إضراب عمال مصانع الطوب الطفلي.. ثلاثة أسابيع في انتظار الحل (تحقيق)
كتب- محمد قاسم ومحمد عادل:
تصوير- محمود بكار:
دخل إضراب عمال مصانع الطوب الطفلي في منطقتي أطفيح والصف بمحافظة الجيزة أسبوعه الثاني دون الاستجابة لمطلبهم برفع الأجور، رغم المفاوضات التي جرت بين ممثلين عن العمال وأصحاب المصانع وممثلين عن الحكومة.
ويطالب العمال برفع أجورهم بعد ارتفاع أسعار الوقود والأجرة والكهرباء. هؤلاء العمال أغلبهم لا دخل لهم إلا العمل في مصانع الطوب التي تمتد في صحاري مركزي الصف والتبين وجميعهم يعملون باليومية.
مصانع الطوب الطفلى تعتبر مورد أساسي
بداية الإضراب جاءت بعدما طالب العمال أصحاب المصانع برفع أجورهم إلا أن الأخيرين قابلوا الأمر بالرفض في البداية ثم قرروا بعد مفاوضات تدخل فيها ممثل عن وزارة القوى العاملة رفع الأجور بنسبة لم تعجب العمال الذي استمر كثير منهم في إضرابه وأجبر البعض الأخر على العودة للعمل تحت ضغط مطالب الحياة اليومية.
يقول طلبة عبد النعيم، 38 سنة، من قرية أطفيح، ورئيس عمال في أحد مصانع الطوب بالصف، إن الإضراب بدأ في التاسع من أغسطس الجاري عندما قطع عدد العمال طريق القاهرة – الكريمات الزراعي، والطريق الصحراوي الشرقي، ومنعوا السيارات من الوصول إلى منطقة المصانع في منطقة عرب أسكر والودي.
العمال قطعوا الطريق ومنعوا السيارات من الوصول إلى المصانع
وينقسم العمل في مصانع الطوب الطفلي إلى ثلاثة مراحل، الأولى تسمى ''الخط'' وهي العمل على خط تصنيع الطوب، والثانية تسمى ''الخضرة'' وهي مرحلة تجفيف الطوب تحت أشعة الشمس، والمرحلة الأخيرة، تسمى ''الحمرة أو الزاما''، وهي مرحلة إدخال الطوب ''الناشف'' في فرن مخصص ليخرج منه جاهز للبيع.
ويعمل طلبة في المرحلة الثالثة وتحت إمرته عشرات العمال الآخرين ''الأجريين''. ويوجد مثلهم الآلاف في أكثر من 1500 مصنع طوب طفلي في منطقتي صحراء الصف والتنين يعمل بهما عشرات الآلاف من العمال من مختلف أنحاء الجمهورية، غير أن الكثير من أهالي قرى مركزي الصف وأطفيح يعتمدون بشكل أساسي على العمل في تلك المصانع القريبة من محل سكنهم.
ويتمثل عمل طلبة ومن هم على شاكلته في تحميل الطوب من ''الفرن'' على سيارات النقل الثقيل التي تنقلها بدورها إلى المخازن ''التشوينات'' في القاهرة وغيرها من المحافظات لبيعه. ويصل سعر استخراج الألف طوبة ورصه على سيارة النقل من 14.5 جنيه، قبل غلاء الأسعار ورفع أصحاب المصانع سعر بيع الطوب.
لمشاهدة الفيديو.. أضغط هنا
ويوضح طلبة أن ممثلين عن العمال من بلدان مختلفة اجتمعوا وقرروا المطالبة بزيادة الألف طوبة للعامل ثلاثة جنيها ليصل سعره إلى 17 جنيه، الأمر الذي قابله أصحاب المصانع بالرفض. وفي المرحلتين الأولى ''الخط'' يرتفع سعر ألف الطولة من 7.5 جنية حتى 10 جنيه، وفي الثانية ''الخضرة'' من 13.75 إلى 16.25 جنيه.
وأشار طلبة إلى أن أصحاب المصانع رفعوا أسعار بيع الطوب بعد رفع الحكومة أسعار الوقود – المصانع تعمل بالمازوت والغاز الطبيعي - حيث وصل سعر ألف الطوبة (المخرم) أصبح 280 جنيا بعد أن كان سعره 220 و 230 جنيه، وسعر الطوبة (المُصمط) ارتفع من 160 و 170 إلى 220 و 230 جنيه للألف طوبة.
وفور إعلان العمال عن إضرابهم، اجتمع أصحاب المصانع الذين رأى بعضهم ضرورة زيادة العمال لكن بواقع جنيه واحد فقط على الألف طوبة في المراحل الثلاث، وأشار بعضهم إلى أن العمال يمارسون عملية ''لوي ذراع'' لذا لن يقبلوا ابتزازهم. وقرر بعضهم أغلاق المصانع لفترة حتى يُجبر العمال على كسر إضرابهم والعودة للعمل تحت ضغط الحاجة للمال، حيث أن أغلبهم لا دخل له إلا العمل في تلك المصانع.
يقول طلبة إنه مع طول فترة الإضراب اضطر بعض العمال إلى العودة للعمل مرة أخرى، خاصة وأنه ليس بأيديهم شيء يضغطون به على أصحاب المصانع وجميعهم لديهم مصادر دخل أخرى غير مصانع الطوب من أراض زراعية ومشروعات أخرى.
دوافع كثيرة أجبرت العمال على الإضراب عن العمل
وأشار طلبة إلى أن العمال في مصانع الطوب لا يملكون إلا صحتهم، وإذا حدث لهم مكروه فلا يوجد ما يضمن له حقوقه عند أصحاب المصانع؛ حيث أنه لا تأمين طبي أو اجتماعي ولا أي شيء ''اعتمادهم الأول والأخير على اليومية التي يتقاضونها''.
فيما قال ناجح الجمل، 45 سنة، عامل بقرية كفر قنديل، إن لديه 7 أبناء كيف يستطيع إعالتهم في ظل زيادة الأسعار المتزايدة مشيرا إلى أن كيلو اللحمة أصبح بـ 65 جنيها، وغيرها من المواد الأساسية متهما الحكومة بتجاهل الفقير والصمت تجاه تعنت أصحاب المصانع ضد العمال (الغلابة)، بحسب قوله.
وقال أحمد رمضان، 47 سنة، عامل في مصانع الطوب منذ أكثر من ثلاثة عقود، إن أصحاب المصانع لا يهتمون بالعامل على الإطلاق وما يهمهم هو جمع الأموال. وأضاف أن أحد أصحاب المصانع استهزأ من مطالبة العمال بعمل تأمين ورفع الأجور وقال ''أنا هاقفل المصنع خالص.. ونشوف هياكلوا منين''.
من جانبه، قال رجب معوض، عضو مجلس إدارة جمعية منتجي مواد البناء (نقابة أصحاب المصانع المستقلة) إن مجلس الإدارة اجتمع 3 مرات منذ بدء الإضراب وانتهى إلى زيادة العمال جنية واحد فقط.
وأوضح معوض أن الزيادة التي قدرتها الحكومة تتمثل في نسبة 7 في المئة من الأجر الأساسي وأنهم لم يخالفوا القانون وأن العمال هم من يتضررون جراء عنادهم، بحسب تعبيره، لكن معوض لم يشر إلى أن هؤلاء العمال لا تأمين لهم وأي شيء يضمن حقوقهم إذا أصيبوا أثناء العمل، على حد قوله أحد العمال.
وقال الحاج دسوقي حامد، صاحب أحد مصانع الطوب في الصف، إن رفع أسعار المواد البترولية كانت وراء رفع أسعار الطوب، إضافة إلى رفع أسعار المواد الغذائية الأخرى، مما دفع العمال إلى المطالبة بزيادة أجورهم.
أصحاب المصانع يرجعون إضراب العمال إلى زيادة أسعار الوقود
وأقر حامد أن ''رفع الأجور حق للعمال''.
لمشاهدة الفيديو.. أضغط هنا
وأضاف أن أصحاب المصانع لا يستطيعون الاستجابة لمطالب العمال برفع الأجور بمقدار ثلاثة جنيهات للألف في المراحل الثلاثة، في ظل ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والضرائب.
واشتكى الكثير من العمال من غياب الدولة وعدم تدخلها لتلبية مطالبهم.
إلا أن مصدر في مجلس مدينة الصف التي يقع في نطاقها الجغرافي عدد كبير من المصانع، أكد أن فؤاد سعيد وكيل وزارة القوى العاملة في المحافظة بحث إضراب العمال يوم الخميس قبل الماضي، بعد عشرة أيام من بدء الإضراب.
الحكومة وعدت بحل المشكلة منذ بداية إضراب العمال
وقال المصدر إن سعيد عقد اجتماعا حضره ممثلين عن الجمعية التعاونية لمنتجي مواد البناء (نقابة أصحاب مصانع الطوب الطفلي في مراكز الصف وأطفيح والعياط) وممثلين عن النقابة المستقلة للعاملين في مصانع الطوب.
وأوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن مندوب الوزارة استمع إلى مطالب العمال التي تمثلت في التأمين على العمال طبيا واجتماعيا فضلا زيادة الأسعار.
ولفت إلى أن أصحاب المصانع رفضوا بند زيادة أجر العمال على النحو الذي ذكره المحضر معتبرين أن العمال يستخدمون طريقة (لي الذراع) للضغط على أصحاب المال، وهو ما يرفضه أصحاب المصانع على أن الزيادة التي يطالب بها العمال كبيرة وأن لا ترتقي مع إنتاج المصنع ذاته.
وأكد أن وزارة القوى العاملة آل إليها الأمر ومحضر الواقعة وشكوى العمال تحولت إلى مفاوضة جماعية في مقر الوزارة، وأن الموضوع الآن في متناول وزارة القوى العاملة.
وحمل العمال الحكومة المسئولية عن تدهور أحوال العمال وظروفهم المعيشية، مؤكدين أنه إذا استمرت المشكلة دون بادرة لحل الأزمة سيكون القادم أسوأ، مما سيدفع البعض لسلك طرق غير مشروعة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: