ممثل الأمم المتحدة للسكان: سنصل بحلول عام 2030 إلى 120 مليون نسمة ومعدلات الإحلال هي الحل (حوار)
حوار - هاجر حسني:
تصوير - محمود بكار:
"نحن نواجه أزمة حقيقية وتحتاج للتدخل السريع" هكذا كان رد الدكتور مجدي خالد، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في القاهرة، على وصول التعداد السكاني في مصر إلى 90 مليون نسمة، فهو يرى أننا كنا في حالة ثبات سكاني حتى عام 2006 ثم بدأ الاتجاه في الصعود مرة أخرى، فتنظيم الأسرة هو الحل الوحيد للعودة مرة أخرى لحالة الثبات حتى يتبنى المجتمع ثقافة الأسرة الصغيرة وهو ما أوضحه بالتفصيل خلال حواره لمصراوي.. وإلى نص الحوار:
كيف ترى الزيادة الأخيرة في السكان بعد وصول مصر إلى تعداد 90 مليون نسمة؟
هذه زيادة غير مسبوقة في معدلات المواليد بصورة مرتفعة بشكل يعود بنا إلى معلات عام 2000 أي إلى الخلف 15 عام، ولو استمر معدل الزيادة بهذا الشكل سنكون بحلول عام 2030 حوالي 120 مليون نسمة، وهذا يعني أنه سيضاف لنا عدد سكان يساوي عدد سكان دولة أخرى، ووقتها من الممكن أن نتخيل حجم الضغط الذي سيكون موجود على برامج التنمية ولن يكون الهدف هو تحسين مستوى هذه الخدمات ولكن الحفاظ على مستوى الخدمة المقدمة حاليا وسيكون أيضا به صعوبة.
ذكرت أننا عدنا للخلف 15 عام، ماذا تعني؟
معدل الخصوبة الكلية كان 3.5 في عام 2000 وبدأ يقل بالتدريج حتى وصل لـ 3 وظللنا ثابتين على هذا الرقم طبقا لآخر مسحين، ولكن في المسح الخاص بـ 2014 قفزالمعدل مرة أخرى بـ 3.5، وهذا يرجع لأن هناك تحول من استخدام وسائل تنظيم الأسرة طويلة المفعول إلى وسائل تنظيم الأسرة قصيرة المفعول، وهناك نسبة توقف عن الاستخدام في السنة الأولى بعد الحمل إلى20 أو 25% من السيدات وهذه حالة خطيرة وربما ينتج عنها حمل غير مخطط له، ولابد هنا أن نعمل على كفاءة مقدمي الخدمة للسيدات، والترويج لوسائل تنظيم الأسرة طويلة المفعول وبرامج تنظيم الأسرة بعد الولادة، لأن السيدة خلال هذه الفترة تكون تحت إشراف صحي خاصة وأن نسبة 90% من حالات الإنجاب تحدث في منشآت صحية، وهذا يدل على أن النساء يجدن طريقهن إلى الخدمات الصحية، وخلال هذه الفترة لابد أن يكون هناك طبيب مدرب أو ممرضة كفء تقدم لهن النصيحة بأن تنظيم الأسرة لا تنحصر فوائده في المباعدة بين فترات الحمل فقط ولكن له فوائد صحية تساعد في خفض وفيات الأمهات بنسبة 30% وهذه نسب موجودة في كافة المراجع العلمية، كما أن المباعدة تساعد على اتمام تكون الجنين وتقليل احتمالية ولادته ناقص، لذلك فالمدخل الصحي هام لتوعية الناس بتنظيم الأسرة.
أي أننا كان لدينا معدل ثبات خلال هذه الفترة؟
كان لدينا ثبات في المعدلات منذ عام 1994 وحتى عام 2006 ومن بعد هذا العام بدأ في وجود اتجاه صعودي حيث ارتفع معدل الإنجاب لكل سيدة من 3 أطفال إلى 3 أطفال ونصف في المتوسط طبقا لمسح 2014 وفي مرحلة التسعينيات كانت الزيادة بمعدل 1.6 مليون مولود سنويا، وفي خلال العامين الأخيرين أصبحت الزيادة بمعدل 2.6 مليون مولود سنويا وهو فارق كبير وهو ما يفسر الزيادة لـ 90 مليون خلال أعوام قليلة.
إذا استمر معدل الزيادة السكانية كما هو عليه سنصل إلى 120 مليون نسمة بحلول 2030
وما الحل في وجهة نظرك؟
لكي يشعر المواطن بعائد التنمية لابد أن يكون هناك برنامج سكاني محكم الزوايا ويتم متابعته بمؤشرات معينة للمساعدة في الوصول إلى معدلات أقل من معدلات الزيادة الحالية، ليكون هناك احساس بعائد التنمية، ولذلك فكل الدول التي استطاعت أن تفعل برامج تنمية جيد كان بالتوازن معها برنامج سكاني جيد ولذلك استطاعت أن تخلق طفرة مثل ماليزيا واندونيسيا وإيران وحتى تركيا لأن لديها برنامج تنظيم أسرة قوي ومعدلات الخصوبة أقل وكذلك الزيادة السكانية وهو ما انعكس على الوضع الاقتصادي.
إذن ما هو دور صندوق الأمم المتحدة للسكان في هذا الأمر؟
نحن منشغلين حاليا في مكتب الأمم المتحدة للسكان ووزارة الصحة والمجلس القومي للسكان بتنفيذ محاور الاستراتيجية القومية للسكان والتي تم إطلاقها منذ عام، ولكن وجود الاستراتيجية في حد ذاته لا يعني أننا حللنا المشكلة، ولكنه إطار عام للبرامج حتى يحدد مهام كل جهة وكل فرد، ونحن الآن على عاتقنا تنفيذ محاورها، لأن قضية السكان ليست عمل جهة بعينها، والكثير من الناس ينظرون إليها على أنه قضية تنظيم أسرة، وبالفعل تنظيم الأسرة جزء مهم منها بالدرجة الأولى وركن أساسي من قضية السكان ولكن لابد أن يكون بالتوازي معه أمور أخرى مثل تعليم المرأة والقضاء على الأمية الموجودة بين النساء بما يقرب 30% والزواج قبل السن القانوني وعمالة الأطفال
هل تغيرت التركيبة السكانية في مصر؟
تركيبة مصر الحالية تحولت إلى تركيبة شبابية، كل الشباب خلال الفترة القادمة سيدخل مرحلة الزواج وسينجب وسلوكه الإنجابي هو ما سيحدد الشكل السكاني في مصر خلال المرة القادمة، فإذا كان الشاب في سن العشرينيات يمتلك قناعة إنه لابد أن يكون لديه عدد مفتوح من الأطفال فنحن نواجه مشكلة، ولكن إذا عملنا من الآن على تغيير هذه الثقافة من خلال برامج التوعية والتثقيف سأيون لديه وعي سيكبر معه بأهمية تنظيم الأسرة، وإذا ترسخ لديه فكر الأسرة الصغير فإن ذلك سيحول التركيبة السكانية.
تنظيم الأسرة ساعد على خفض وفيات الأمهات بنسبة 30%
بعض الآراء تذهب إلى أن هناك أزمة حقيقية، تتفق أم تختلف؟
الآن جميع الشواهد تقول أن هناك أزمة ولابد من التدخل السريع، هناك المسح سكاني يُجرى كل 4 سنوات، وكان آخر مسح في 2014 هو الذي أعطى المؤشرات التي قالت اننا في وضع سئ، وكان ضمن المسح بيانات ممكن ملاحظاتها واتخاذ اجراءات بها بشكل عاجل، فعلى سبيل المثال أظهرت المسوح أن 12% من السيدات المتزوجات بسن الإنجاب لديهم اكتفاء من الأطفال أو لا يريدون الإنجاب في الوقت الحالي ولكن هؤلاء لا يستخدمون وسائل لتنظيم الأسرة، وهؤلاء إذا تم تحويلهم إلى رقم سيبلغن حوالي مليون ونصف سيدة، فإذا تم الوصول إلى هذا الرقم من السيدات ومحاولة التعرف عن سبب عدم لجوءهن لوسيلة تنظيم الأسرة سيكون بالطبع أمر جيد.
ولكن هل هناك أسباب وراء امتناع السيدات عن وسائل تنظيم الأسرة؟
أحيانا يكون بسبب معلومات مغلوطة أو اتباعهن لتيار ديني معين يؤثر على أفكارهن أو تدخل من أهل الزوجين بمنعهم من أخذ المشورة أو تجربة سيئة مع وسيلة والعديد من الأسباب التي تكون وراء عدم اعتمادهن على وسيلة، ونحن نعمل على الوصول لهؤلاء السيدات حاليا مع وزارة الصحة وخاصة في قرى الصعيد والأماكن الأقل تعليما والأكثر فقرا، وهذا يجعلنا ننظر أيضا إلى مستوى الخدمة الصحية التي تُقدم لهؤلاء السيدات فربما تكون ليست بالشكل الكافي وقد يكون هناك صعوبة في الوصول إليهم، من خلال المسوح والعيادات المتنقلة.
طبقا للدراسات هل التوعية بتنظيم الأسرة هي الحل الوحيد لأزمة الزيادة السكانية؟
بالطبع لا، فهناك مؤشر آخر يقول أن كم هائل من الزيجات يحدث تحت السن القانوني فإذا الفتاة منذ سن الـ 15 تدخل في مرحلة الإنجاب وتستمر حتى سن الـ 40،وفي هذه الحالة حتى إذا استخدمت وسيلة لتنظيم الأسرة كل 4 سنوات سنجدها في النهاية تنجب حوالي 6 أو 7 أطفال وبالتالي فيكون الزيادة في الأطفال عبء عليها وعبء على الزيادة السكانية، ولذلك لابد من تفعيل قوانين سن الزواج وعمالة الأطفال خاصة في ظل وجود بعض الآباء يحرصون على الإنجاب حتى يعمل كل طفل ويساعد الأسرة لأن كل هذه المشكلات تصب في تأجيج المشكلة السكانية.
كيف يمكن تحقيق توعية سليمة بتنظيم الأسرة؟
تنظيم الأسرة شقين، الأول تقديم الخدمة والثاني زيادة الطلب على على وسائل تنظيم الأسرة من خلال خلق الوعي وتغيير السلوك وتوعية الأطفال منذ الصغر في المدارس ثم الجامعة وهكذا، أي خلق توعية تنمو مع الشخص طوال فترة حياته وهذا حدث في دول كثيرة واستطاعت تغير ثقافة الشعوب تجاه هذه الأمور وأصبحت ثقافة الأسرة الصغيرة لا تحتاج لتوعية أو دفع من جانب الدولة بل أصبحت ثقافة شعب مثل تونس التي وصلت لمرحلة استقرار سكاني خلال الفترة الأخيرة من خلال استخدام وسائل تنظيم الأسرة وهو ما يوفر لهم حياة أفضل.
الزيادة السكانية خلال العامين الأخيرين بلغت 2.6 مليون مولود سنويا
ماذا نحتاج لترسيخ ثقافة الأسرة الصغيرة في مصر؟
لكي نصل لأن تكون هذه الثقافة هي السائدة في مصر لابد من وجود مشروعات يتم تحقيقها على الأمد الطويل، ولا يجب التأخر وأخذ قرارات عاجلة من خلال النظر في مناهج التدريس ووضع مناهج فاعلة والتحدث مع الشباب وتفعيل خدمات الإقبال على الزواج من خلال توفير أماكن تقدم المشورة للشباب قبل الزواج ليكون جزء من فكرهم ووعيهم.
من المؤكد أن هناك مناطق داخل مصر تتفاقم فيها المشكلة السكانية عن غيرها، ما هي؟
المؤشرات السكانية من المسح الديموغرافي أوضحت أن وجه قبلي وجنوب الصعيد تتفاقم فيها المشكلة أكثر من وجه بحري، وكمثال فإن أفضل محافظات وجه بحري في معدل الخصوبة الكلية هي الإسكندرية فعدد الأطفال لكل أسرة حوالي 2.1 ومعدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة 59% من السيدات في سن الإنجاب، في مقابل سوهاج في الوجه القبلي فالخصوبة الكلية أي معدل الأطفال لكل أسرة 4.3 وهنا نتحدث عن الضعف بالنسبة لوجه بحري وكأني أُقارن بين بلدين مختلفين كما أن معدل استخدام تنظيم الأسرة 29% من السيدات وهذه نقطة لابد من التوقف عندها.
وبتحليل الأرقام والبيانات وجدنا أنه في اسكندرية هناك استخدام لوسائل أضمن وفاعلياتها أكبر كـ "اللولب" فمدة كفاءته أكبر ومن الممكن أن يمتد حتى 12 سنة، بينما في سوهاج هذه الوسيلة استخدامها أقل وفي زيادة لاستخدام الحبوب التي تتأثر بالنسيان أو قلة الوعي باستخدامها وهذا الاضطراب ينتج عنه حمل في وقت غير مرغوب فيه وبأعداد زيادة، ولذلك لابد من وجود حملة إعلانية ممنهجة تستطيع أن تصل لشرائح مختلفة وتخاطبهم بلغة مفهومة بالنسبة لهم ودراسة العوامل البيئية التي تؤثر على الاقتناع بتنظيم الأسرة.
النمو السكاني في مصر يفوق النمو الإنتاجي بمراحل
اللجوء لوسائل تنظيم الأسرة يتأثر بعوامل دينية، ما رأيك؟
سواء الأزهر أو الكنيسة قالوا رأيهم منذ فترة رأيهما في تنظيم الأسرة وهو أنه لا يتعارض مع الأديان، ولكن هناك بعض رجال الدين الذين يوجهون هؤلاء بأن الإنجاب رضاء لله وتنظيم الأسرة يخالف الدين، ولذلك فهذه نقطة لابد الاهتمام بها وتكون محور ضمن التعامل مع القضية السكانية من خلال إزالة المعلومات المغلوطة من خلال الخطاب الديني وكذلك العديد من القضايا كالزواج تحت السن القانوني.
هناك تجارب في خفض أعداد الزيادة السكانية كتجربة الصين، في رأيك هل يمكن الاستعانة بها في مصر؟
هذه تجارب تم تطبيقها في بعض الدول بما يسمى الحوافز الإيجابية والسلبية، وخاصة إذا كنت دولة امكنياتي الاقتصادية لا تساعدني على توفير الرعاية لكافة المواطنين وبالتالي فأنا أضع شروط بتحديد طفل واحد لكل أسرة كما حدث بالفعل في الصين، ولكنها تراجعت الآن عن ذلك وبدأت في التفكير بأكثر من طفل، ولكن هذا نموذج حاد جدا ومن الصعب تنفيذه في مصر ومن الممكن استبداله بالدعم المشروط من خلال إعطاء الدعم للأسر الأكثر فقرا مع اشتراط ضرورة أن تباعد بين فترات الإنجاب وعدم زواج بناتها قبل السن القانوني وتعريض أبنائها للعمل في سن مبكر وهذه الشروط تصب جميعا في مصلحة الأسرة وهذا هو النموذج الأقرب للتنفيذ واستعانت به دول في أمريكا اللاتينية كالبرازيل والمكسيك.
وخلال المؤتمر العالمي للسكان في عام 1994جعل الإنجاب حق للأسر ولكنه مرتبط بالتوعية بخطورة الإفراط في الإنجاب، وتوفير الخدمات بتكلفة على قدر معيشة هذه الأسر حتى لا يكون سبب عدم لجوءها للخدمة هو ارتفاع تكلفتها ولا يتناسب مع امكانيتها المادية، ولكن لابد من وجود توازن بين التوعية بعد الإفراط في الإنجاب ومستوى الخدمة المقدمة، وربما تكون مؤسسات الدولة تعمل في هذا الإطار بأساليب مختلفة ولكننا في كل الأحوال ندعو باحترام الحق في الإنجاب كحق أساسي من حقوق الإنسان.
اللولب هو الوسيلة الأكثر فعالية لضمان تنظيم الأسرة
وما الحل الذي يقودنا إلى الاستقرار السكاني؟
احصائيا وفي البلاد مثل مصر كان لابد من تبنهيا حلول سكانية تهدف للوصول إلى معدل الإحلال، ويعني أن تظل مصر لفترة طويلة عدد سكانها في حالة ثبات أي أن المواليد الذين يدخلون في التركيبة السكانية يحلوا محل الوفيات فيحدث ما يسمى استقرار سكاني، وهذا يحدث عندما يكون مواليد كل أسرة حوالي 2.1، وكل الدول التي تبنت برنامج تنظيم أسرة قوي يتوفر فيه الاستدامة وهي عنصر هام وهو ما فقدناه لفترة نتيجة لظروف جدت على البلاد وتيار ديني سيطر على الأفكار خلال فترة، ولكن هذه تجربة لابد من الإستفادة منها، ولكي نصل في مصر لمعدل الإحلال لابد من أن يكون معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة يفوق الـ 70% ونحن الآن عند مستوى 59% تقريبا، ولذلك فلابد من توسيع الطلب على خدمة وتحسين جودتها لتشجيع الأسر على العمل بها بالإضافة إلى الاستدامة وهي تعني الاستمرار في استخدام الوسيلة وليس مجرد التجربة.
وما هي الخطة الزمنية لذلك؟
هذا غير متوقع أن يحدث خلال الـ 5 أو 6 سنوات القادمة ولكنه يحتاج لفترة أطول من ذلك وهذا لا يعني أن ننتظر، ولكن يكون سبب للتوعية أكثر لاستخدام وسائل تنظيم الأسرة بهدف تقليل الخصوبة والعمل على العوامل الأخرى التي تحدثنا عليها سابقا بالتوازي.
هل هناك عدد أطفال نموذجي لكل أسرة حتى نصل للمعدلات المتوازنة في الإنجاب؟
لكي أصل إلى عدد نموذجي لكل أسرة لابد أولا من أن أعمل على زيادة الوعي بمخاطر الإفراط في الإنجاب وتقديم خدمة متميزة ومن ثم أصل بقناعة الأسرة إلى تبنيها فكر الانضباط في الإنجاب، فيكون لدينا أسرة لديها طفل واحد وأخرى لديها اثنين وأخرى 3 الأهم أن تكون النسبة في المتوسط 2.1 وهو ما ينتج عنه معدل الإحلال وبالتالي لحالة الثبات السكاني.
وماذا بعد الثبات السكاني؟
حالة الثبات ستعطي للدولة الفرصة للتحسين من جودة الخدمات المقدمة وكذلك القضاء على قضايا وإشكاليات موجودة كالبطالة وختان الإناث والزواج المبكر ويبدأ الناس في الشعور بالعائد وهذا ما حدث في الدول التي قفزت اقتصاديا رغم تشابهها مع مصر في الموارد والإمكانات المادية ونفس عدد السكان منذ سنوات قليلة مثل كوريا واندونيسيا، ولكن الفرق هو أنهم لديهم ثبات سكاني عند 40 مليون كمثال، وهو ما مكنهم من عمل طفرات اقتصادية ومشروعات ضخمة ومصر قفزت لما بعد 90 مليون، والدولة التي تنفق على 60مليون بالطبع تختلف عن الدولة التي تنفق على 90 مليون.
قلت أنه مع استمرار معدل الزيادة سنصل إلى 120 مليون خلال 15 عام، هل بنجاح استراتيجية السكان يتغير هذا الرقم؟
نعم، هناك 3 سيناريوهات والأسوأ هو أن نظل كمان نحن وهو ما سيأخذنا لهذا العدد، وسيناريو آخر بقدرتنا على تعديل المؤشرات وتقليل الخصوبة وهذا سيوصلنا إلى رقم 115 بدلا من 120، والسيناريو الأفضل هو الوصول إلى معدل الإحلال بوصول معدل الخصوبة إلى 2.1 بدلا من 3.5 ومعدل استخدام الوسائل يرتفع لما بعد 70% وهو ما يجعلنا حوالي 112 مليون نسمة.
هل هناك تعاون من جانب مؤسسات الدولة مع الصندوق؟
جميع مكاتب الأمم المتحدة في مصر تعمل تحت مظلة برنامج إنمائي لمدة 5 سنوات، كل منظمة متخصصة في اتجاه معين، والخطة الخماسية تكون موقعة مع الحكومة المصرية، والصندوق يعمل على 3 جوانب أساسية وهي السكان والتنمية والمرأة والعنف ضدها والشباب والمراهقين، وعندما أتحدث عن المرأة وصحتها يكون التعاون الأكبر مع وزارة الصحة والقضية السكانية نعمل مع المجلس القومي للسكان، ونحن نتعاون في كل الظروف ولا يوجد لدينا صعوبة في التعاون لأن هدفنا واحد ويتم وضع خطط ونضع محاور نناقشها ونسعى لتطبيقها، وأنا أرى أن الدولة مهتمة جدا بقضايا المرأة والصحة الإنجابية.
تعداد السكان لدينا بالنسبة لدول الشرق الأوسط، هل يمثل خطورة؟
نحن في المقدمة وتعدانا أكبر من الدول المحيطة، ولكن الخطورة مرتبطة بظرووف معينة وكذلك مرحلة مختلفة، وبالنسبة لمصر فلديها وضع اقتصادي يحتاج لإعادة تهيئة كل المرافق، ونمو سكاني يفوق النمو الإنتاجي بمراحل ولذلك فنحن في مرحلة حرجة ولابد من وجود انضباط، على خلاف ما يحدث كمثال في ألمانيا فالمواطنون امتنعوا عن الإنجاب وأصبحت هذه ثقافة مجتمعية ولذلك فالدول أصبحت تعطي حوافز لمن ينجب لأنها أصيبت بشيخوخة المجتمع وأصبحت تجلب عمالة من الخارج.
ولكن كيف يمكن الاستفادة من هذه الزيادة؟
نحن نمر حاليا في المنطقة التي نعيش فيها بحالة استثنائية للتركيبة السكانية وهي ما تسمى النافذة الديموغرافية نتيجة للخصوبة العالية خلال المرحلة الماضية وزيادة نسبة الزواج أصبح المجتمع شبابي حيث أن 60% من سكان مصر تحت سن 29 سنة وحوال 30 إلى 33% في مرحلة الشباب من 15 إلى 15 عام، وهذه الشريحة إذا تم استغلالها بطريقة صحيحة سيكونوا قوة اقتصادية هائلة وعلى العكس إذا ظلت الأوضاع متردية ينتج عنها نوع من الاضطراب أو القلق والتأثير على الوضع الاجتماعي العام.
بعد إتمام مصر لآخر مراحل خارطة الطريق، ماذا ترى أنه لابد أن يؤخذ في عين الاعتبار خلال الفترة القادمة؟
نتمنى أن يكون في مجلس الشعب الحالي تبني لهذه القضايا السكانية وأن يكون هناك لجنة من أشخاص أكفاء يحبون مصر يتولوا هذه القضية ويتابعوها من خلال المجلس حتى نستطيع أن نمر من هذه المرحلة.
فيديو قد يعجبك: