قانون تنظيم الصحافة والإعلام.. هل ينظم المشهد أم يزيده تعقيدًا؟
تقرير - محمد شعبان:
365 يومًا، وأكثر من 150 جلسة، كانت شاهدة على خروجه للنور، يراه البعض ضربة موجعة للدستور وحرية التعبير، وآخرون يصفونه بالمنظم للعمل الإعلامي بمختلف مجالاته، ومواكبًا لتطورات العصر، وخاصة الفضاء الإلكتروني.
تباينت ردود الأفعال بين جموع الصحفيين والعاملين بمجال الإعلام، عقب إعلان اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية ، الانتهاء من إعداد مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، خلال مؤتمر صحفي عقدته بمقر نقابة الصحفيين، الأحد الماضي.
مواكبة العصر
"ما أثير مؤخرًا بوضع تشريعات خاصة بالعمل الصحفي وأخرى للإعلام المرئي والمسموع غير صحيح، مؤكدًا أن هناك دول تمتلك قانونًا موحدًا ينظم العمل الإعلامي"، هذا ما يؤكده الدكتور حسن عماد مكاوي، وكيل المجلس الأعلى للصحافة، مضيفًا – في تصريحات خاصة لموقع مصراوي – أن مشروع القانون جاء بمواد جديدة غير مسبوقة لتواكب تطورات العصر من ناحية، والمواد الجديدة بالدستور ومنها الفضاء الإلكتروني، مشيرًا إلى أن التعديلات الدستورية الأخيرة اتاحت الفرصة للإعلام للانفصال عن السلطة كما جرى العرف منذ القرن الـ19، وألغت تقييد الحريات والرقابة على المطبوعات لتنهي "عوار قانوني" عانى الجميع منه، وتقلصت معها ترسانة القوانين في قانون واحد.
وأوضح وكيل المجلس الأعلى للصحافة أن مشروع القانون الموحد جاء لـ"غربلة" القوانين، ودمجها في قانون واحد فقط، يضمن استقلالية الإعلام عن كل السلطات، وتعدد وسائل الإعلام، والإعلان عن مصادر التمويل، وحجم المكاسب والخسائر.
وأضاف أن العمل الإعلامي واحد، وإن اختلفت وسائل تقديمه للمتلقي، لافتًا بأن هناك أسس ومعايير متفق عليها بمجال الإعلام عامة مثل الحق في الوصول للمعلومات، والالتزام بالمعايير المهنية، مشددًا على أن اللجنة أرادت توحيد تلك القوانين في صورة "عمل واحد".
الدستور قائد الدفة
فيما يرى الكاتب الصحفي صلاح عيسى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، أن الدستور ربط بين كافة الحقوق والواجبات في الصحافة والإعلام، مؤكدًا أنه ليس من المنطقي تشريع عدة قوانين لمنح حقوق ممنوحة للجهتين.
وأضاف عيسى -في تصريحات خاصة لموقع مصراوي - أن اللجنة طرحت تلك التشريعات لتطبيق مواد الدستور، منوهًا بأن الدستور أحدث ذلك الدمج، موضحًا أن هناك دول تعتمد في تشريعاتها بشان الصحافة والإعلام على الدمج، في الوقت ال1ذي تعتمد مؤسسات إعلامية بأخرى على الفصل بينهما.
الهيئة الوطنية
وبالحديث عن دور المجلس الأعلى للصحافة عقب إنشاء الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام، يؤكد الدكتور حسن عماد مكاوي، أن دور الأول ينتهي باعتماد مشروع القانون، وتظهر أدوار لجانه الثلاث لتحل محله، مشددًا على أن ذلك لن يؤثر على طبيعة عمل نقابة الصحفيين.
وشدد الكاتب الصحفي صلاح عيسى، على أنكل الهيئات التابعة للمجلس الأعلى للصحافة واتحاد الإذاعة والتليفزيون سينتهي دورها وتصبح ملغاة، سواء بوجود وزارة الإعلام أو عدمه.
وأشار عيسى إلى أن اختصاصات ودور الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام يتم تحديدها من قبل لجان يتم تشكيلها بقرار من رئيس الجمهورية، وذلك ما تم الإشارة إليه بالباب السابع من مشروع القانون، والذي يشير إلى تشكيل المجالس الثلاثة.
نقابة الصحفيين
ويقول جمال عبدالرحيم، سكرتير عام نقابة الصحفيين، إن الهيئة الوطنية للصحافة غير منوطة بالصحفيين، مؤكدًا أن مشروع القانون ينص على أنها هيئة مستقلة لإدارة المؤسسات الصحفية القومية إداريًا وماليًا.
ويُضيف عبد الرحيم -في تصريح لـ"مصراوي"- أن الهيئة منوطة بتعيين مجلس إدارات الصحف القومية، ومناقشة كافة الأمور المالية والإدارية الخاصة بها، مشددًا على أن نقابة الصحفيين هي الجهة الوحيدة المنوط بها محاسبة الصحفي وتقف بجانبه، وتجلب له حقوقه.
حُلم نقابة الإعلاميين
ورغم إنهاء جميع الإجراءات القانونية لتمارس نقابة الإعلاميين عملها بشكل رسمي، فإنها ما زالت معطَّلة، إذ لم يتبقَّ إلا اعتماد الرئيس عبد الفتاح السيسي، قانون إشهارها وإنشائها، والحقيقة أن مصير هذه النقابة معلَّق منذ سبعينيات القرن الماضي.
ويرى عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة السابق، أن لجنة بالدستور انتهت من كافة التفاصيل الخاصة بالنقابة، وتم تقدميها لمجلس الوزراء، ومن بعدها للجنة العليا للإصلاح التشريعي؛ تمهيدًا لإصداره.
وأوضح الدكتور حسن عماد مكاوي، أن نقابة الإعلاميين ستحاسب الأعضاء المنتسبين لها، وأنها غير مختصة بعمل الصحفيين أو محاسبتهم، لتظل نقابة الصحفيين هي المنوط بها فقط تناول ما يتعلق بالعمل الصحفي في مصر.
وفي سياق متصل، شدد جمال عبدالرحيم، سكرتير عام نقابة الصحفيين، على أن مشروع إنشاء نقابة الإعلاميين بعيد كل البعد عن مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، مؤكدًا أن عمل نقابة الصحفيين مستمر فيما يخص العمل الصحفي.
أسباب طرح مشروع جديد للصحافة
ويقول الكاتب الصحفي صلاح عيسى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، إن القوانين قامت على فلسفة نصوص دستورية اختلفت بشكل كبير عن التعديلات الدستورية لعام 2014.
ويُضيف عيسى أنه تم الإبقاء على بعض المواد القديمة التي لا تتناقض مع مواد الدستور الجديدة، وتم تطويرها للتماشي مع مشروع القانون الموحد، واحتياجات الصحافة والإعلام مستقبلاً.
وتابع: "استعنا بمواد صالحة من قانون رقم 96 لسنة 1996، وقانون المطبوعات 20 لعام 1936، لكننا قمنا بإلغاء كافة عقوبات جرائم النشر باستثناء المواد التي استثناها الدستور"، مختتمًا تصريحاته قائلاً: "كان لابد من إعداد قانون موحد بدلاً من القوانين القديمة".
ما بين الاختيار والاستبعاد
وحول الهجوم الذي شنه البعض على القائمين على إعداد مشروع القانون الموحد للصحافة والإعلام، موجهين لهم اتهامات بعدم الاستفادة من خبرات أسماء لها باع في تنظيمات العمل الإعلامي أمثال نجلاء العمري - وضعت تنظيم العمل الإعلامي في تونس - والإعلامي حافظ الميرازي.
ويقول الدكتور حسن عماد مكاوي، إنه تم طرح جميع الأسماء دون إقصاء أحد، وأن اللجنة بدأت بـ22 عضوًا حتى أصبح إجمالي الأعضاء 50 عضوَا عن طريق الانتخاب الحر المباشر، ثم اختيار 6 فقد لصياغة مشروع القانون النهائي.
ضربة موجعة للدستور
قال الناشط الحقوقي نجاد البرعي إن مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، يُعد ضربة موجعة للدستور وحرية التعبير، وهذا ملخص ما غرد به عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر "مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام يشكل ضربة موجعة ليس للدستور فحسب ولكن حتي للقدر الضئيل المتوفر من حرية التعبير، الحقونا".
فيديو قد يعجبك: