لمكتبة الإسكندرية للمشاركة في مؤتمر حول صناعة التطرف والمواجهات الفكرية والإرهاب، ويسألني من هي الجهة المسؤولة عن إقامتك؟ أرد بأن مكتبة الإسكندرية هي المسؤولة عن الإقامة وأُقدم الوثائق لذلك، وأيضًا وثائق العودة مرة أخرى لتونس، ثم أنتظر في الخارج مرة أخرى وأعود للتحقيق.
أحيانًا كإجراء عادي في الدول الأوروبية، يتم سؤالك حول سبب دخول البلد، ويطلب منك وثيقة لتبرير ذلك.. هذا طبيعي، لكن ما حدث أنه في كل مرة كان يتم استجوابي فيها كانت نفس الأسئلة البسيطة التي لا تعبر عن أي تهمة موجهة لي.
انتظرت لساعات طويلة اقتربت من لـ 11 ساعة دون معرفة التهمة الموجهة لي، إذا كانت هناك تهمة من الأساس، وكنت أتواصل مع المحتجزين الآخرين لتقليل ساعات الانتظار، فأسأل كل شخص عن سبب احتجازه، وتعددت الأسباب بين "الفيزا المضروبة" التي يتم شرائها من تركيا، والاشتباه في الانتماء للجماعات المتشددة، أو تعاطي المخدرات.. وكان معظمهم سوريين.
كانت الأسئلة الموجهة لهم مباشرة وتدل على التهمة، فمثلُا من أين اشتريت الفيزا؟ وكم دفعت؟، أو هل سبق لك الانتماء لجمعات إسلامية من قبل أم لا؟.
وبعد إلحاحي لمعرفة سبب احتجازي، قالوا لي أن هناك أمرًا من جهات رسمية عليا بمنعك من الدخول، لأن مسألتك تتعلق بالأمن القومي وهناك خطورة في دخولك.. هذه الإجابة الوحيدة التي تلقتها خارج التحقيق.
- من أبلغك تحديدًا أن وجودك خطر على الأمن القومي المصري؟
ضابط كان خارج من غرفة التحقيق، قلت له أن من حقي أعرف سبب احتجازي، وطلبت أن أعود غدًا، فقال لي "ما تكرريهاش تاني مش هتدخلي مصر، لأنك خطر على الأمن القومي".
- وما هي خطورتك على الأمن القومي المصري؟
لا أحمل سوى قلمي.. هذه الخطورة نفهمها لو كنت أنا رأس مدبر للعمليات الإرهابية، أو كنت حاملة لسلاح أو مُدانة في شبكات التهريب.
- وكيف تفسرىن هذا؟
هناك أحيانًا أشخاص يتصرفون بطريقة تنقصها الحنكة أو الخبرة "على هواهم"، ويصدرون الأوامر وهم لا يقرأون تبعات ذلك، فهذه التصرفات لا تخدم صورة مصر التي تريد أن تعطي رسالة للعالم على أساس أنها تحترم الفن والمبدعين والمثقفين.
من قديم الزمان، وقتما كنا ندرس في الجامعات التونسية، كانت مصر هي مصدر الإشعاع الفكري والديناميكية الفكرية والثقافية والإبداعية، والعالم كان يتفاعل مع ما ينتج في مصر على مستوى إصدار الصحافة، وحرية التعبير والصحافة، وكنا نحسد الإعلام المصري، ونقول: "على الأقل أنتم تتكلمون.. نحن ممنوعون من الكلام، لكن الآن مصر تتقهقر إلى الوراء".
- هل عرفتي من أصدر قرار منك من دخول مصر؟
سألت أكثر من مرة ولم أتلقَ جواب، "هذا استخفاف بالناس لما تحجز إنسان طول هذه المدة"، وأقول أن المهربين كانوا لديهم أفضلية تلقي الإجابة، وأنا الوحيدة التي لم أتلقَ إجابة منهم.
- ذكرتي لي أن الرئاسة التونسية اتصلت بك.. بماذا أبلغتك؟
الرئيس التونسي على علم بما حدث، والرئاسة أبلغتني استيائها مما حدث ومطالبة السلطات المصرية بتوضيح رسمي لما حدث.
- ماذا عن تأشيرتك إلى مصر؟
السفارة المصرية في تونس قالت أن التأشيرة ليست سليمة، وهذا كلام غير صحيح تأشيرتي سليمة ودخلت بها مصر منذ شهر ونصف، ودائمًا ما تأتي دعوات لي من الجامعة الأمريكية أو من مراكز الدراسات لإلقاء محاضرات، وعندي تقليد مُتبع وهو إن فيزا الدخول تكون لمدة ثلاث أشهر حتى أستطيع الدخول والخروج أكثر من مرة إلى البلد.
على الأقل الجهات الرسمية من المفروض ألا تلجأ إلى استعمال الحيل، وأن تكون أكثر مسؤولية إن أقدمت على خطأ فمن الشجاعة أنك تعترف وأن تصلح الخطأ ولا تجعلني مُدانة بسبب خلل قانوني، فأنا احترم الإجراءات ولا أدخل البلد بتأشيرة غير صحيحة.
- صفي لنا الحال في تونس؟
هناك ردود أفعال غاضبة جدًا في تونس، لم ينقطع هاتفي عن الرنين، وشاركت في عده مداخلة بالتليفزيون، وكما أبلغتك فالرئيس يتابع الأمر أيضًا.
- في النهاية.. ماذا تقولين للمسؤولين في مصر؟
أؤكد لهم أن هذه التصرفات لا تخدم المصالح المصرية، باعتبارها حدث تناقلته المواقع العربية والعالمية، وتكلف البلاد تبعات سيئة، ولن يكون المبدع والمفكر كبش فداء لهذه السياسيات.
اقرأ أيضا
فيديو قد يعجبك: