لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

مصراوي يرصد قصص شباب مصري يرسم ملامح ''القتال'' في المنطقة

05:17 م الأحد 07 سبتمبر 2014

كتبت - نيرة الشريف:

من سوريا ومحاربة بشار حيث نبل الدافع ومحاولة وضع منطق مقنع لتبني القضية، إلي ''داعش'' في العراق حيث الرغبة في النجومية والتميز، والمشهد الهوليوودي بامتياز، بين المشهدين وقع شباب مصري أراد الجهاد النبيل فسافر إلى سوريا متبنيا أنه يساند المستضعفين الأشقاء ضد حاكمهم الظالم وشبيحته، تاركا ورائه بيته وأهله وعمله وأبنائه، لم يعز عليه شيء، تبنى قضية لا ناقة له فيها ولا جمل، ذهب ليقف في وجه الطوفان فقط لأنه لن يستطع أن يسمع ويصمت.

 

المشهد الأول:

لم يتجاوز عمر محمد عبد المجيد محرز السبع والعشرين عاما بعد، يعمل محاميا بأحد المكاتب الخاصة بالقاهرة، حينما اتخذ قراره للسفر للجهاد في سوريا كانت حياته بلا شيء يعكرها، فعمله مستقر وبيته هادئ، وابنته التي لازالت سنون عمرها تُعد علي أصابع اليد الواحدة تكبر أمام عينيه، لم يكن إسلاميا متشددا، لم يكن سلفيا ولا إخوانيا، بل كان مسلما معتدلا بلا انتماءات مسبقة سوى الوقوف مع المظلوم ضد الظالم.

 

فاتح محرز زوجته، الطبيبة الشابة التي لم يتجاوز عمرها الأربعة والعشرين عاما، في الأمر الذي يشغله وصارحها بنيته، فطلبت منه أن يبدأ في التحرك فورا، وقالت له إن هذا ما كنت تنتظره، إذا حصل على النصر فهذا شرف، وإذا نال الشهادة، فقد ضمن الجنة له ولابنته، بعدها ظل محرز نحو شهر يجالس شيوخ وعلماء دين من الأزهر، ويسألهم حول الحكم الشرعي للسفر بغرض الجهاد في سوريا، كانوا يسألونه هل لديك عمل ودخل؟ هل لديك بيت وأسرة؟ فكان يجيبهم بأن حياته أكثر انضباطا مما يتخيلون، وأنه لا يسعي للجهاد هربا من مشكلة ما هنا، وأنه مستقر في عمله وسعيد مع زوجته، لكنه يود الجهاد، وبعد أن توصل إلى إنه يجوز له شرعا السفر هناك للجهاد، اتخذ قرار السفر فورا، وفي شهر مايو عام 2012 تلقت زوجته نبأ استشهاده، حيث أصابه أحد القناصة برصاصة في رأسه أثناء تواجده بالصفوف الأمامية في مقدمة كتيبة الاستطلاع بالجيش الحر في معركة المعامل بحلب.

 

في مايو 2013 نشر موقع ''الآن'' الإخباري اللبناني، فيديو منسوب لجبهة النصرة السورية المعارضة، بإدلب، يشير إلى انضمام عشرات المجاهدين المصريين إلي صفوف القوات الإسلامية المعارضة لنظام الأسد، ويظهر الفيديو صور وأسماء لأشخاص، قال أنهم لمصريين، جاءوا من القاهرة للجهاد في سوريا، وأغلبهم قد استشهد على مدار العامين الماضيين، وكان من ضمن الأسماء: محمد محرز من محافظة الدقهلية، والتي أشار الفيديو بأنه جاء من القاهرة، وأظهر الفيديو صورة لأحمد رفعت -مصري، وهو بميدان التحرير، مضيفا أنه كان ممن سجنوا في عهد مبارك، وأنه قد سافر إلى ليبيا لدعم الثوار ضد نظام القذافي، ثم توجه في نهاية العام قبل الماضي إلى سوريا، وقد قتل في أحد معارك إدلب.

 

لمشاهدة الفيديو..اضغط هنا

يقول محمد أبو سمرة، الأمين العام للحزب الإسلامي الجهادي، الذراع السياسية لتنظيم الجهاد إن ''الشباب الإسلامي المصري الجهادي أخيرا قد وجد متنفسا للجهاد ولحمل السلاح، بدون أجهزة أمنية تتعقبهم، ولا جهاز أمن دولة يكتم أنفاسهم، وكما عرفنا من إخواننا بالخارج أن المصريين ينولون مناصب قيادية بتنظيم داعش''.

 

ويعلّق أبو سمرة على صغر سن هؤلاء الجهاديين قائلا ''الشباب المصري الغض الصغير يريد أن يخوض تجربة الجهاد كاملة غير منقوصة، ماذا يدفعني أن أجلس في مصر وأُقتل في اللامعركة، أو في معركة خاسرة كأفضل الأحوال، الأفضل أن نسافر ونخوض معركة جهادية كاملة''.

 

المشهد الثاني:

فتى مصري لم يتجاوز عمره الـ22 عاما، قضي سنوات عمره مع والديه في أيرلندا، ترك دراسته وعائلته وكل شيء وراء ظهره، وقرر السفر للجهاد في سوريا، هو حذيفة عبد الباسط السيد، استقرت عائلته الكبيرة المكونة من أعمامه وعماته في محافظة المنصورة، أما والديه وإخوته فاستقروا في أيرلندا منذ سنوات أكثر عددا من سنوات عمر حذيفة، وأصبحت علاقتهم بمصر متمثلة في عمر إجازاتهم السنوية التي يحرصون أن يروا عائلتهم خلالها.

''شاب هادئ الطباع، مينفعش تقول عليه متشدد دينيا أبدا لأنه مكانش يفرق حاجة عن أصحابه وأولاد أعمامه، مين قال إنه رايح سوريا عشان عاوز يموت؟ حذيفة كان عاوز يعيش، والدليل إنه كان متفوق في دراسته للهندسة، وكان بياخد دورات في التنمية البشرية عشان يطور من مهاراته ومهارات اللي حواليه، وكمان كان بيدرس دعوة ويحفظ قرآن عشان يشتغل في الدعوة في أيرلندا، إزاى حد كان حريص إنه يعمل كل ده بإجادة تامة نقول إنه كان عاوز يموت؟'' هكذا ردد المهندس محمود السيد، 71 عاما، عم الراحل حذيفة وزوجته سمية الطنطاوي، 59 عاما، حول صفات حذيفة.

ويضيف العم قائلا: ''هو راح سوريا بعد الصور والفيديوهات انتشرت على الانترنت عن اللي بيحصل هناك، واللي محدش مننا استحمل يشوفه، كلنا مستحملناش لكن هو لوحده اللي اتحرك، وهو لوحده اللي أخد قرار يسيب حياته في أوروبا ويروح يشاركهم هناك''، وبين مصر وأيرلندا كان الموت ينتظر حذيفة في سوريا.

مع انزلاق سوريا لبراثن الثورة المسلحة انضم عدد من الجهاديين العرب والمسلمين إلى الثورة ضد الأسد، باعتبارها جهاد لرفع الظلم عن أهل السنة، وأكد مواطنون سوريون لجريدة ''المصري اليوم'' في عددها الصادر في 11-9-2012 أن هؤلاء المجاهدين يحصلون على تمويل وتسليح أكبر بكثير من تلك التي تضم ضباط جيش وجنود منشقين أو شباب سوريين لا ينتمون إلى التيارات الإسلامية، ويؤكد أحد المواطنين السوريين أن أغلب الجهاديين الغرباء ''العرب'' من الخليج والسعودية وقطر والإمارات، وبعضهم من مصر.

يحلل دكتور ماهر فرغلي، باحث في شؤون الحركات الإسلامية، أمر مشاركة الشباب المصري صغير السن في الجهاد في سوريا والعراق قائلا: ''لابد أن نضع قاعدة يمكننا أن نبني عليها أو نفهم على أساسها، وهي أن تنظيم كتنظيم ''داعش'' هو إرهابي متطرف، ولابد أن نعرف أيضا أن التطرف مرض نفسي وخلل في المقام الأول''.

وأضاف ''هناك ثلاث عوامل حياتية تفعلها الدولة في عمومها والمجتمع في خصوصه يدفع أيا من أفراده للتطرف، هذه العوامل هي العامل الأمني والعامل الاقتصادي وقرارات السياسة الخارجية، فعندما يُمارس التضييق الأمني علي الأفراد، وتكون الظروف الاقتصادية للدولة سيئة مما يجعل الحالة المادية والاجتماعية لأفرادها غير مريحة، وقرارات السياسة الخارجية مبهمة وغير واضحة''.

وقال إن ''كل هذا مع غياب العدالة الاجتماعية يدفع الشباب الصغير الذي يحلم بالمدينة الفاضلة أن يحاول بنائها بالعنف وبيديه، هو يراها في تحقيق العدل والنصر علي حاكم ظالم، أو في بناء الدولة الإسلامية الفاضلة''.

المشهد الثالث:

من صالات الجيم والحفلات الصاخبة إلى الخيول والدبابات والسيوف، من متابعة صفحات الأجنبيات الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إلى الانشغال بسفك الدماء كلما أمكن، والتهديد بسفك المزيد، التحول الذي يلقي بأحدهم أن يحول اسمه من ''إسلام يكن'' إلي ''أبو سلمة بن يكن''، ذهب إسلام الشاب المصري الذي درس بمدارس ليسيه الحرية بحي مصر الجديدة، وتخرج من كلية الحقوق جامعة عين شمس عام 2013 إلي سوريا مقاتلا مع القوات المعارضة المسلحة، إسلام الذي لم يتجاوز عمره الآن الاثنين والعشرين عاما أصبح قاتلا، سافكا للدماء بدم بارد، مبررا لنفسه أن هذا لله، للدين، بعدما انضم لتنظيم ''داعش''...

''ممكن نقعد نشتغل شهور عشان نحوش قرشين، هنا بفضل الله ممكن نحوشهم في يوم، كل واحد يطلع له بـ5000 دولار، ومنهم من يتركونها أصلا'' هكذا كتب إسلام يكن على إحدى صفحاته الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي والتي أغلقها فيما بعد جميعا، أعلن إسلام على حسابه الشخصي على تويتر أنه طلب من والدته أن تأتي وتقيم معه وسيوفر لها شقة علي نهر الفرات، وألا يحملوا هم المطعم والمشرب، وحينما عبرت له عن تخوفها من عودة أصحاب الشقق هذه لاسترداد حقوقهم، قال لها أنهم ''ماتوا وشبعوا موت'' هكذا يلقي إسلام جزاء ''جهاده'' العاجل، ويأمل بضمير مرتاح في الجزاء الآجل أيضا

يرفض منتصر الزيات، محامي الجماعات الإسلامية، وصف الجهاديين المصريين الجدد بأن سنهم صغير أو غير مدركين لما يفعلون، ويؤكد علي رفضه هذا قائلا: ''اللي طالع من مصر طالع يناصر الشعب السوري والشعب العراقي وفقا لفتاوى تبيح له هذا، هو طالع يجاهد مع المجاهدين في هذه المحطات، وهو يعرف ويدرك ويعي ماذا يفعل بشكل جيد تماما، والبعض، وهذا استثناء، من يجد الواقع الجهادي في هذه المحطات مغايرا لما يتخيله، وده بيعدل عن قراره وبيرجع مصر، وقد رأيت هذا في عدة حالات''.

أبو عبيدة المصري، أبو بكر المصري، أبو طلحة المصري، وأبو سياف المصري.. كلها أسماء تتردد في صفوف تنظيم داعش، وكلها لمصريين انضموا لصفوف التنظيم راغبين في الجهاد المسلح، منهم من كان بسوريا قبيل التحاقه بالتنظيم، ومنهم من لقي حتفه أثناء إحدى العمليات المسلحة للتنظيم.

ويضيف أبو سمرة بفخر ''إحنا –المصريين- مسببين عقدة للأمريكان، لأننا لما بنخرج نشترك في تنظيمات جهادية بيبزغ نجمنا وبنتولى مناصب قيادية بسرعة كبيرة، وليس الدكتور أيمن الظواهري أبرز من في تنظيم القاعدة بمثال بعيد عنّا''.

وعن موقف الجهاديين المصريين من تنظيم ''داعش'' وهل يعتبرونه تنظيما إرهابيا أو جهاديا، يقول أبو سمرة ''لم نحدد موقفنا من تنظيم ''داعش'' حتى الآن، كل ما طالبناهم به هو: ضبط النفس والحد من العنف''.

ويؤكد الزيات على فخر أبو سمرة قائلا ''المصريون اللي بيشتركوا في تنظيمات جهادية بيتولوا مناصب قيادية مميزة في وقت قليل جدا، وهذا ليس بالشيء الغريب لأن الفكر الجهادي ليس غريبا عن مصر، فمصر لديها هذا الفكر متأصلا وقامت بتصديره منذ كتب سيد قطب، فلمصر موروث قديم من الكتب والفتاوي الجهادية''.

وعن ما يحدد خيارات الشباب في السفر إلى سوريا أو العراق يقول الزيات ''لا فرق بين من يسافر سوريا ومن يسافر العراق، فجميعها محطات جهادية فُتحت لمريدي الجهاد، فالمالكي بالنسبة للسني السلفي اللي طالع يجاهد هو طاغوت صنيعة الأمريكان يجب محاربته''.

ويرصد دكتور ماهر فرغلي الجيل الجهادي المصري ''الجديد'' قائلا: ''نحن أمام جيل الجهاد الفردي، أو الخلايا الجهادية الفردية، هم جيل جديد من الشباب، كل بنائهم الفكري تكفيري، وكل أفكارهم في محاربة العدو القريب والعدو البعيد، وقتال من بالداخل أولي من قتال من بالخارج، وغيرها من الأفكار، نحن أمام جيل أكثر شراسة وعنفا ودموية، وهذا يتضح أيضا من تسلسل التنظيمات، فتنظيم ''داعش'' أكثر عنفا ودموية من تنظيم القاعدة، الذي يبدو أكثر عقلانية وأكثر قدرة علي ضبط النفس وأقل تطرفا، ولا نستطيع أبدا أن نغفل أن الشباب المصري الذي ذهب للانضمام لتنظيم ''داعش'' لديه أيضا احتياج اجتماعي، فهو يريد مجتمعا جديدا يصور له كم هو عظيم وكم سيصبح عظيما أكثر''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان