حمزاوي: التنازل عن الحريات مقابل الأمن القومي مساومة غادرة
(دويتشه فيله):
أستاذ العلوم السياسية عمرو حمزاوي والنائب السابق في البرلمان المصري في مقابلة خاصة معDW عربية حول الوضع في مصر لا يرى تعارضا بين التمسك بالديمقراطية والتحديات التي تواجه المصريين بعد عام من الخروج عن المسار الديمقراطي.
مرت سنة على عزل مرسي، كيف تقيم الوضع الآن؟
عمرو حمزاوي: أعتقد أن هناك أمور لم تعد تقبل الكثير من الجدل بشأن رصدها، على عكس ما كان عليه الوضع قبل أشهر مضت. بالتأكيد مصر أمام انتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان والحريات، ولو كان هناك شك أو جدل أو محاولة للتبرير بأن الأمن القومي في خطر، فإن حدوث هذه الانتهاكات يمثل أحد معاول تهديد الأمن القومي والسلم الأهلي وليس العكس. التنازل عن الحريات مقابل الأمن القومي أو "الدولة الوطنية" مساومة غادرة تأتي من محاولة مقايضة المواطن على الحق والحرية من أجل الخبز والأمن والاستقرار، وهي مقايضة غير صحيحة، ولم يعد ممكنا الدفع بالصيغ التبريرية المعتادة بأن الدولة تحارب الإرهاب. نعم كل هذا يحدث، لكن السبيل الوحيد للمواجهة هو احترام القانون، وكل من تورط في التبرير للانتهاكات سواء بصيغ فاشية أو بالكلام حول العقاب الجماعي أو بنزع الإنسانية عن المختلفين سيسجل في مكان شديد السوء في حوليات التاريخ. كما أن هناك محاولة لفرض الصوت الواحد في الحياة السياسية، التي أري أنها أميتت، وسياسات منظمة تدفع المواطن بأن يلزم بيته، بينما يرتبط وجوده في الشارع بحالة الاستدعاء..أي حينما يُطلب منه النزول للتأييد، وإذا لم يلب المواطن النداء سيتم تخوينه مثلما حدث خلال الانتخابات الرئاسية تعليقا على عزوف المواطنين عن المشاركة. حالة من إحكام للسيطرة جوهرها إغلاق حق الإختيار، وتهجير المواطن من المجال العام، والكارثة أن النخب السياسية تورطت في ذلك حيث لم تعد تقوى إلا على تأييد المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية. كما لا توجد عدالة إنتقالية، وما أقصده بهذه العدالة ليس مواجهة الانتهاكات فقط، وإنما أن تطبق كذلك على كل من يتورط في العنف.
هل تعطل مسار التحول الديمقراطي في مصر؟
هناك خروج عن مسار تحول ديمقراطي، وبالتالي هناك تعطل لكافة الآليات الديمقراطية، حيث يتمّ طرد المواطن من المجال السياسي، طالما أنه غير مؤيد، وهناك محاولة لتجديد دماء السلطوية.
راهن البعض على إمكانية وجود جناح ديمقراطي داخل تشكيلة الحكم.. كيف تقيم هذا الرهان الآن؟
هذا ما يمكن تسميته بالرهان الخائب..النخب المدنية تقع الآن في موضع التابع، خاصة مع قبولها بمرشح للرئاسة من المؤسسة العسكرية، والتعامل مع هذه المؤسسة بمثابة المنقذ، والهيمنة الفعلية للمكون العسكرى على شئون الحكم، ولا أعتقد أن هناك حصاد خلال العام الماضي فيما يخص الديمقراطية.
هل تتوقع أن يتغير ذلك مع البرلمان المقبل؟
القوانين الخاصة بمجلس النواب ستفرز برلمان من الموالاة، وسيطرة للمال الانتخابي والعصبات التقليدية.هناك من يقول أنه يريد الترشح في الإنتخابات المقبلة ليكون الظهير السياسي للرئيس. وأتوقع ألا يقوم هذا المجلس بمهامه الرقابية، بل سيكون إعادة لما كان عليه مجلس الشعب المصري، قبل الثورة، حينما كانت أجندته التشريعية تأتي من خارجه.
هل ترى أن هناك شعبية لمطلب مثل الاستقرار على حساب الحريات؟
هذا المطلب غالبا ما تخاطبني بشأنه قطاعات شعبية واسعة تقول لي نحن نطالب بالعيش والاستقرار، و اعترف أن القوة الديمقراطية أساءتُ التعامل مع هذه المطالب ومن الضرورى ممارسة نقد ذاتي بهذا الشأن . نحن لم نقدم الكثير لتحسين ظروف الناس المعيشية بعد فبراير/ شباط 2011، حتى أن مجلس الشعب السابق لم يصدر تشريعا واحدا تلبية لها.
أين ترى موقع أصحاب الأصوات المطالبة بالديمقراطية الآن؟
أن تحاول الاقتراب اليومي من المواطن، أسوأ ما يمكن أن يقوم به أصحاب هذه الأصوات، والقوي الديمقراطية كذلك، هو الاستعلاء على الناس بحجة أنهم يريدون الاستبداد. حينما أتحدث مع الناس يقول لي بعضهم أنهم لا يصدقون الكلام الخاص بتخوين الأصوات المعارضة، حيث أسمع منهم من يقول نصدق أن لديك ضمير وتدافع عما تؤمن به باعتباره ما تراه الأفضل للبلاد، لكن هناك من يعتبر أن وجود خطر الإرهاب والعنف وتفجر المحيط الإقليمي يستدعي تأجيل الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وهنا دوري أن أؤكد لهم أن الدولة الوطنية القوية تكون بالعدل وبسيادة القانون وبالسلم الأهلي، بمشاركة الناس وليس قمعهم، وأن حماية الأمن القومي تأتي بالحفاظ على الحقوق والحريات في الداخل..مصدر قوة مصر أن تكون نموذج لدولة وطنية ديمقراطية من أجل جمع أشلاء الدول الوطنية المحيطة بنا.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: