بالمستندات.. نكشف إهدار 6 ملايين جنيه في إنشاء مجمع محارق طبية
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
-
عرض 10 صورة
تحقيق- علياء أبو شهبة:
6 ملايين جنيه، هذا هو إجمالي المبلغ الذي أنفقته وزارة الصحة من أجل بناء مجمع محارق طبية داخل المدفن الطبي الخاص بمحافظة الغربية، والمقام في مدينة السادات التابعة لمحافظة المنوفية بتخصيص صدر عام 2005، نظرا لأن الغربية ليس لها ظهير صحراوي نتيجة الزحف السكاني، والبناء العشوائي، وبعد ما تم إنفاقه لبناء مجمع المحارق أصبح مهددا بالإزالة.
''مصراوي'' حصل على نسخة من مستندات رسمية متبادلة بين وزارتي الصحة والإسكان، وجهاز شؤون البيئة، ومحافظة الغربية ووزارة الإسكان، من جهة أخرى.
القصة كشف عنها مصدر في وزارة الصحة رفض ذكر اسمه، قائللا إن البداية كانت بتخصيص قطعة أرض لمحافظة الغربية في مدينة السادات التابعة لمحافظة المنوفية، لبناء مدفن صحي، تبعه بناء مجمع محارق تكلف ما يقرب من 9 ملايين جنيها، وبعد إنفاق هذه التكلفة الباهظة يطالب كلا من جهاز شؤون البيئة، ورئيس مدينة السادات، ووزارة الإسكان، بهدم مجمع المحارق لمخالفته قرار البناء الذي يقتصر على بناء المدفن الصحي فقط، فضلا عن تأثير المحارق على مدينة السادات بوصفها مدينة استثمارية.
أشار المصدر إلى أن إعتراض البيئة لم يصدر في وقت مبكر، وإنما جاء بعد إنفاق وزارة الصحة لملايين الجنيهات من أجل بناء مجمع المحارق، فضلا عن أن موافقة كلا جهاز مدينة السادات ووزارة الإسكان التي خصصت قطعة الأرض منذ البداية لمحافظة الغربية كانت لإقامة مدفن صحي وبالتالي فكرة التخلص من المخلفات في مدينة السادات ليست جديدة لكي تصبح فجأة معطلة لإقبال المستثمرين بعد إنفاق وزارة الصحة للملايين.
رفض جهاز مدينة السادات
في المقابل قال المهندس خالد أبوالعطا، رئيس جهاز مدينة السادات، ل''مصراوي'' إن جهاز المدينة ملتزم بما جاء في القانون، موضحا أن ترخيص البناء بعد تخصيص قطعة الأرض كان يخص بناء مدفن صحي للمخلفات الصلبة وفقا للمواصفات التي وضعها جهاز شؤون البيئة، لكن وزارة الصحة خالفت الترخيص ببناء مجمع محارق للنفايات الطبية يضم 5 محارق، تضم مخلفات طبية خطرة تنقل مسافة طويلة من محافظة الغربية لكي تحرق في السادات بمخالفة القانون الذي ينص على حرق المخلفات في مصادرها على أن يكون النقل استثنائي، ولأقرب مكان متاح.
أضاف أبو العطا في تصريحاته ل''مصراوي'' أن حالة الطرق في محافظات الدلتا بوجه عام سيئة بشكل لا يضمن النقل الأمن للمخلفات الطبية الخطرة، فضلا عن الحالة السيئة للسيارات المستخدمة نقل المخلفات.
مخالفة قرار التخصيص
تابع رئيس مدينة السادات حديثه قائلا إن المدينة لها وضع خاص لأنها مدينة جديدة متنوعة النشاطات، ومستوى الخدمات فيها يختلف عن العشوائيات، موضحا أنها مدينة متكاملة تضم نشاط زراعي ومشاريع تنموية وزراعية وصناعية، وليس من المنطقي توقف كل ذلك من أجل محرقة نفايات، متسائلا عن إمكانية التخلص من نفايات الغربية داخل المحافظة نفسها.
وأشار أيضا إلى عدم موافقة مجلس الأمناء والمجتمع المدني على وجود مجمع المحارق نظرا لتأُيره على مصلحة المدينة، علاوة على مخالفته لقرار التخصيص.
الإسكان ترفض مجمع المحارق
كشفت المستندات التي حصل ''مصراوي'' على نسخة منها وجود خطاب موجه من دكتور مصطفى كمال، وزير الإسكان، إلى وزارة الصحة يفيد أن موافقة المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان عند بناء المدفن الصحي لم تتضمن إقامة أي محارق طبية بل اشترط تقديم دراسة لتقييم الأثر البيئي وفقا للقانون 4- لسنة 1994.
وفقا للمستندات التي حصل عليها مصراوي، تقدم دكتور مصطفى مدبولي، وزير الإسكان بخطاب رسمي إلى دكتور عادل عدوى وزير الصحة أشار فيه إلى قرار المهندس إبراهيم محلب وزير الإسكان سابقا، بتخصيص أرض المدفن الصحي في مدينة السادات التابع لمحافظة الغربية نظرا لعدم امتلاكها ظهير صحراوي، وأنه القرار اشتمل على بناء مدفن صحي وتقييم الأثر البيئي وفقا للقانون، وليس إقامة مجمع محارق.
وجاء فيه أيضا أن المدفن يؤثر بالسلب على البيئة والاستثمار في مدينة السادات، إضافة إلى اعتراض المجتمع المدني، ومن أسباب رفض وجود المحرق الصحي وفقا لما جاء في الخطاب الرسمي الموجه إلى وزير الصحة، مخالفة المحرق لقانون البناء رقم 119 لسنة 2008 بإقامة منشآت مجمع المحارق في المدفن بدون ترخيص، ومخالفة البند الثالث من المادة 38 باللائحة التنفيذية لقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994، علما بأن جهاز شؤون البيئة طالب عدة مرات بالمستندات الخاصة بالموافقة على إقامة المحارق منها موافقة المجتمع المدني، وجهاز المدينة.
الصحة تدافع عن مجمع المحارق
وفقا للمستندات التي حصل مصراوي على نسخة منها، قدمت وزارة الصحة خطاب رسمي يحمل توقيع كل من دكتور زين العابدين الطاهر، مدير عام الإدارة العامة لصحة البيئة، ودكتور حسام الدين حسني، مدير وحدة إدارة النفايات، دكتورة أفضال عبدالغفار، رئيس الإدارة المركزية لشؤون البيئة، جاء فيه أن المحارق الفرنسية الموجودة في هذا المدفن الطبي حاصلة على موافقة لجنة المواد و النفايات الخطرة المكلة بقرار وزاري، وبها ممثلين من جامعة القاهرة و جهاز شؤون البيئة وتم تجربتها و قياس الانبعاثات الخطرة الصادرة منها أثناء تشغيلها، وتبين أنها وفق المعدل المسموح به وفقا لقانون البيئة وتعديلاته، وأن الجهة الموردة لهذه النوعية من المحارق هي الهيئة العربية للتصنيع، وهي جهة مشهود لها بالكفاءة والثقة.
وأفادت وزارة الصحة في خطاب إلى وزير الإسكان أنه تم تخصيص مساحة 2400 متر مربع لإقامة مجمع محارق في المدفن الصحي في مدينة السادات وذلك بتاريخ 4 يونيو عام 2011، وذلك في ضوء القرار الصادر رقم 120 لسنة 2005 بشأن إقامة مدفن لمحافظة الغربية بهدف التخلص من النفايات الطبية، وبناء على ما سبق تم إنشاء مجمع للمحارق و بناء 5 محارق جديدة في داخله.
بعد إعتراض رئيس مدينة السادات على وجود المحارق خاطب اللواء محمد نعيم، محافظ الغربية، وزير الإسكان السابق بتاريخ 22 سبتمبر عام 2013 لإعفاء المحافظة من الغرامات ورسوم الترخيص، وعدم إزالة محارق المخلفات الطبية التي تم تركيبها بالمدفن الصحي بمدينة السادات نظرا لحاجة المحافظة لها.
''الرباط'' تطلب الترخيص للمحارق
كانت دكتورة مها الرباط، وزيرة الصحة السابقة في حكومة الدكتور حازم الببلاوي، وفقا للمستند الذي حصل مصراوي على نسخة منه، خاطبت المهندس إبراهيم محلب عندما كان وزيرا للإسكان بتاريخ 26 فبراير عام 2014، لإعفاء مجمع المحارق من دفع الغرامات ورسوم الترخيص وعدم إزالة المحارق نظرا لحاجة المحافظة الملحة لها، بعد إعتراض رئيس مدينة السادات على وجودها نظرا لعدم شمول القرار الوزاري على ما ينص ببناء محارق لأن قرار البناء ينص على إقامة مدفن صحي فقط للتخلص من النفايات الصلبة.
وطالبت الرباط في خطابها لمحلب وزير الإسكان أنذاك باستصدار قرار وزاري بتخصيص مساحة 2400 متر مربع داخل المدفن الصحي لبناء مجمع المحارق في إطار الموافقة السابقة ببناء المدفن الصحي.
إعتراض البيئة
بتاريخ 4 أغسطس عام 2013 خاطبت دكتورة ناهد يوسف، رئيس الإدارة المركزية لتقييم التأثير البيئي، دكتور يسرى أحمد حسين، رئيس الإدارة المركزية لشؤون البيئة في وزارة الصحة، جاء فيه عدم إستيفاء البيانات الخاصة بمجمع المحارق من أجل تقييم الأثر البيئي، والتي تم المخاطبة بشأنه من قبل بتاريخ 31 مارس عام 2013.
طالب الخطاب الإدارة المركزية لشؤؤون البيئة في وزارة الصحة بمحضر معاينة معتمد من جهاز مدينة السادات بصفتها الجهة الإدارية المختصة، يوضح استخدامات الأراضى المجاورة و تحديد إتجاه الرياح، والمسافة بين مجمع المحارق وأكبر كتلة سكنية، إضافة إلى الموافاة بموافقة جهاز مدينة السادات على المشروع ، وبيان كيفية التخلص النهائي من الرماد الناتج عن تشغيل المحرقة بطريقة أمنة بيئيا، حيث ورد أنه سيتم التخلص منها بالدفن في نفس الموقع بدون توضيح مواصفات الخلايا، ومدى صلاحية المدفن لاستقبال مخلفات خطرة.
مواصفات المدفن الصحي
من جانبه أوضح دكتور عماد حمدى، مدير إدارة التفتيش البيئي بالقاهرة ، أن عملية نقل المخلفات الطبية لها قواعد صارمة أهمها وزن المخلفات قبل تحميلها من المستشفى داخل غرفة النفايات الخطرة، وعند وصولها إلى المدفن الصحي، وكتابة تاريخ تحميلها والوقت، مع حساب تقديري لتوقيت وصولها للمخازن، وهي إجراءات هدفها التصدى لعمليات بيع المخلفات البلاستيكية على رأسها الإبر، التي تستخدمها مصانع ''بير السلم'' ٌعادة تصنيعها واستخدامه مرة أخرى، وهو بمثابة كارثة بيئية.
كما أشار مدير إدارة التفتيش البيئي في القاهرة، إلى أن السيارات المستخدمة في تحميل المخالفات لها مواصفات أهمها توفر فتحات للتهوية، ومجرى لصرف السوائل، وبعد تسليم المخلفات تغسل السيارات ويغسل الصندوق المستخدم في نقل المخلفات بالمواد المطهرة، إضافة إلى تجهيز العين التي سوف يتم فيها الدفن.
أما عن مواصفات المدفن الصحي أوضح دكتور عماد حمدي أن غالبية المدافن الصحية في مصر غير مطابقة للمواصفات بإستثناء مدفن موجود في الإسكندرية، موضحا أن المدفن عبارة عن قطعة أرض فضاء يتم الحفر فيها لدرجة عمق محددة يتم بعدها استخدام عوازل لمنع وصول المخلفات لأعماق التربة بعد تحللها، حتى ينتهى الحفر في كافة أنحاء قطعة الأرض بشكل منظم مع استخدام العوازل، بعدها يمكن اسخدام الأرض كحدائق على سبيل المثال.
أكمل قائلا في وصفه لمواصفات المدفن الصحي الأمن أنه ينبغي أن يتوفر به قاعدة خرسانية لتجنب حدوث رشح نتيجة تحلل البكتريا العضوية، مشيرا إلى إمكانية استخدام غاز الميثان الناتج عن تحلل المخلفات في توليد الطاقة، وهو ما حدث بالفعل وتمت تجربته في مدينة طوخ في محافظة القليوبية، والتي تم فيها توليد الطاقة من روث الحيوانات، موضحا أنه مصدر هام ونظيف للطاقة.
خلال السنوات الماضية حدثت وقائع يعتبرها مدير إدارة التفتيش البيئي في القاهرة، بمثابة كوارث بيئية، نتيجة الإهمال في التخلص الأمن من النفايات الطبية و رميها مع القمامة العادية، فكانت الحيوانات على سبيل المثال يختلط بأقدامه الدم الملوث الملقى وسط القمامة، ما دفع إلى التوسع في إنشاء المحارق الطبية التي تصنعها المصانع الحربية لحل الأزمة، ودفن الرماد الناتج عن حرق المخلفات الصلبة، إلا أن الدخان الناتج عن حرق المخلفات أثار الكثير من الشكاوى، ونتج عن ذلك نقل عملية حرق المخلفات الطبية إلى خارج المحافظات، وهو ما بدأ تطبيقه بالفعل في مقلب أبوزعبل، والجيزة، وشبرامنت.
واقعة فساد داخل المدفن
''مصراوي'' تواصل مع أحد العاملين في محافظة الغربية، والذي رفض ذكر اسمه، وكشف عن مخالفات تتم داخل المدفن الصحي تقدم بشكاوى بشأنها إلى الجهات المسؤولة لم يلتفت لها، وتعرض للتعنت و نقله من عمله.
المخالفات التي كشف عنها المصدر تمثلت في بيع وتهريب قطع ''المشمع'' المستخدمة في عزل المخلفات عن سطح التربة، والتي أوضح أن سعرها المرتفع يدفع البعض لبيعها ودفن المخلفات بدونها ما ينذر بكارثة بيئية، مضيفا أن نظام الدفن الذي يتضمن وجود 8 خلايا يتطلب وجود عزل تام للمخلفات وعند تجاوزه ينبغي دفع مخالفة مالية، ومع تكرار المخالفات من مقاولين النقل التي ينبغي أن تصل إلى 20 ألف جنيها شهريا، يتم توريد مبلغ 5 ألاف جنيها على سبيل المثال لخزينة الدولة بينما يقتسم الموظفون ما تبقى.
وأضاف المصدر أن المخالفات التي يشهدها المدفن الصحي في مدينة السادات تعد بمثابة إهدار المال العام بكافة أشكاله أولها أن المدفن تحول من مدفن صحى تكلف الملايين إلى مجرد مقلب للقمامة، مضيفا أن عصارة القمامة تتسرب للمياه الجوفية لمدينة السادات وتلوثها لشمولها على أكياس دم ملوث وسرنجات ملوثة مع القمامة، بالإضافة للاشتعال المستمر للحرائق داخل المدفن نتيجة سوء التشغيل.
ومن ضمن المخالفات التي أشار إليها المبالغة في سعر تكلفة نقل القمامة من محافظة الغربية إلى مدينة السادات، والتي تكلف المحافظة ما يقرب من 14 مليون جنيها سنويا، بإجمالي 80 مليون جنيها منذ عام 2007، مع العلم أن المسافة بين الغربية إلى السادات لا تزيد عن 150 كيلو.
مصدر مصراوي أشار إلى تقدمه بشكاوى إلى النيابة الإدارية بشأن المخالفات السابق ذكرها في شهر يوليو عام 2012، وشكاوى أخرى إلى هيئة الرقابة الإدارية في شهر ديسمبر عام 2012، حتى الآن لم يتم بحثها.
كما أشار إلى تقدمه بشكوى للمستشار محمد عبد القادر، محافظ الغربية، في شهر يوليو عام 2012، بالمخالفات الموجودة بالمدفن تم إحالتها إلى مكتب المتابعة لفحصها، وأقرت اللجنة بصحة ما جاء في الشكوى وتم تحويلها الى النيابة الإدارية بتاريخ 10/10/2012 ، بعدها نقل تعسفيا من عمله في ديوان عام محافظة الغربية.
وأشار أيضا إلى أن إدارة المدفن طلبت ''دفتر بونات'' من محافظة الغربية مقابل 45 ألف جنيها لتمويل المعدات داخل المدفن بالسولارحسب معدلات التشغيل الفعلية، على الرغم عدم وجود معدلات تشغيل للمعدات.
أوضح المصدر أيضا أن مدفن السادات به 20 خلية كل خلية تبلغ مساحتها مثل ملعب كرة قدم ويبلغ عمقها حوالى 20 متر يتم فرشها بالرمال ثم طبقة من ''مشمع'' من نوع خاص لمنع تسريب العصارة، ويتم وضع 30 سم من القمامة ثم 30 سم من الرمل وكبسهم، حتى الوصول إلى مسافة تبعد عن سطح الأرض بحوالي 15 متر، ثم يتم وضع عوازل وتربة، وزراعتها.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: